نساء مصر ينتفضن ضد دستور «الإخوان»
طابور طويل وآخر أقصر. سيدات وفتيات. أمهات وبناتهن. محجبات وغير محجبات. بدأت الحديث سيدة خمسينية محجبة تقف في الطابور الأطول: «المرّة اللي فاتت في انتخابات الرئاسة كانت اللجنة دي طابورها أقصر». بمجرد ذكر انتخابات الرئاسة، ورد اسم الرئيس محمد مرسي وجماعة «الإخوان المسلمين».
كانت هذه إشارة البداية: هجوم حادّ على مرسي وأدائه، وهجوم مماثل على جماعة «الإخوان المسلمين».
«سأقول لا طبعاً ... أنا قرأت الدستور مادة مادة ... هذا دستور عار». جملة قالتها إحدى الشابات لتبدأ حلقة نقاش بين مجموعة من الناخبات حول الدستور. كلهن مصممات على رفضه، وكلهن يؤكدن على أنهن لن يسمحن لـ«الإخوان المسلمين» بالسيطرة على مجريات الأمور في مصر، لأنهم على حد تعبير إحداهن «خربوا البلد».
ربما لا تكون هذه اللجنة معبرة عن الوضع في باقي لجان مصر في استفتاء أمس الأول على الدستور. وربما تأتي النتيجة النهائية للاستفتاء بالموافقة على الدستور. لكن الأكيد أن وجود النساء ومشاركتهن السياسية، يزداد بوضوح من استفتاء لآخر، ومن انتخابات إلى أخرى، ليظهر تواجدهنّ واضحاً وجلياً في استفتاء أمس الأول.
في شهادة منشورة على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، ترصد أميرة حازم حادثة جرت قبل الاستفتاء بيومين في إحدى عربات مترو الأنفاق المخصصة للسيدات. «فتاة توزع ورق (لا) للدستور، فردت عليها سيدة ترتدي خماراً ومعها ابنتها قائلة: يا جماعة الكلام ده كله كذب، اقرأوا الدستور ثم احكموا». وما أنهت هذه السيدة جملتها حتى بدأ الهجوم عليها من الراكبات.
ما قالته السيدات هو المهم ويدلّ على وعي ومعرفة ببنود الدستور المقترح: «مستحيل نوافق.. سيلغون التأمين الصحي .. والتعليم أيضاً ستكون فيه مشاكل.. انتو اللي طابخين الدستور ده وعاوزين تقعدونا في البيت».
الرفض امتدّ أيضاً ليطال جماعة «الإخوان المسلمين»، التي ترى السيدات أنها وراء هذا الدستور: «البلد دي بلدنا مش بتاعة الإخوان الخونة اللي موّتوا العيال في (قصر) الاتحادية».
الناخبات في إحدى لجان منطقة مدينة نصر في القاهرة، كن أبطال قصة أخرى، أما البطل فهو نائب مرشد جماعة «الإخوان المسلمين»، خيرت الشاطر. الشاطر توجه إلى المدرسة للإدلاء بصوته، ودخل اللجنة متخطياً من سبقوه في الدور، فيما أغلق المشرفون عن الاستفتاء باب المدرسة ومنعوا دخول أي شخص آخر لحين انتهاء نائب المرشد من التصويت. وبعد خروجه كانت في انتظاره المفاجأة، فقد استقبلته الناخبات بالهتاف «باطل .. باطل»، و«يسقط يسقط حكم المرشد».
الإقبال النسائي الكبير على التصويت، قابلته محاولات، رصدتها منظمات المجتمع المدني التي قامت بالمراقبة على الاستفتاء، لتعطيلهن في الطوابير لأوقات طويلة حتى تمل الناخبات ويرحلن. المنظمات أكدت أيضاً أن هذا كان أمراً مقصوداً خاصة في المناطق المشكوك في احتمال أن تصوّت بـ«لا».
في بلد تعيل النساء فيه حوالي ثلث المجتمع، لا يمكن أن نتحدث عن نظام يمنع مشاركة المرأة في سوق العمل أو يقيد تواجدها في الحياة العامة. ربما لا يكون للمرأة في مصر تمثيل سياسي ملموس في المجالس المنتخبة أو في المناصب القيادية في الأحزاب السياسية، لكن مما لا شك فيه أن أي محاولة لمنع النساء من «كسب لقمة العيش»، ستكون نتيجتها «لا» قوية مدوّية.
دينا جميل
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد