هجوم غربي منسّق على دمشق لإذكاء نيران الحرب بدلا من مياه السلام
سارعت واشنطن ولندن وباريس وبرلين الى اتهام النظام في دمشق بتحمّل مسؤولية تعثّر الجولة الثانية من مفاوضات "جنيف 2"، التي اختتمها المبعوث الأممي الاخضر الإبراهيمي قبل يومين باعتذار قدّمه الى الشعب السوري لعدم تحقيق انجاز خلالها. لكن اللافت في الانتقادات الغربية، كان الموقف الأميركي الذي تمترس وراء بند هيئة الحكم الانتقالية كتفسير وحيد لما كان يفترض أن يخرج كأولوية من جلسات التفاوض بين وفدي الحكومة السورية و"الائتلاف" المعارض.
وفيما كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم يؤكد أن الجولة التفاوضية الثانية في جنيف "أحرزت تقدما مهما... بموافقة سوريا على جدول الأعمال الذي اقترحه الإبراهيمي، والذي يبدأ ببند وقف العنف ومحاربة الإرهاب"، كان الإبراهيمي ينعى بطريقة غير مباشرة المفاوضات، التي لم يحدد موعدا جديدا لجولتها الثالثة، مقدما اعتذاره "للشعب السوري الذي علّق آمالا كبيرة" على هذه المفاوضات.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية نقلت، أمس الأول، عن ديبلوماسيين غربيين وعرب وقيادات في المعارضة أن حلفاء واشنطن العرب، خصوصا السعودية، اتفقوا على تزويد المقاتلين بأسلحة أكثر تطوراً، بما فيها صواريخ مضادة للطائرات وأخرى مضادة للدبابات.
وتتواصل التسويات على الأرض السورية، وجديدها في ببيلا في الريف الدمشقي، فيما تواصلت المعارك في القلمون، حيث تحاول القوات السورية تضييق الخناق على المسلحين في يبرود.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في بيان، "لم يفاجأ أحد بأن المحادثات كانت صعبة، إلا أنه لا بد أن يكون واضحا لدى الجميع أن العرقلة من قبل نظام (الرئيس بشار) الأسد جعلت التقدم أكثر صعوبة"، مشيدا، في المقابل، "بشجاعة وجدية المعارضة... لقد وضعت خريطة طريق، قابلة للتطبيق، من اجل تأليف هيئة حكم انتقالية، ومسار لمواصلة المفاوضات. هذا بدقة هو روح بيان "جنيف 1"، ونشيد بالمسؤولية التي تحلت بها المعارضة".
وقال كيري إن "المجتمع الدولي يفهم أن الغرض الرئيسي من ديبلوماسيتنا هو بحث التنفيذ التام لبيان جنيف، ضمنه إقامة هيئة حكم انتقالية".
وفي إشارة إلى روسيا من دون أن يسمّيها، دعا كيري "داعمي النظام إلى الضغط عليه ليضع حدا لتعنّته في المفاوضات ولأساليبه الوحشية على الأرض"، مؤكدا "التزام الولايات المتحدة بعملية جنيف وكافة الجهود الديبلوماسية من اجل الوصول إلى حل سياسي، كطريق لإنهاء النزاع بشكل دائم".
وقال وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ، في بيان، إن "استحالة الاتفاق على برنامج جلسات التفاوض المقبلة يشكل إخفاقا خطيرا في المساعي لإقرار السلام في سوريا، ومسؤولية ذلك تقع مباشرة على نظام الأسد"، لكنه أضاف "واجبنا حيال الشعب السوري أن نقوم بكل شيء لإحراز تقدم بهدف حل سياسي"، مجددا "دعمه الكامل للإبراهيمي".
والموقف نفسه عبّر عنه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي "دان موقف النظام الذي عرقل كل تقدم"، معتبرا أن "الائتلاف اتخذ موقفا بنّاء خلال المفاوضات". وأضاف "من لديهم تأثير في النظام عليهم أن يدفعوه في أسرع وقت إلى احترام مطالب المجتمع الدولي".
واعتبر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن "النظام السوري أكد عدم اهتمامه جديا بالمفاوضات". وشدد على انه بات "من الضروري جدا أن يتحرك مجلس الأمن ويعتمد قرارا يضع حدا لجرائم الحرب في سوريا".
وكان الإبراهيمي قال، في مؤتمر صحافي في جنيف أمس الأول، "أنا آسف جدا جدا، واعتذر للشعب السوري عن آماله التي كانت كبيرة للغاية هنا في أن شيئا سيحدث هنا".
وأضاف أن الجلسة الأخيرة من جولة المحادثات الثانية كانت "شاقة مثل كل الاجتماعات التي عقدناها، موضحا أن النقاط التي ستناقش في الجولة الثالثة "عندما تعقد" تشمل وقف العنف والإرهاب وتشكيل هيئة حكم انتقالية والمؤسسات الوطنية والمصالحة الوطنية.
وتابع الإبراهيمي "آمل في أن يفكر الجانبان بشكل أفضل، وأن يعودا لتطبيق إعلان جنيف. آمل في أن تدفع فترة التأمل الحكومة خصوصا إلى طمأنة الجانب الآخر انه عندما يتم التحدث عن تطبيق إعلان جنيف أن يفهموا أن على السلطة الحكومية الانتقالية أن تمارس كل السلطات التنفيذية. بالتأكيد محاربة الإرهاب أمر لا غنى عنه".
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن المعلم قوله، في الطائرة التي أقلّت الوفد السوري من جنيف إلى دمشق، إن "الجولة الثانية لم تفشل، على عكس بعض التحليلات الإعلامية التي ظهرت، أو ردود فعل وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا".
وأضاف إن "الجولة الثانية أنجزت نقطة مهمة جدا، بفضل وعي المفاوض السوري، عندما أعلن موافقة سوريا على جدول الأعمال الذي اقترحه الإبراهيمي، والذي يبدأ ببنده الأول، ببند (وقف) العنف ومحاربة الإرهاب". وتابع "المحادثات لم تفشل بل أنجزت ما كنا نطالب به باستمرار، وهو جدول أعمال للحوار في اجتماعات جنيف المقبلة".
وعن توقعاته بالنسبة إلى مضمون تقرير الإبراهيمي إلى مجلس الأمن الدولي، قال المعلم "على الإبراهيمي كوسيط أن يكون محايدا، وأعطى مؤشرا في مؤتمره الأخير انه سيكون كذلك"، مضيفا "كوسيط، يجب أن يكون حريصا على استمرار هذه العملية، سواء في جولة ثالثة أو رابعة أو غيرها".
وانتقد المعلم تحميل باريس ولندن السلطات السورية مسؤولية فشل المحادثات. واعتبر أن الولايات المتحدة "حاولت إيجاد أجواء سلبية للغاية للحوار في جنيف، والاتفاق على جدول الأعمال الذي يبدأ بنبذ العنف ومكافحة الإرهاب جعلها تسارع إلى إفشال الجولة الثانية".
ورأى أن "الحديث عن عدوان أميركي على سوريا حرب إعلامية نفسية هدفها الضغط على المفاوض السوري"، في إشارة إلى تصريح الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال استقباله الملك الأردني عبد الله الثاني، أمس الأول، من أنه يريد تعزيز الضغط على النظام السوري. وأشار المعلم إلى أن "الولايات المتحدة كانت مستعجلة للغاية لانجاز تسليم السلطة قبل العمل السياسي، لان أدواتها في الداخل فشلت في العمل الميداني".
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد