هل ستعلن إسرائيل عن انسحابها من قرية الغجر اللبنانية؟
الجمل: بعد طول تجاهل أوردت المصادر الإسرائيلية تسريباً يقول أن رئيس الوزراء بنيامين نتينياهو سيعلن بشكل رسمي هذا الأسبوع أن إسرائيل مهتمة بالانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر الواقعة على الحدود الإسرائيلية – اللبنانية.
* ماذا تقول المعلومات؟
أشار تقرير إسرائيلي صادر اليوم إلى ملف أزمة القرى الحدودية الواقعة في منطقة تقاطع الحدود السورية – اللبنانية – الإسرائيلية وتحديداً قرية الغجر ويمكن الإشارة إلى النقاط الأساسية الواردة في التقرير على النحو الآتي:
• سيعلن نتينياهو خلال هذا الأسبوع عن اهتمام إسرائيل بأمر الانسحاب من قرية الغجر.
• إعلان نتينياهو سيكون بمثابة استجابة للطلب الذي قدمته الإدارة الأمريكية في هذا الخصوص.
• يهدف إعلان نتينياهو إلى إبداء النوايا الحسنة إزاء المنطقة.
• يهدف إعلان نتينياهو إلى تعزيز موقف قوى 14 آذار الحليفة للغرب وأمريكا في الانتخابات اللبنانية العامة التي اقترب موعدها.
• من غير المتوقع حدوث أي انسحاب إسرائيلي فعلي قبل انتهاء الانتخابات العامة اللبنانية.
• من المتوقع أن يرتبط قرار الانسحاب الإسرائيلي بضرورة صدور قرار نهائي من المحكمة العليا الإسرائيلية يؤيد الانسحاب.
• يهدف إعلان نتينياهو إلى تعزيز موقفه خلال زيارته المرتقبة لأمريكا والتي تم تحديد يوم 17 أيار موعداً لإجرائها.
• سيجتمع مجلس الوزراء الإسرائيلي السياسي – الأمني المصغّر يوم الأربعاء القادم الموافق 6 أيار 2009 لمناقشة مدى إمكانية إعلان الحكومة الإسرائيلية لنواياها المتعلقة بالانسحاب. هذا وتشير التوقعات إلى أن سيناريو الانسحاب الإسرائيلي من الجزء الشمالي لقرية الغجر سيقوم الإسرائيليون بإعداده بحيث يتماشى وتنسجم محاوره مع:
- القرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي.
- سلسلة الترتيبات المتعلقة بقضايا الأمن والقضايا المدنية.
- حصيلة النقاشات والتفاهمات التي حدثت بين الإسرائيليين والأمم المتحدة ولبنان.
• أثار المبعوث الأمريكي الخاص جورج ميتشل خلال زيارته لإسرائيل أمام رئيس الوزراء نتينياهو ووزير خارجيته ليبرمان ضرورة أن تنسحب إسرائيل من قرية الغجر وفاءً للموعد الذي سبق أن التزم به رئيس الوزراء السابق أولمرت.
• الضغوط الأمريكية على إسرائيل من أجل الانسحاب من الغجر كانت تستند إلى وجهة نظر واشنطن القائلة أن الانسحاب منها يجب أن لا يكون من قبيل التلميحات لأنه يندرج كجزء من التزام إسرائيل إزاء القرار الدولي 1701.
• تعتبر مسألة الغجر من بين أولويات أجندة نتينياهو بسبب الموقف الأمريكي منها والانتخابات العامة اللبنانية.
• بسبب ضيق الفترة الزمنية ستصدر إسرائيل إعلاناً بنية الانسحاب من حيث المبدأ ثم القيام بتنفيذ ذلك ميدانياً.
• أفاد مصدر دبلوماسي غربي بأن كل من نتينياهو وباراك مهتمان بالموضوع لجهة حله على وجه السرعة وعلى وجه الخصوص نتينياهو الذي يحاول جاهداً اتخاذ القرار قبل سفره إلى واشنطن.
• تسعى تل أبيب إلى ترتيب سيناريو قرار الانسحاب من الغجر ضمن صفقة يتم التوقيع عليها بواسطة إسرائيل والأمم المتحدة والحكومة اللبنانية لحرمان حزب الله من الحصول على أية فائدة من قرار الانسحاب.
* ماذا تقول سردية قرية الغجر؟
تقع القرية في وادي نهر الحاصباني وتحديداً في منطقة تقاطع الحدود السورية - اللبنانية – الإسرائيلية وعندما احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان في حرب 1967 تعرضت القرية لحركة نزوح واسعة أدت إلى إفراغها من عدد كبير من سكانها.
ولاحقاً توسعت القرية بحيث أصبح جزءها الشمالي ضمن الأراضي اللبنانية وعندما احتلت إسرائيل جنوب لبنان سعت إلى تعزيز ترتيبات ضم القرية وإلحاقها بإسرائيل وتقول المعلومات أن إسرائيل عندما انسحبت من جنوب لبنان عام 2000 أخضعت قرية الغجر إلى الآتي بعد أن أعادت احتلال جزءها الشمالي في حرب 2006:
• إبقاء كامل القرية تحت السيطرة الإسرائيلية.
• إقامة حاجز يفصل القرية إلى قسمين جنوبي وشمالي.
• إلزام سكان القرية بأوراق الهوية الإسرائيلية.
• ممارسة التمييز بين سكان الجزء الجنوبي وسكان الجزء الشمالي بحيث تقوم إسرائيل بتزويد سكان الجنوب بالخدمات وتسمح لهم بحرية التنقل داخل إسرائيل وهو ما تحرم إسرائيل منه سكان شمال القرية.
بررت إسرائيل إعادة احتلالها للجزء الشمالي من القرية على أساس أن حزب الله يستخدمه كقاعدة للتجسس والاستطلاع ضد إسرائيل إضافة إلى أن لحزب الله العديد من السوابق في محاولات مهاجمة الجنود الإسرائيليين الموجودين في المنطقة.
أضافت بعض التسريبات الإسرائيلية أن إحدى قواعد قوات اليونيفيل القريبة من الناقورة اللبنانية وروش هانيكيل الإسرائيلية شهدت اجتماعاً خلال الشهر الماضي ضم مندوبين عن قوات اليونيفيل والجيشين الإسرائيلي واللبناني، وتم التوصل إلى اتفاق يقضي بانسحاب القوات الإسرائيلية من الجزء الشمالي من قرية الغجر.
* ماذا وراء تلميحات نتينياهو: الانسحاب الحقيقي أم المناورة؟
التدقيق في التسريبات الإسرائيلية يشير إلى أن حكومة نتينياهو رتبت سيناريو الانسحاب من قرية الغجر ليكن على النحو الآتي:
• الإعلان عن نية الانسحاب من الجزء الشمالي وليس كل القرية.
• ربط الانسحاب بمضمون القرار 1701 وهذا معناه أن إسرائيل ستستخدم القرار الدولي في استراتيجية "مسمار جحا".
• ربط الانسحاب بقرار المحكمة الدستورية العليا في إسرائيل وبالإجراءات الميدانية وهذا معناه أن هناك انقلاباً وشيكاً سيحدث في الموقف الإسرائيلي طالما أن إسرائيل حركت بعض القرويين البسطاء من القرية لتحريك طلبات للمحكمة الدستورية يعلنون فيها تمسكهم بالبقاء ضمن السيادة الإسرائيلية، وطالما أنهم يحملون هويات إسرائيلية فإن من حقهم المطالبة بذلك.
بكلمات أخرى سيعلن نتينياهو نية حكومته الانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر اللبنانية وسيذهب إلى أمريكا حاملاً في يده القرار للتأكيد على مصداقيته أمام إدارة أوباما، في الوقت الذي يكون فيه القرويون البساط تقدموا بالعرائض للمحكمة الدستورية الإسرائيلية التي ستصدر قرارها ببطلان الانسحاب الإسرائيلي، وحتى لو أصدرت قراراً معاكساً لذلك فإن حكومة نتينياهو ستضع المزيد من المشروطيات بما يضمن لها فرض السيطرة والنفوذ على الجزء الشمالي من القرية مع ملاحظة أن صدور القرار بهذه الطريقة سيترتب عليه جعل الجزء الجنوبي خاضعاً للأراضي الإسرائيلية وفقاً لسيناريو الأمر الواقع طالما أن حكومة السنيورة سوف لن تتردد بقبول الانسحاب من الجزء الشمالي من القرية مسقطةً بذلك حقها بالمطالبة بالجزء الجنوبي!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد