يوم نفطي أسود في إسرائيل,حقل الغاز المصري يسبب انهياراً في أسهم الطاقة
قاد إعلان شركة «إيني» الإيطالية عن اكتشافها أكبر حقل للغاز في البحر المتوسط ضمن المنطقة الاقتصادية المصرية إلى انهيار أسعار أسهم شركات الطاقة الإسرائيلية وخصوصاً تلك المالكة لحقل «لفيتان».
واعتبر كثيرون الإعلان عن اكتشاف الحقل الجديد «يوماً أسود» لإسرائيل التي أمِلت أن يسهم اكتشافها لحقل «لفيتان» في تعزيز مكانتها الإستراتيجية في المنطقة عبر التحول من مستورد للطاقة إلى مصدِّر لها.
ومع ذلك حاولت بعض الجهات التقليل من أهمية الاكتشاف الغازي في مصر قائلة إن الغاز المكتشف لن يضر إسرائيل إلا جزئياً لأنه لن يستخدم في التصدير بل لسد الحاجة الداخلية المصرية.
في كل حال، انهارت أسهم الغاز والنفط في البورصة الإسرائيلية يوم أمس بعد إعلان اكتشاف حقل غاز مصري يحوي 30 ترليون قدم مكعب من الغاز ما يشكل إضافة جوهرية لمخزون مصر المكتشف من هذه المادة.
ويعني الاكتشاف الغازي الجديد أن هناك شكوكا في أن يقود تطوير حقل «لفيتان» إلى تقليص تكلفة الطاقة في إسرائيل بسبب عدم حاجة مصر الى استيراد الغاز من إسرائيل.
وكانت شراكة «لفيتان» قد وقعت في الماضي على مذكرات تفاهم مع مصر والأردن بقيمة 50 مليار دولار. وإذا كان سعر وحدة الغاز في الحقل الجديد الذي وجد في مصر سيكون أدنى من السعر الذي ستصدر فيه إسرائيل لمصر، يطرح السؤال: لماذا ستشتري مصر من إسرائيل؟
وتراجعت أسعار أسهم شركات الطاقة ما بين 11 في المئة لشركة «ديلك» و21 في المئة «رتسيو»، وهما شريكتان في حقل لفيتان. وتراجعت حتى أسعار أسهم شركات النفط بحوالي 6 -7 في المئة في يوم واحد.
وقرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عدم عرض صيغة الغاز أمام الكنيست يوم غد الأربعاء ولم يتقرر أي موعد جديد.
ويعتقد بعض المعلقين بأن صفقة الغاز التي تحاول الحكومة تمريرها لا يمكن ان تنجز اليوم بعد إعلان الاكتشاف المصري وهذا يعني تأجيل النقاش لعدة شهور.
ويرى خبراء أنه ليس بوسع أي مسؤول عن منع الاحتكارات الموافقة على صيغة الغاز التي عرضتها الحكومة وتزداد القناعة لديهم بأنها لن تقر أبداً.
تجدر الإشارة إلى أن حقل «لفيتان»، الذي كان يعتبر الاكتشاف الأهم في مجال الطاقة في القرن الحادي والعشرين، لا يحوي إلا 21 ترليون قدم مكعب، في حين يحتوي الحقل المصري الواقع في عمق المياه الاقتصادية المصرية على 30 تريليون قدم مكعب من الغاز.
وكان من أول نتائج هذا الإعلان إثارة مخاوف من أن مذكرة التفاهم التي كانت شراكة «لفيتان» قد وقعتها مع شركات أجنبية تعمل في مصر (بينها «يونيون بينوسا» الإسبانية الإيطالية) لن تغدو اتفاقاً ملزماً ما يعني تأخير تطوير حقل «لفيتان».
وفضلاً عن ذلك فإن إعلان الاكتشاف المصري يضع علامة استفهام كبيرة حول الدافع السياسي الإستراتيجي وراء إقرار صفقة الغاز مع شركتي «نوبل إنرجي» و «ديلك».
وكان رئيس مركز دراسات الأمن القومي السابق عوديد عيران، قد أعلن أن اكتشاف حقل الغاز المصري الجديد يشكل ضربة قوية، وربما قاصمة لمشروع تطوير حقل «لـفيتان»، الذي اعتبر مصر وتركيا المستوردين الأساسيين للغاز المخزون فيه في أعماق الأرض.
وأشار إلى أن مصر لن تشتري الغاز من إسرائيل كما أن هشاشة العلاقات مع تركيا تجعل الاتفاق معها مشوباً بالشكوك.
وقال إن اكتشاف الغاز المصري «قصة مؤلمة لنا، لأن ذلك سيؤخر لسنوات طويلة تطوير حقل لفيتان الذي فقد عملياً زبوناً مهماً وكبيراً».
ينقل موقع «والا» الإخباري عن البروفيسور يارون زليخا، رئيس مدرسة تدقيق الحسابات وإدارة الاموال في المدينة الأكاديمية «اونو» والمُعارض الحاد لصفقة الغاز، قوله «من ناحية إسرائيل، هذا هو الدليل الأفضل لدحض الأساطير السياسية التي أوردتها الحكومة لتبرير انبطاحها امام احتكار الغاز نوبل اينرجي بحجة تعزيز النفوذ الجغرافي الإستراتيجي لإسرائيل. فالعثور على البئر المصرية كفيل بأن يعيد مصر الى دور المورِّد الثاني المنافس على الغاز في اسرائيل، فيعزز بذلك رأي المؤيدين لقرار الرقابة على اسعار الغاز».
ونقلت صحف إسرائيلية عن ليران لوبيل، وهو محلل الطاقة في بيت الاستثمار «أي بي أي» قوله إن «الخشية الكبرى هي من أن يغلق اكتشاف الغاز الهائل هذا الباب أمام تصدير الغاز الإسرائيلي ما سيقود إلى تأجيل طويل في تطوير حقل لفيتان أو حتى إلى التوقف عن تطويره».
ومعروف أن شركة «ايني» الإيطالية التي أعلنت اكتشاف الغاز المصري، شريكة بنسبة 40 في المئة في منشأة تسييل الغاز في دمياط، التي كان يفترض أن تتلقى الغاز من حقل «تمار» الإسرائيلي ما يعني أن الاتفاق مع «يونيون بينوسا» بشأن استيراد الغاز من «لفيتان» بات موضع شك.
وكان مدير عام شركة «ايني» الإيطالية كلاوديو دسكلاتسي قد أعلن أن الاكتشاف الجديد يغير قواعد اللعبة في مصر والشرق الأوسط. وأضاف أن الاكتشاف بالغ الأهمية لمصر والمنطقة من زاوية الطاقة. وأكد أن تطوير الحقل سيتم بشكل سريع بسبب قربه من منشآت تحويل الغاز التابعة للشركة. وشدد على أن هذا سبب لتقليص الوقت من الآن حتى وصول الغاز للمستهلكين. وأراح دسكلاتسي بعض الإسرائيليين حينما شدد على أن «هذا الغاز معد للسوق المحلي، بأسعار منفصلة عن أسعار النفط».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد