أسئلة 2014 على الساحة اللبنانية السورية
حقّق اغتيال الوزير اللبناني المستقبلي محمد شطح الهدف منه. «ما بعده، ليس ما قبله»، على حد تعبير الرئيس فؤاد السنيورة الذي أعلن: «قررنا السير إلى مقاومة سلمية مدنية وديمقراطية، وتحرير الوطن من احتلال السلاح غير الشرعي». إنها ثورة الأرز مجدداً في ربيع لبناني، سرعان ما ستتم عسكرته كالربيع السوري؛ يكاد زمن الحرب، لدى الجار الكبير، أن ينتهي، من دون أن تتغير معادلات القوة في لبنان، وقد آن الأوان لكي تمتد النيران لتشمله. القرار السعودي ــــ الإسرائيلي بشنّ الحرب على حزب الله أصبح جاهزاً، أدواته المحلية من «ديموقراطيين سلميين» و«إرهابيين»، مستعدة، ولم يعد ما يُخجل في رفد هذه الأدوات، بعدوان إسرائيلي يبدأ، عند الضرورة، في الوقت المناسب؟
في المنظور البراغماتي الأميركي، لا يتعارض التلويح بسيناريو «الثورة ضد حزب الله»، وحتى المضي به إلى هذا الحدّ أو ذاك، مع التفاهمات الدولية والإقليمية بشأن سوريا؛ فالتنازلات المطلوبة لإتمام التسوية السورية يمكنها أن تشمل، أيضاً، سلاح المقاومة: ثمن آخر غير «الكيماوي» قد يصبح في متناول اليدّ! ولمَ لا؟ إنما الوقت المتاح أمام التحالف السعودي ــــ الإسرائيلي، محدود جداً؛ فالولايات المتحدة، في ظل ضغوط عودة القطبية إلى السياسة الدولية، لديها أولويات تستهلك الزمن: الملف النووي الإيراني، والتسوية الفلسطينية ــــ الإسرائيلية، وتوطّن الظاهرة الإرهابيّة في سوريا والعراق.
بينما تستقبل الرياض «حليفها الأفضل»، الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، تذهب إلى الحد الأقصى في تحدّي روسيا. رئيس الاستخبارات السعودية، بندر بن سلطان، يعطي الإشارة الأولى في تنفيذ وعيده للكرملين: انتحارية تفجّر نفسها في محطة فولغوغراد. كيف سيكون ردّ الفعل الروسي على هذه الضربة الموجّهة إلى هيبة القيصرية الصاعدة؟ هناك الكثير الذي يمكن لموسكو أن تفعله. متى وكيف وأين؟ وما هي انعكاسات الردّ الروسي ذاك على العلاقات مع واشنطن، وعلى علاقات الأخيرة مع الرياض؟
إدارة باراك أوباما تضيق ذرعاً بالسعوديين؛ تفيد من تصعيدهم؟ صحيح. ولكن الرياض تشن حملة إقليمية وعالمية ضارية، وبلا حسابات، حملة تخرج عن نطاق القدرة الأميركية على تسيير برامجها التفاوضية، بل وقد تزعزع استراتيجياتها التسووية في الشرق الأوسط كله، خصوصا الترتيبات الخاصة بالعراق.
توصّلت واشنطن مع العراقيين إلى تفاهمات أثمرت تزويد بغداد بأسلحة تحتاجها في مكافحة الإرهاب، ولكن الأهم هو الدعم السياسي الذي أعطى لرئيس الوزراء العراقي الضوء الأخضر للشروع في هجوم شامل. وفي هذا السياق، حصل المسؤولون الأردنيون، بدورهم، على الإشارات اللازمة لتجاوز الضغوط السعودية، والتوجه إلى بغداد.
وفي لهجة أردنية جديدة نحو عراق ما بعد 2003، وخطاب دعم صريح لرجل العراق القوي، قال رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور للمالكي «لم تَعِدْنا بشيء إلا وفعلته؛ فنحن نتعامل مع رجل صادق. ونحن أيضاً ما سنقوله سنفعله»، وأكد: «ما يربط بلدينا كثير، وما يمكن أن نفعله أكثر. وإننا نعوّل على هذه الشراكة».
عمّان ــــ التي تتشوق إلى استعادة التعاون الاقتصادي مع العراق ــــ تستطيع أن تساعد بغداد، جدياً، في معالجة شؤون هذه المنطقة الحساسة، على المستويين، السياسي ــــ الاجتماعي والأمني. يمثّل ذلك تحدياً جديداً للسعودية التي لم يعد ملكُها، عبدالله بن عبدالعزيز، يخفي نفوره إزاء ملك الأردن ونظامه الذي لا يبدي التعاون المطلوب في سوريا. التعاون الأمني الأردني ــــ العراقي، سيصبّ، موضوعياً، في مواجهة الظاهرة الإرهابية في سوريا؛ فهل سنشهد رداً إرهابياً داخل الأردن، خصوصاً في ظل توترات اجتماعية، دفعت محرري «الإيكونوميست» إلى تصنيف البلد في خانة «المخاطر العالية»؟
الإرهاب عاجل المصريين بضربات متلاحقة متراصفة مع تمرد عنفي للإخوان المسلمين. السعودية تدعم سياسة القاهرة لاستئصال الجماعة من أرض الكنانة؛ لكن، في لحظة ما ومكان ما، سيكتشف النظام المصري الجديد أنه مضطر لتحدي السعودية إقليمياً. فالحرب على الإرهاب ليس لها حظ من النجاح إذا ما بقيت داخل الأسوار. بدأت القاهرة ــــ المتململة من وضع التبعية السياسية المزري ــــ تتواصل مع إيران، بعدما فتحت الأبواب، واسعةً، للتعاون مع موسكو. هل ستتلافى مصر المآل السوري في 2014؟ وهل يمكنها ذلك من دون تحالفات وسياسات من شأنها أن تصطدم، موضوعياً، مع السعودية؟
أخيراً، قد تجد واشنطن والرياض نفسيهما في خندق واحد ضد نظام رجب طيب أردوغان، لكن السعوديين لا يستطيعون المواءمة بين هذه السياسة، وحاجتهم إلى الحدود التركية لإدامة الحرب في سوريا، من دون فوضى ومناطق تركية تحت سيطرة الإرهابيين. فهل يُخرج هذا السيناريو الجيش التركي من ثكناته؟
ناهض حتر
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد