اللعب بالإسلام
كيري أو هيلاري أو رايس ليسو أكثر من سائقين في قطار إمبراطورية تمشي على سكة مصالحها التي ترسمها طموحات الشركات الكبرى، لهذا فإن الفارق بين وزير خارجية وآخر هو الاجتهادات اللغوية في التصريحات الديماغوجية التي تخدم التوجه العام لإدارة السكك الأمريكية، يضاف إليها المسحة الهوليودية التي استخدمها كيري في قفزه على درج الطائرة بخفة لا تناسب سنه والإشارة إلى هيغ الذي كان بانتظاره بحركة استعراضية من إصبعه تقول له: «أنت الرجل» وهذا شيء مستعاد من الحقبة الريغانية التي شكلت جزءاً من شباب كيري الطموح، حيث عمدت المؤسسة السياسية إلى استيراد شخصيات هوليودية تناسب مسلسل حرب النجوم ضمن حقيقة أن الإعلانات هي ما يشكل مزاج الأمة وخياراتها . وعلى هذا الأساس يجري اختيار المرشح الرئاسي الأفضل في الإعلان الأنجح.. وبالتالي نلاحظ أن رؤساء أمريكا ليسو أشد ذكاء من أعضاء حزب البعث.. العراقي..
صحيح أن كيري كان صديقاً للرئيس الأسد كما كان أردوغان وحمد ومشعل، ولكن كما هو واضح لا صداقة أو عداوة نهائية في اللعبة السياسية، ومازلنا نذكر أن القذافي قد ساهم في تمويل حملة ساركوزي وغيره من السياسيين الأوروبيين الذين شاركوا في اغتياله..
وسوريا اليوم، كما كانت لبنان والعراق بالأمس، ساحة تنافس دولي، مع فارق أن الجيش العربي السوري هو المؤسسة الأقوى بين المتصارعين، وبالتالي الضامن لوحدة البلاد السورية والعدو الأكبر لإسرائيل، وبناء عليه يمكن تصنيف السوريين عبر موقفهم من الجيش..
والمسألة السورية اليوم كالمسألة الشرقية في أول حرب عالمية، متشعبة وشديدة التعقيد بما لا يمكن أن يدركه زعماء العصابات المعادية للجيش والدولة؛ وهي تمتد في جذورها إلى الصراع الأمريكي ـ الصيني والصدام المحتم بينهما خلال عقد من الزمان.. فـ«الوباء الأصفر» هو الخطر الأساسي الذي يتهدد مصالح الأمريكان بعدما كسروا شوكة الروس بتفكيك الاتحاد السوفيتي ومنظومته الاشتراكية في العالم اعتماداً على (المجاهدين) الإسلاميين في أفغانستان كما هو معروف.. وقد تقلص خطر الروس كما تجمد نشاط التبشير الشيوعي في العالم غير أن الخطر الصيني لا يتمثل في التبشير الشيوعي وإنما بالتمدد الاقتصادي في العالم عامة والولايات المتحدة خاصة.
وإذا عدنا إلى تقنية «الفوضى الخلاقة» التي اكتشفتها ( ولم تخترعها) كوندوليسا رايس بعد تفكك السوفييت بقنبلة الفوضى الأفغانية، فإن بعض صقور الإدارة يرغبون بتكرار التقنية نفسها بتفكيك الإتحاد الصيني بدلاً من مواجهته عسكرياً وذلك باستخدام الورقة الإسلامية.. ذلك أن الصين تشكل ثاني أقوى اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة الأمريكية وبضائعها الرخيصة تغزو العالم بما فيه أسواق أمريكا، وهي إمبراطورية غير معلنة، ضعفها يكمن في قوتها، إذ تتألف من 56 قومية بينها 10 قوميات إسلامية في مقدمتها عشائر الويغور التركمانية والتي لديها طموحات انفصالية لإقامة (تركمانستان الشرقية) تدعمها قوى العثمانية الجديدة الطالعة في تركيا نظراً للجذور القومية المشتركة بينهما، والمعروف أن الشيوعية الصينية لا تسمح بممارسة الشعائر الدينية بما فيها الطاوية والكونفوشيوسية والبوذية والمسيحية والإسلامية، لذلك فإن المتدينين يناصبون الدولة الماوية العداء ويتحينون الفرصة للانقضاض على النظام والاستقلال عنه، وأشدهم عداء كما ذكرنا هم المسلمين الويغور والطاجيك والمغول والتتار والأوزبك والقوزاق.. وهؤلاء لديهم امتدادات شرق أوسطية مع جماعات الإخوان المسلمين والوهابيين، وبالتالي فإن مجيء الحكومات الإخوانية على ظهر (الربيع العربي) سوف يمد الحريق الإسلامي إلى تخوم الصين ويشكل عاملا أساسيا في إضعافها إذا لم يتمكن من تفكيكها على غرار الاتحاد السوفيتي.. فكرة الإسلام السياسي تتدحرج وتكبر ككرة الثلج؛ وكما أن عشائر التركمان هم مقدمة التمرد السوري ووقوده في الجولان وحوران وحمص وشمال اللاذقية وريف إدلب، كذلك هم في غرب الصين، وليس على الأمريكان سوى وصل الأطراف الإسلامية بالصمغ الإخونجي الذي تحرص واشنطن على التحكم بحكوماته في مصر والسعودية، وإذا استولو على سوريا فإنها ستسد الفراغ المنقطع مع تركيا وتصل إلى جمهوريات (ستان) الإسلاموية التي تشكل تهديداً مباشراً على الهند أيضا..
ومن غير واشنطن لديه مصلحة في إشعال الحروب واستثمارها في العالم؟! وما يساعد واشنطن أن العقيدة الإخونجية، كالصهيونية، ذات نزعة توسعية لا تعترف بالحدود الوطنية، وبالتالي فإن الاستخبارات الأمريكية تعمل على مد النار الإسلاموية أو إطفائها في الشرق المترامي بحسب مصالح واشنطن المستقبلية، وهذا يفسر كيف أنها تحارب الإرهاب وتستثمره في الوقت نفسه كما هو الحال مع «جبهة النصرة» في سوريا ولبنان وشطري «إئتلاف» قوى 14 آذار اللبنانية والسورية اللذان يتبنيان نفس أهداف مجاهدي"النصرة" بالرغم من ادعائهم العلمانية.. إنها لعبة شطرنج تربح فيها واشنطن في كل نقلة بانتظار " كش ملك" ..
غير أن اللعبة الإسلامية محفوفة بمخاطر خروجها عن رقعة الشطرنج وتحولها إلى كابوس يهدد القواعد الأمريكية في البلاد العربية والإسلامية، وهذا أمر يستدعي إذكاء الحرب السنية ـ الشيعية لإطفاء النار بالنار واستمرار التدفئة عليها بالوقود الإيراني المرتجى الحصول عليه في حال إسقاط حكم الآيات فيها وتجفيف منابع حزب الله اللبناني وحليفه الأسد.. إنها ألعاب شيطانية أمريكية يستخدم فيها الشرق الأوسط ضد الشرق الأقصى (الصين والهند) ولكن هذا أمر دونه خراب الشرق كله.. تخيلوا مثلاً في حال انهيار النظام الصيني الذي يفرض بالقوة على شعوبه نظام الولد الواحد، ماذا سيحصل لشعوب قوامها مليار ونصف المليار صيني في حال انفجار قنبلته الديموغرافية.. هذا سؤال جوابه موجود في التاريخ العربي الإسلامي خلال تمدد جحافل المغول والتتار إلى البلاد الإسلامية: إسلام ضد الإسلام، إسلام ضد الجميع، يدمر كل ما يمر في طريقه كما تفعل «جبهة النصرة» بسوريا اليوم.. إنها عودة للماضي للعب بالتاريخ وتحريف سياقه لخدمة قادة «متعددة الجنسيات» في الناتو الأمريكي الذي يهدد وجودنا منذ الأيام الصليبية وحتى أيام الإخونجية الذين يرغبون بإقامة خلافتهم الإسلاموية حتى لو تحالفو مع الشيطان الأكبر ..
وبالعودة إلى جولة الوزير كيري على حكومات أنقرة والقاهرة والرياض الإسلاموية، يمكن القول أنها لترتيب الورقة الإسلامية واستخدامها في المفاوضات بين واشنطن وموسكو على الملف السوري، حيث مازالت الأخيرة تخسر بسببها منذ خروج جنودها من الصومال في منتصف سبعينات القرن الماضي وحتى خسارتها في أفغانستان والشيشان.. لهذا لسنا نعول كثيراً على الكومساري كيري لأن القطار الأمريكي كان ومايزال يمر على أعناقنا دونما تمييز بين مسلمين ومسيحيين هندوساً أم شيوعيين، وعتبنا على أصحابنا اليساريين الذين يمدون طبقة الشوكولا فوق الخراء الإخونجي غير متعظين من الدرس المصري ـ التونسي الماثل أمامهم، والذي يتكرر عندنا بدليل الأسماء السلفية التي تسم «كتائب وألوية» المعارضة المسلحة في سوريا، إذ لم نسمع بعد بمجموعة مقاتلة تحمل اسم خالد بكداش أو أكرم الحوراني أو أنطون سعادة أو حتى فارس الخوري ويوسف العظمة وسائر آباء الاستقلال ومؤسسي الحلم السوري الذي يدوسه مغول وتتار «جبهة النصرة» و«الائتلاف» المأجور الذي يغذيها بالمال والسلاح.. ولهذا يمكن القول أن الجيش العربي السوري اليوم يدافع عن استقرار الأمة واستمرار الإسلام المعاصر في التعايش مع بقية الأمم وازدهار هذا الشرق بدم شهدائه الذي يروي كل تراب سوريا الغالي..
تنويه: المجازر التي تتعرض لها مخافر ومدارس الشرطة منذ بداية الأحداث غير مفهومة طالما أن قوات الشرطة غير داخلة في الحرب العسكرية النظامية ضد المتمردين، غير أن تسريبات تقول بأنه تمهيد إخونجي لفرق المطوعين في الدولة الإسلامية السورية التي يحلمون بإدارتها لاحقاً، يؤكد ذلك ماتبثه قنوات المعارضة عن مراكز شرطة في الشمال يشغلها رجال ينتعلون لحاهم ويرتدون ثيابا بلا لون يديرون مناطقهم اعتمادا على فتاوى شيوخ السلفية..
فصل في الرقابة: خلال ربع قرن من الكتابة كنت أعتبر أني ـ كورقة الكربون ـ أنقل الواقع كما هو، سواء كان مع الناس وضد الحكومة أو ضد الجميع بالتساوي.. وقد اكتشفت العام قبل الماضي أن موظفاً في إدارة أمن الدولة (قبل الأحداث) كان يعمل بإدارة المنشق لاحقا د. سمير التقي، صاحبنا بتاع «مركز الشرق للأبحاث» ماغيرو، قد تم تفريغه لكتابة تقرير عن مقالاتي اليومية الساخرة، غير أن الموظف المكلف في أمن الدولة أدمن قراءة مقالاتي بعدما أحبها وتأثر بها إلى درجة استقالته من عمله، ثم أصبح صديقاً لي على الفيسبوك قبل أن ألتقيه صدفة في العمل التطوعي لمساعدة المهجرين ويحكي لي حكايته، وهذي قصة درامية سوف أرويها يوماً عن بطل من بلادي.. بالمقابل كانت مقالاتي تترجم في المركز الثقافي الأمريكي بدمشق وترسل إلى وزارة الخارجية في واشنطن (كوثيقة تنقل الواقع السوري) عرفت ذلك من بعض موظفي المركز السوريين، وتأكدت بعد زيارتي للولايات المتحدة الأمريكية بدعوة من الخارجية الأمريكية و (موافقة وزارة الإعلام) حيث ناقشني في مبنى الخارجية الأمريكية (عام 2002)، وبحضور 9 صحفيين عرب، المكلف بالملف السوري حول بعض الأفكار التي نشرتها في جريدة تشرين عن شكل العلاقة الأمثل بين واشنطن ودمشق، وكنت في إحداها قد اقترحت بنوداً للتعاون بين النخب الثقافية والاقتصادية لتطوير العلاقات بما يخدم الشعبين، ويبدو أن الأمريكان فعلو .. حيث تم شراء من يمكن شراؤه من هذه النخب وتم استخدامها بما لا يخدم الشعبين، والشاشات المعادية تشهد؛ وصرت اليوم طريد أفكاري بالأمس حيث بات يصفني بعض أعدائي الخوارج بالمعارض الشبيح !؟
نبيل صالح
التعليقات
الهيئة إذا ما رح تذوق على دمك
أنت مواطن أيّها النبيل...
فصل في الرقابة
إلغي
تكريم أبطال الجيش العربي السوري
الشوكولا الممدودة فوق الخراء
استاذ نبيل صالح تحياتيارجو
أن تصل متأخراً كانك لم تصل أبداً
امير الظلام يقول احلى الكلام
ولا عزاء للسيدات
إلى إمهات سوريا
جائزة ترضية
"فتح"روابط بين المثقفين
لماذا لم يطلق أسماء يوسف
صرخات في الوديان
فهل من سنة ثالثة ؟
النبيل الذي لا ينسى أحد
عصفورية
الغبي يحقد أكثر من الذكي
الأسرة السورية
مصالحهم وغباءنا
جعل قس بن ساعدة يخطب
أعترف أني حزين جدا , متألم
الاولاد
خونة الشعب السوري
الآن أو لاأمل
الغبي يفشل أكثر بكثير مما
أنا أضرب نفسي بالجزمه كل يوم خمس مرات
هيك عالماشي
إضافة تعليق جديد