موسـكو تشـدّد علـى الحـوار ورفضـها تدويـل الملـف السـوري
تمسكت روسيا، أمس، بمعارضتها لأي محاولة لتدويل الملف السوري عبر فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على دمشق، لكنها أشارت إلى استعدادها لبحث مشروع قرار «لا يمكن تأويله لتبرير أي تدخل خارجي مثل الذي حصل في ليبيا»، وذلك فيما كانت دول غربية وعربية تواصل العمل في نيويورك لتدويل الملف.
في هذا الوقت، أبلغ وزير الخارجية السوري وليد المعلم رئيس بعثة المراقبين العرب إلى سوريا محمد احمد مصطفى الدابي «التزام سوريا بالتعاون الكامل مع بعثة المراقبين»، لكنه شدّد على «واجب الحكومة في حماية مواطنيها، ووضع حد لجرائم المجموعات المسلحة وأعمالها
التخريبية»، فيما اتهمت السلطات «مجموعة إرهابية» باغتيال كاهن في حماه ومدير الهلال الأحمر العربي السوري في إدلب.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي أحمد داود اوغلو في موسكو، «ليس بإمكاننا الموافقة على أي اقتراحات تهدف إلى أن يفرض مجلس الأمن الدولي عقوبات بصورة أحادية الجانب من دون مشاورات مع روسيا والصين وبلدان مجموعة دول بريكس الأخرى» التي تضم أيضاً البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، مؤكداً أن «إقرار مثل هذه العقوبات الأحادية يشكل موقفاً غير نزيه وغير مثمر».
وتابع إن أي قرار تدعمه روسيا «يتعين أولاً أن ينص بوضوح على عدم إمكان استخدامه أو تأويله لتبرير أي تدخل عسكري خارجي كان في الأزمة السورية»، مشيراً إلى «استعداد روسيا للحوار حول نص القرار مع جميع أعضاء مجلس الأمن». وأوضح أن «مشروع القرار الروسي ما يزال مطروحاً على طاولة المفاوضات وما تزال المشاورات جارية بشأنه، وأن موسكو منفتحة أمام أي اقتراحات إيجابية تتوافق مع المهمة المطروحة والمتمثلة بوقف أي عنف وأن يشمل تحقيق هدف وقف العنف التأثير على جميع الذين يحملون السلاح في سوريا».
وتابع «نعتقد أن مقاربتنا عادلة ومتوازنة، بعكس محاولات تمرير قرار من جهة واحدة يدين طرفاً واحداً، وبهذا يشجع الطرف الآخر على زيادة المواجهة والتصلب في موقفه». وقال «لقد رأينا هذا الأمر في ليبيا، ولن نسمح بأن يتم تكرار السيناريو الليبي».
وأشار لافروف إلى «استعداد روسيا لاستضافة مفاوضات بين مختلف القوى السياسية السورية من دون شروط مسبقة»، مؤكداً «ترحيب موسكو بأي خيار يناسب الجميع لإجراء حوار سياسي». وقال «من المهم أن نحث جميع السوريين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والابتعاد عن المجموعات المسلحة»، مشيراً إلى «مطالب الجامعة العربية إزاء هذه المجموعات التي يتوجب عليها وقف العنف».
وفيما يتعلق بمطلب الجامعة العربية الأخير حيال سوريا ودعوة الرئيس السوري بشار الأسد لنقل السلطة إلى نائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية خلال شهرين، أكد لافروف «وجوب بدء الحوار الداخلي بين جميع القوى السورية من دون أي شروط مسبقة». وقال «إننا ننطلق من أن جميع المشاركين في هذا الحوار سيتولون مهمة التوصل إلى وفاق وسيتحلون بالمسؤولية إزاء مصير بلدهم وشعبهم».
وأعلن لافروف أن «لدى روسيا وتركيا مواقف مبدئية، ويبدو لي أنها متطابقة، فنحن ندعو بلا شك إلى وقف العنف في سوريا مهما يكن مصدره، والى تسوية سلمية للازمة السورية، والى أن تسهم القوى الخارجية في ذلك، ونحن نقف كذلك ضد أي تدخل عسكري من الخارج في سوريا». وقال إن «الوضع في سوريا غير بسيط، وليست هناك حلول سهلة، ولكننا سنواصل الحوار والعمل مع جميع الأطراف السورية».
واعتبر داود أوغلو، رداً على سؤال عن الأزمة في سوريا، أن «تركيا تؤيد مطلب أي شعب في أي بلد بتغيير الحياة نحو الأفضل، ولكنها لا تتدخل في شؤون هذه البلدان». وذكر أن «السلطات السورية لم تنفذ وعودها بإجراء الإصلاحات إلى الآن»، مشيراً إلى «أنهم لم يفعلوا شيئا».
وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، عقب اجتماع بين مبعوث الرئيس الروسي الخاص للشرق الأوسط نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف والسفير الجزائري في موسكو إسماعيل شرقي، إن «الجانبين أكدا استعداد البلدين للمساهمة في تسوية الأزمة في سوريا من خلال إجراء حوار وطني شامل».
وجاءت تصريحات لافروف بينما أجرى مسؤولون روس وأميركيون محادثات في موسكو حول الأزمة في سوريا. وقالت السفارة الأميركية في موسكو إن مساعد وزيرة الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان والمنسق الخاص فريد هوف عقدا اجتماعات في موسكو «ركزت بالأخص على الأحداث الأخيرة في سوريا». وأضافت «اتفقنا على مواصلة التنسيق الوثيق بين الولايات المتحدة وروسيا في الشأن السوري خلال الأسابيع المقبلة».
وكان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني كتبا خطاباً مشتركاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لعقد اجتماع من اجل الحصول على دعم مجلس الأمن الدولي للخطة العربية الجديدة حول سوريا.
وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن الولايات المتحدة ودولاً أوروبية تعمل مع قطر والمغرب، العضو في مجلس الأمن، على مشروع قرار جديد ينص على دعم المجلس «لمبادرة الدول العربية لتسهيل عملية انتقال سياسي تقود الى نظام سياسي تعددي وديموقراطي من خلال نقل السلطة من الرئيس وإجراء انتخابات حرة وشفافة تحت مراقبة عربية ودولية». ولا يتضمن مشروع القرار عقوبات على سوريا.
وفي دمشق، التقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم الفريق الدابي «حيث تمّ خلال الاجتماع استكمال بحث مهمة المراقبين في ضوء موافقة سوريا على تمديد عملها شهراً ثانياً».
وذكرت وكالة (سانا) إن «الدابي قدم عرضاً حول التقرير الذي قدّمه لوزراء الخارجية العرب (الأحد الماضي) ورؤية بعثة مراقبي الجامعة للأوضاع في سوريا والتي تمّ إبرازها في التقرير»، مؤكداً «عزم البعثة على التمسك بالحيادية والموضوعية كمنهج للعمل لتنفيذ البروتوكول الموقع بين سوريا وجامعة الدول العربية».
من جهته، أكد المعلم «التزام سوريا بالتعاون الكامل مع بعثة المراقبين وتقديم كل التسهيلات لها لإنجاز مهمتها في ضوء التفويض الممنوح لها، رغم العراقيل التي يتم وضعها في طريق عمل البعثة من أطراف لا ترغب في إظهار حقيقة الأوضاع في سوريا تنفيذاً لأجندات خارجية باتت واضحة المعالم».
وشدد المعلم على «واجب الحكومة السورية في حماية مواطنيها، ووضع حد لجرائم المجموعات المسلحة وأعمالها التخريبية التي تطال المدنيين وعناصر الأمن والمؤسسات العامة والخاصة».
وغادر المراقبون الخليجيون المشاركون في بعثة المراقبين العرب دمشق.
ذكرت «سانا» إن «مجموعة إرهابية مسلحة اغتالت الاب باسيليوس نصار الكاهن في بلدة كفربهم (ريف حماه) عندما كان يقوم بإسعاف رجل مصاب في حي الجراجمة بحماه». وقالت «لجان التنسيق المحلية» إن مقتل نصار تمّ «أثناء الحملة العسكرية من قوات النظام على المدينة».
وقالت رئيسة عمليات اللجنة الدولية للصليب الأحمر للشرقين الأدنى والأوسط بياتريس ميغفان روغو «علمنا بوفاة عبد الرزاق جبيرو مدير فرع الهلال الأحمر العربي السوري في ادلب. وكان جبيرو في طريقه بالسيارة من دمشق الى ادلب وقتل رمياً بالرصاص. ظروف مقتله ما زالت غير واضحة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد