مصر: ازدهار لـ«الإخوان» والسـلفيون يتربصـون
يشير مقر جماعة «الإخوان المسلمين» الجديد في جبل المقطم قرب القاهرة، بطوابقه الستة الفخمة، إلى عهد جديد للجماعة في مرحلة ما بعد الرئيس المخلوع حسني مبارك. لكن الدور الإسلامي لا يقتصر على «الإخوان» فحسب في ظل بروز الجماعات السلفية مؤخراً في البلاد. وتؤمن «الإخوان» بانتهاء المرحلة السابقة بشكل تام، ويقول المتحدث باسمها عصام العريان إنّه على يقين بأن الثورة «تتخذ المسار الصحيح، بعد مئة يوم عليها». ويعني هذا برأيه أن البلاد ستحظى خلال عدة أشهر بـ«برلمان جديد وبعدها بدستور جديد لمصر الجديدة».
ويمثل المقر الجديد في المقطم نقلة مذهلة للجماعة التي كانت تتمركز في شقة بمبنى متهالك في إحدى ضواحي النيل، حيث شهدت الجماعة سنوات طويلة من الحظر. نقلة تعطي الثقة للجماعة بالإزدهار في المرحلة المقبلة، حتى باتت تخطط لتأسيس فرق كرة قدم محترفة، ما يثير نكاتاً تتحدث عن إعطاء بطاقة صفراء لكلّ من يشدّ لحية منافسه.
والعريان واثنان آخران من قيادات «الإخوان» استقالوا من الجماعة لتأسيس حزب «الحرية والعدالة» للمنافسة في أول انتخابات برلمانية حرة منذ ثورة العام 1952، في أيلول المقبل. ويؤكد العريان أن الحزب الجديد يحمل مع الجماعة «الرسالة والأهداف نفسها، لكن بأدوار مختلفة». وتأخذ الجماعة حذرها من تصوير نفسها كصاحبة طموحات، وتهديدات، خاصة أنها تأخرت في الإنضمام إلى متظاهري ميدان التحرير. وهي لن تخوض انتخابات الرئاسة، وستقتصر على انتخابات البرلمان التي تعطيها كل جهودها، ويؤكد العريان أن الوقت الحالي «وقت التعاون من أجل نقل مصر من الديكتاتورية إلى الديموقراطية».
وتشير التوقعات إلى أن الحزب سيصبح القوة المسيطرة في البرلمان الجديد، ويعبر المحامي الإسلامي البارز منتصر الزيات، عن ذلك باعتقاده أن بإمكان «الإخوان» أن تحصل على 60 في المئة من المقاعد، في ظل انقسام منافسيهم العلمانيين والليبراليين، وترشح أعضاء حزب مبارك المحظور حالياً، كمستقلين.
في المقابل يتوقع بعض خصوم الجماعة أن يكون تمثيلها ضعيفاً وغير مؤثر. ويردّون ذلك إلى الانقسامات الداخلية فيها، بالإضافة إلى قيام النظام السابق والحكومات الغربية بتهويل الأخطار عن نوايا مخبأة لها بتحويل مصر إلى جمهورية إسلامية على غرار إيران. لكن «الإخوان المسلمين» ليسوا أكبر مشكلة يواجها المصريون الليبراليون واليساريون والمسيحيون، حيث يتفوق عليهم السلفيون. وهم الذين قمعوا طويلاً تحت حكم مبارك وارتبطوا أيديولوجياً بمجموعات عنيفة، كالجماعة الإسلامية.
وسمح للمئات من السلفيين بالعودة إلى مصر، كما أفرج عن آخرين من السجون، كعبود الزمر الذي اتهم بالضلوع في مقتل الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، والذي كان زميلاً في السجن للرجل الثاني في «القاعدة» أيمن الظواهري. ويتهم الليبراليون القوات المسلحة بالسعي للتعاون مع السلفيين عوضاً عن مواجهتهم. في المقابل يؤكد الزيات أن السلفيين يستخدمون اليوم «كفزاعة لضرب الإخوان المسلمين». وتتهم الجماعة خصومها بالخلط المتعمد بين «الإخوان» والسلفيين.
ويصر السلفيون على أولوياتهم المرتكزة على الدعوة في التلفزيونات ومواقع الإنترنت التي مولتها السعودية. ولم يكونوا يشكلون حتى الأمس القريب، أكثر من مدرسة معتقدات. لكنهم اليوم يخوضون ميدان السياسة، بل واعتبروا استفتاء آذار الماضي على الدستور «انتصاراً للدين». ويخططون لتأسيس حزبين جديدين هما «الفضيلة» و«النور» لخوض الإنتخابات البرلمانية المقبلة.
ويؤكد أحد شيوخ السلفيين عبد المنعم الشحات أنهم خرجوا من حالة القمع التي مارسها عليهم النظام السابق وستظهر أعدادهم الحقيقية اليوم. ويدعو الشحات إلى «دستور ديموقراطي مرتبط بالشريعة»، رافضاً الدستور الليبرالي الذي «يعادي الشريعة ويسمح للمسيحيين والنساء بالوصول للرئاسة».
يتعزز دور الإسلام في المشهد السياسي المصري أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يعتبره العريان «انتقالاً من المرحلة الفرعونية إلى المرحلة الشعبية».
المصدر: السفير نقلاً (عن الـ«غارديان»)
إضافة تعليق جديد