وزراء الخارجية العرب يناقشون اليوم موضوع الرئاسة اللبنانية
توقعت مصادر متطابقة في القاهرة وبيروت أن يخرج مؤتمر وزراء الخارجية العرب في العاصمة المصرية اليوم، بقرار يدعو اللبنانيين الى الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبالتأكيد على قيام حكومة وحدة وطنية بعد ملء الفراغ الرئاسي، على ألا يتضمن القرار أي دخول في التفاصيل، ونسب التمثيل بين المعارضة والأكثرية.
وعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً تشاورياً مساء أمس في القاهرة، فيما تزامنت التحضيرات والمداولات التمهيدية للاجتماع الوزاري الرسمي اليوم، مع استمرار الحملة العنيفة من إعلام «حزب الله» وبعض نوابه على رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، بعد رده على تصريحات الأمين العام للحزب الأربعاء الماضي، والذي دعاه فيه الى الكف عن التخوين. وفتح تلفزيون «المنار» التابع للحزب الهواء للمتصلين من جمهور الحزب والمعارضة ولبرامج وفقرات تتناول حكومة السنيورة حيث وجه سيل من الاتهامات للأخير خرجت عن المألوف، وتخطت حدتها المواقف السياسية المختلفة والمتناقضة.
وزار بيروت في شكل مفاجئ أمس رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس ثاباتيرو وانتقل الى الجنوب لتفقد الوحدات الإسبانية المشاركة في قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام هناك (يونيفيل). ولم يمكث المسؤول الإسباني في لبنان كثيراً واقتصرت اجتماعاته على لقاء استمر ثلاثة أرباع الساعة في مطار بيروت عند وصوله مع السنيورة. واجتمع عند مغادرته عصراً مع ممثل رئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب أنور الخليل لمدة ربع ساعة. ونقل الخليل عن ثاباتيرو استعداد بلاده لأداء دور إيجابي من أجل تقريب وجهات النظر في لبنان.
وفيما تلازمت حملة تلفزيون «المنار» وقادة «حزب الله» على السنيورة، والتي طاولت زعيم تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري، مع هجوم على زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش المنطقة، حيث جرى الربط بين الزيارة وانعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب، بحث وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق قبل انتقاله الى القاهرة، مع مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران، وممثله في مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، الوضع في لبنان. وأكد لاريجاني دعم بلاده «الجهود التي تبذلها سورية من أجل التوصل الى حل توافقي»، معتبراً أن «مفتاح حل الأزمة اللبنانية في ايدي الأطراف اللبنانية».
وشمل ارتفاع حدة الاشتباك السياسي بين المعارضة والأكثرية توجيه نواب الأكثرية مذكرة الى مؤتمر وزراء الخارجية العرب والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، تضمنت عرضاً تاريخياً للأزمة السياسية بدءاً من استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة. وتناولت المذكرة «مسلسل التدخل والممارسات التي يقوم بها النظام السوري لضرب المقومات الدستورية الكاملة للدولة اللبنانية وصولاً الى منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية». وطالبت المذكرة الاجتماع الوزاري بـ «اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق تدخل النظام السوري في الشؤون الداخلية اللبنانية، ومساعدة لبنان على انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية بعد إجراء التعديلات الدستورية اللازمة، وحماية اتفاق الطائف كإطار متكامل للوفاق الوطني اللبناني، وتشكيل حكومة وفاق وطني تشارك فيها كل الكتل النيابية في شكل منصف، على أن يكون لرئيس الجمهورية الصوت الوازن فيها ويكون الضامن لتطبيق الدستور، والحكم بين «الجميع».
وفيما ترددت أنباء عن أن المعارضة أعدت مذكرة الى وزراء الخارجية العرب، فإن نقاشاً حول الأمر استمر حتى مساء أمس من دون توزيع المذكرة على الإعلام. وصرح مسؤول «حزب الله» في الجنوب الشيخ نبيل قاووق بان «لبنانيين وعرباً اتصلوا بإسرائيل لتكمل حربها على حزب الله» في حرب تموز وأن الرئيس بوش «يعيش خيبة أمل من نتائج مشروعه السياسي في لبنان وهو يريد انتصاراً وهمياً ليعوض هزيمته لي العراق... وطلب من أدواته أن يستمروا في إدارة الفراغ وحقنا أن نتساءل لماذا هو المديح تجاه حكومة السنيورة».
وأصدر النائب عن «حزب الله» حسن فضل الله بياناً هاجم فيه الحريري، تعليقاً على بيان أصدره قبل أيام رداً على الوزير المعلم، وقال فضل الله ان الحريري «لا يحتاج الى أدلة وبراهين حول حجم التورط في المشروع الأميركي الذي يستهدف لبنان، ولا الى تبيان الأدوار التي قام بها مع وكيله في السراي خلال العدوان الإسرائيلي من حفلة الشاي في ثكنة مرجعيون الى التحريض في العالم على المقاومة وقائدها بعنوان السلة الكاملة وصولاً الى استكمال أحد أوجه الحرب بحبس التعويضات للمتضررين وتوزيع المساعدات على الأزلام والمحاسيب». وانتقد حملات نواب كتلة «المستقبل» دفاعاً عن السنيورة، معتبراً إياها حملات تحريض ضد المقاومة و «رمزية قائدها».
وعلق مصدر قيادي في تيار «المستقبل» على كلام السيد نصر الله ليل الأربعاء الماضي، بالقول: «استخدم لهجة هادئة لكن موقفه لا يختلف عن مضمون كلام نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الذي قال ان عدم انتخاب رئيس في لبنان ليس نهاية العالم، وكذلك كلام وزير الخارجية وليد المعلم». وأشار الى مطلب سورية ونصر الله حصول المعارضة على الثلث الضامن في الحكومة المقبلة، وقال «استقال الوزراء المعارضون من الحكومة ليتسببوا بشلل في المؤسسات فكيف ستكون الحال إذا وافقنا على ان يحصلوا على الثلث الضامن في إطار التوجهات السياسية التي يسلكونها. هل معنى الشراكة شل المؤسسات؟».
ورأى المصدر القيادي في تيار «المستقبل» أن القيادة السورية «تفوّت الفرص تلو الأخرى بموقفها. فالجانب الفرنسي أبدى كل استعداد لإطلاق عملية انفتاح أوروبية على سورية لكنها اعتقدت ان في استطاعتها الاستقواء ففوتت الفرصة عليها والآن هناك فرصة جديدة في مؤتمر وزراء الخارجية العرب هي الأخيرة، فالدول العربية تستغرب ربط الرئاسة بالحكومة، فيما تشكيل الحكومة يأتي على الدوام بعد انتخاب الرئيس». وتساءل «كيف يوفق السيد نصر الله بين دعوته الى الشراكة وبين تخوين الأكثرية؟».
وأدى تصاعد السجال الى إعلان المجلس الشرعي الإسلامي بعد اجتماعه برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني أن «اتهام الوطنيين بالخيانة أسوأ ما يعانيه الخطاب السياسي».
ونتيجة لانفلات الحملات المتبادلة أجرى السنيورة مساء أمس اتصالات هاتفية بكل من المفتي قباني وبنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وبالعلاّمة السيد محمد حسين فضل الله، وأكد لهم «ضرورة الابتعاد عن كل ما يدفع بالأجواء الداخلية للتشنج والاحتقان لما يشكل هذا الأمر من خطورة على اللحمة الداخلية في هذا الظرف الحساس الذي تمر به البلاد».
وطلب السنيورة من قباني وقبلان وفضل الله بذل «كل ما في وسعهم للتشجيع على تحكيم صوت العقل والحكمة والحض على احترام تبادل الرأي في شكل حر وموضوعي بعيداً من محاولات التجريح واتهامات التخوين والتهديد والتهويل، لأنه بغير هذا الأسلوب فإن الأمور قد تتجه في اتجاه يناقض مصلحة استقرار البلاد وتعايش المواطنين، بخاصة أن التحريض والحقن والشحن من جهة يستولد التحريض والاحتقان والتمادي من جهة أخرى، فالتطرف يستولد التطرف وهذا ضد مصلحة لبنان».
وختم بدعوة «اللبنانيين عموماً والمسلمين خصوصاً الى التنبه والحذر مما يحاك لهم من فتن مستشهداً بقول الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلّم): «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه»، مضيفاً ما قاله الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلّم): «المسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره».
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد