ياسين رفاعية: النصر آتٍ
كثيرون يلومونني في هذه الأيام عن ما أكتبه في هذه الزاوية، بل لأقل في هذه النافذة التي أطلُّ منها إلى عالم جواني، عالم الماوراء، عالم النفس والروح والشغف. يقول لي قائل: ألا ترى ما الذي يحصل في بلدك؟ أجيب: أرى، وأبكي، وأتألم، وأترحم على الشهداء.. ولكن، كما لكل منا أحاسيس تذهب في أكثر من مكان وإلى أكثر من عالم، أجد، أنا، في الحب والحديث عنه، هرباً من هذا الذي يحصل فوق أرض الوطن، من قتلٍ وتدمير وسيارات مفخخة، كذبة الجنة التي يمارسها مجرمون جاؤوا تحت «راية» الجهاد.. والجهاد منهم براء.. أي جهاد هذا وأنت تقتل أخاك المسلم وهو حرام في رقبتك، وجهنم وبئس المصير.. الجهاد أن تذهب إلى عدو احتل أرضك.. إلى فلسطين حيث يباح مسجد الأقصى وكنيسة القيامة وصخرة المعراج إلى السماء، بخطوة الرسول العربي الأولى.. هناك الجهاد أيها المسلح القادم من تونس أو المغرب أو ليبيا أو السعودية والأردن.. وحتى من أماكن أخرى وأنت معميٌ على قلبك وعلى ضميرك وعلى انتمائك كمسلم.. هذه الكذبة التي تعيشها تحت راية ما يسمى بـ «الجهاد» فإذا أنت من حيث تدري، أو لا تدري ألعوبة بيد أجهزة مخابرات منها الأكثر بطشاً -أي المخابرات الإسرائيلية- ومثيلها الأميركية والألمانية والبريطانية والفرنسية، حيث هؤلاء كلهم موجودون فوق أرض الوطن يوجهونك حيث يجب أن تتوجه، والغاية الأولى أن تدمر بلداً كنا نعده كي يكون الصف الأول في حرب تحرير فلسطين من الماء إلى الماء. انخدع كثيرون مثلك وظنوا أن طريق الجنة يعبر فوق جثث الشهداء في حلب وحمص وإدلب ودمشق.. لقد انكشفت اللعبة الدموية أيها «المجاهد، انكشفت الأهداف التي من بينها تدمير بلد عربي كان يتصف ببلد الممانعة والاستعداد ليوم التحرير الذي كان قائماً على قدم وساق.. انكشفت الأهداف المعلنة وغير المعلنة.. فبعد تدمير العراق، وشل لبنان، وتحطيم الصومال والتآمر على أكثر من بلد عربي، والمخفي أعظم هم الآن مشغولون بتدمير سورية، وعلى أكتافك أيها المدعي أنك تجاهد في سبيل الله، والله منك براء. طالت المعركة، لكنها معركة تعرية المدعين والكذبة والفريسيين.. تعرية العملاء بدءاً من شيوخ الخليج إلى أزلام أميركا في الجامعة اللاعربية في القاهرة.. أعلن أنني لست من أنصار السلطة ولا من أركان المعارضة، أنا ابن الوطن، ابن دمشق، وحلب الشهيدة وإدلب وحمص وحماة، وكل بلدة وقرية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.. هذا الوطن، سورية الأبية. لن تصبح أبداً لقمة سائغة لمن يريد بها الشر والحريق والقتل والاغتيال.. نعم، أخطأنا.. السيد الرئيس نفسه أعلن ذلك في إحدى خطبه في مجلس الشعب، والاعتراف بالخطأ فضيلة، خصوصاً عندما يعترف بالخطأ القائد نفسه. وهي مكاشفة مع النفس واعتراف بعدم التبصر لما يجري من حولنا هنا وهناك.. وما علينا الآن سوى إزالة أسباب الخطأ والتعويض عنه بكثير من الإنجازات التي بدأنا نلمسها تباعاً على الصعد كافة، وبدأ الشعب رغم الدمار، ورغم القتل والاغتيال يعي مصيره، ويعي وجوده، وعرف عن كثب من هم أعداؤه ومن هم أصدقاؤه.. لقد كشفت المعركة الكثير الكثير للناس البسطاء، أدركنا جميعاً أن الوطن بخطر، وأن إزالة سورية من على الخارطة هي الهدف. علينا الآن أن نتماسك، ونتحد ونتقوى بالإيمان والعزيمة والصبر، كي نمنع عن وطننا الانهيار والتقسيم إلى دويلات وعشائر تتقاتل فيما بينها.. أما أنت أيها القادم من أي بلد عربي، عد إلى رشدك.. فطريق الجنة يعبر من تل أبيب والقدس المحتلة والمسجد الأقصى المدنس بالأعداء.. وليس من المسجد الأموي أو من مقام السيدة زينب أو الشهيدة رقية. هذه المعركة علمتنا بدم شهدائنا أن سورية غالية علينا، ولن نفرط بشبر من أرضها المباركة وسوف ندافع عنها حتى النهاية، ولن تتحقق أبدا غايات الغرب والشرق في جعل وطننا لقمة سائغة للعدو الإسرائيلي، خسِئ بعينه وعيون أمثاله في أميركا أو أي بلد آخر.. وخصوصاً أردوغان الذي له أطماع خفية بأرضنا لن نحققها له أبداً. أيها السوريون.. مزيداً من الصبر، والنصر آت بإذن الله عاجلاً أو آجلاً.. ياسين رفاعية المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد