بوارج روسية تصل إلى الشواطئ السورية واتفاق تعاون عسكري إيراني ـ سوري
في خطوة سياسية وعسكرية بالغة الدلالة، تحركت بوارج حربية روسية نحو الشاطئ السوري الممتد على مدى جغرافي واسع، وذلك في المياه الإقليمية التي لا تقاربها الدول الكبرى إلا إذا كان في الأفق وضع خطير أو موقف استراتيجي من ذلك الوضع وتداعياته المفترضة.
وقالت صحيفة"البناء" اللبنانية:"أن هذه البوارج الحربية الروسية ستصل اليوم إلى المياه الإقليمية السورية، في مؤشر واضح من قيادة روسيا الاتحادية على أن الجمهورية العربية السورية خط أحمر، وأن مجرد الاستخفاف بحدود هذا الخط الأحمر لن يترك روسيا في موقع المتفرج أو اللامبالي أو شاهد الزور، وليتحمل كل فريق مسؤولياته وكل دولة تبعات قرارها".
من جهة أخرى قالت صحيفة السفير اللبنانية نقلا عن قيادي لبناني بارز في فريق الثامن من آذار أن "المحاولات الأميركية لفتح قناة تواصل مباشر مع إيران لم تتوقف، عبر رسائل ينقلها موفدون أجانب ومن جهات إقليمية وعربية، غير أن ما كان يعود به هؤلاء بعد لقاء المسؤولين الإيرانيين هو الإجابات نفسها التي تظهر بشكل قطعي أن إيران ليست في وارد تغيير موقفها حتى لو تدرجت عمليات الضغط من الاتهام الهوليوودي بمحاولة اغتيال سفير أو بإعادة تزخيم الضغط عبر الملف النووي الإيراني وما بينهما من استهداف للنظام السوري كحليف استراتيجي لإيران في المنطقة".
ويضيف "إن ما يثير التساؤلات الكبرى لدى الغرب وحلفائه في المنطقة هو الرفض المطلق من قبل إيران للدخول في أي مساومة على الملفات الأساسية الإقليمية مع الولايات المتحدة الأميركية، لاسيما ما يتصل بالاستحقاق الداهم المتمثل بالانسحاب العسكري الأميركي المرتقب من العراق، إذ أنه وبرغم كل العروض، يصّر الإيرانيون على أن يكون هذا الانسحاب عنواناً ساطعاً لهزيمة المشروع الأميركي في الشرق الأوسط، من دون الدخول في أي عملية تجميلية لهذه الهزيمة حتى لو كلف ذلك المزيد من الضغط على إيران وسوريا معاً".
ويوضح القيادي أن "القيادة الإيرانية لو استجابت للطلب الأميركي ودخلت في مفاوضات ثنائية مباشرة حول مستقبل الوضع في العراق وحماية المصالح الأميركية، لأمكن تغيير صورة الكثير من الأحداث التي نشهدها حالياً، لاسيما على المستوى السوري، ولكان من يتصدرون المشهد من المسؤولين العرب راهناً يقفون خلف الأبواب الموصدة ينتظرون معرفة موقعهم في المعادلة وربما مصيرهم في التسوية الكبرى التي مهما اشتدت الضغوط لن يكونوا في موقع الطرف الفاعل والمؤثر فيها".
ويكشف المصدر "أنه برغم كل الإغراءات ولاحقاً الضغوط، فإن إيران رفضت أن تسلّف الأميركيين أياً من الأوراق المهمة على صعيد المنطقة لاسيما في العراق، علماً أن أي تنازل إيراني كان سينعكس مباشرة بصورة ايجابية على مستقبل النظام السوري، والسبب الأساسي يعود إلى قناعة إيرانية ـ سورية مفادها أن لا حاجة لتقديم أي تنازل وأن الصمود إلى نهاية العام الجاري وهو موعد الانسحاب الأميركي من العراق أفضل من الدخول في أي تسوية تعطي الأميركي ما عجز عن فرضه وهو في أوج سيطرته، وعلى قاعدة أن النصر صبر ساعة ولماذا نعطي الأميركي ما عجز عن تحقيقه على مدى سنوات احتلاله قبل أن يرحل عن المنطقة نهائياً بعد أسابيع معدودة".
ويعدّد القيادي عناصر القوة التي يمتلكها النظام السوري، ويقول إن الرئيس بشار الأسد يحظى بدعم روسي صيني، وهذا الدعم، وتحديداً الروسي، مبني على حسابات ومصالح إستراتيجية وليس ظرفياً، كما يحظى بدعم إيراني، ومعه بنية عسكرية وأمنية صلبة ومتماسكة ركيزتها جيش موحّد لم تفلح كل المحاولات لإحداث شرخ نوعي في صفوفه، وهناك جسم دبلوماسي سوري في المنطقة والعالم لم يهتز نهائياً، من دون إغفال حقيقة أن جزءاً لا يستهان به من الشعب السوري ينزل إلى الشارع بصورة عفوية وليس منظمة تأييداً للنظام، وكل ذلك من عناصر وركائز النظام الأساسية".
ويضيف القيادي نفسه أن هناك أربعة مشاهد حول مستقبل الوضع السوري يمكن اختصارها على الشكل الآتي:
ـ المشهد الأول، إن الجانب الروسي يدفع باتجاه الحل السلمي كخيار أوحد على قاعدة أن يشكل الأسد حكومة إنقاذ وطني ويستمر في الحكم.
ـ المشهد الثاني، أن الجانب الأميركي الذي يلتقي مع الروسي بتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني على قاعدة أن يشرف الرئيس الأسد على "رحيله"، أي ينقل السلطة و"يتنحّى".
ـ المشهد الثالث، لم يعد في حسبان الجانب الأوروبي بقاء النظام السوري الحالي، وهو يرفض ذلك بالمطلق، أي لا حل إلا "برحيل النظام".
ـ المشهد الرابع، استمرار النظام وعدم تقديم أية تنازلات.
وإذ يشير القيادي إلى أن القبضة الدولية لم تعد فولاذية لاعتبارات وموازين قوى مستجدة، اقتصادية وعسكرية وإستراتيجية، لا بل أصبحت هذه القبضة رخوة، خاصة أن الأوروبيين يعتقدون بأن الضغط الاقتصادي قادر على "إسقاط النظام"، سيشهد برأي خبراء من صلب بنية النظام وهم يعملون في دوائر دولية، إذ أنهم يعتبرون أن هذا الاعتقاد الأوروبي ليس دقيقاً، وأن النظام بمقدوره، خاصة بعد الانسحاب الأميركي من العراق، أن يصمد سنتين وربما ثلاث سنوات اقتصادياً برغم كل الحصار العربي والدولي الحالي أو المرتقب مستقبلاً".
ويؤكد القيادي نفسه أن الأتراك لا يمتلكون مقدرة على لعب دور حاسم في سوريا، ويبدو أن من شروط الروس للتجاوب مع مسعى حكومة الوحدة الوطنية في سوريا أن لا يكون هناك أي نفوذ للأتراك في سوريا، لأن روسيا ترفض أمرين: وصول الإسلاميين للحكم، وتعاظم نفوذ تركيا".
وبرغم انشغال السوري بداخله، كان لافتاً للانتباه وصول وفد عسكري إيراني رفيع المستوى إلى دمشق، جاء بمهمة محددة، وهي صياغة خطة سورية إيرانية مشتركة إزاء أية مغامرة أميركية ـ "إسرائيلية" بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، قد يتم خلالها استخدام القواعد العسكرية الأميركية في الخليج العربي، علماً أن وفداً عسكرياً أميركياً رفيع المستوى يمثل هيئة الأركان الأميركية زار في الآونة الأخيرة، دول الخليج وناقش مع القيادات العسكرية الخليجية احتمالات وقوع حرب إقليمية في المنطقة.
التعليقات
اثبات
إضافة تعليق جديد