الجيش العراقي يحاصر الفلوجة ولا يدخلها والمالكي يطالب بتحرك دولي
لم تنه القوات العراقية والعشائر المساندة لها معركة استعادة مدينتي الفلوجة والرمادي في محافظة الأنبار من عناصر «الدولة الإسلامية في العراق والشام» بعد. وسجل اليومان الماضيان استمرار العملية العسكرية في الرمادي لبسط سيطرة كاملة عليها، وزيادة التحضيرات حول الفلوجة عبر محاصرتها قبل إطلاق «هجوم كبير» بدا أنّ تجميده يهدف أولاً إلى حقن الدماء، وثانياً إلى إعطاء فرصة لاستمالة أوسع دعم عشائري ممكن، قد يلغي الحاجة إلى القيام بعملية عسكرية.
كما سجل اليومان الماضيان أيضاً إعلان دعم أميركي واضح للحكومة العراقية، جاء على لسان نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، مترافقاً مع الإعلان عن تسريع تنفيذ أجزاء من صفقات التسليح العسكرية.
في هذا الوقت، أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أمس، أنه «في الوقت الذي نثمن فيه الموقف الدولي، ندعو إلى صدور بيان واضح من مجلس الأمن يدعم معركة العراق ضد الإرهاب ويحذر الدول والجهات الداعمة له من مغبة الاستمرار في هذا النهج الذي يزعزع الأمن والاستقرار الدوليين».
وقال المالكي، خلال استقباله سفراء ورؤساء البعثات الديبلوماسية في العراق، وفق بيان صادر عن مكتبه، إنّ «العراقيين يقفون موحّدين إزاء هذا التهديد أكثر من أي وقت مضى وإنهم لن يتراجعوا حتى نهاية الإرهاب».
وأكد المالكي خلال اجتماعه بالسفراء، وفقاً للبيان، أنّ «المعركة التي يخوضها العراق مع الإرهاب هي معركة العالم أجمع الذي يشعر بالتهديد من هذا الإرهاب والتطرف».
بدوره، قرر مجلس الوزراء العراقي، أمس، مواصلة العمليات العسكرية في محافظة الأنبار، التي تشترك مع سوريا بحدود يصل طولها إلى نحو ثلاثمئة كيلومتر، «حتى تطهير أرض العراق من الإرهاب».
وتأتي هذه التطورات في وقت يستمر بروز الدعم الدولي، وتحديداً الأميركي. وفي هذا الصدد، أعلن البيت الأبيض، في بيان أمس الأول، أنّ نائب الرئيس الأميركي جو بايدن تحدث إلى رئيس الوزراء العراقي للتعبير عن «مساندة الولايات المتحدة لجهود العراق في محاربة الجماعات التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وهي رسالة أكدها بايدن في محادثة هاتفية أخرى أجراها مع رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي.
وقال البيت الأبيض «عبّر نائب الرئيس عن القلق على العراقيين الذين يتعرضون للأذى على أيدي الإرهابيين، وأشاد بالتعاون الأمني في الآونة الأخيرة بين قوات الأمن العراقية والقوى المحلية والعشائر في محافظة الأنبار»، مضيفاً أنّ واشنطن تقوم بتسريع مبيعاتها من العتاد العسكري وتعجل بتسليمها إلى العراق لمساعدته.
وأضاف البيان «ناقش الاثنان أفضل السبل للحفاظ على التعاون الذي تم في الآونة الأخيرة وتوطيده بين العشائر السنية والحكومة العراقية».
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني «إننا نعمل بشكل وثيق مع العراقيين لوضع استراتيجية شاملة لعزل الجماعات التي تنتمي إلى القاعدة، وقد شهدنا بعض النجاحات المبكرة في الرمادي»، مضيفاً «هذا الوضع ما زال مائعاً ومن السابق لأوانه استخلاص نتائج بشأنه، لكننا نقوم بتسريع مبيعاتنا الخارجية من العتاد العسكري».
وجاء ذلك في وقت أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية ستيفن وارن أن بلاده قررت تسريع تسليم مئة صاروخ إضافي من نوع «هلفاير» وطائرات مراقبة من دون طيار، «سكان ايغل»، إلى العراق، في وقت لا تزال الحكومة العراقية تطالب واشنطن بتزويدها بمقاتلات متطورة، منها «اف 16»، وطوافات «اباتشي».
بدورها، أعربت وزارة الخارجية الفرنسية عن قلقها من هذه المواجهات، مؤكدة دعمها للحكومة العراقية «في مواجهتها مع الإرهاب»، مشددة على أنّ «وحده الحوار السياسي الذي يشمل كل مكونات المجتمع العراقي سيسمح بالوصول إلى حل طويل الأمد لعدم الاستقرار الذي تشهده البلاد».
ميدانياً، عززت القوات العراقية استعداداتها العسكرية قرب مدينة الفلوجة، الواقعة تحت سيطرة مقاتلين تابعين لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، إلا أنها أكدت أن مهاجمة هذه المدينة، التي تعرضت لحربين أميركيتين في العام 2004، أمر غير ممكن «الآن».
وقال مصدر أمني إنّ «الجيش أرسل اليوم (أمس) تعزيزات جديدة تشمل دبابات وآليات إلى موقع يبعد نحو 15 كيلومترا عن شرق الفلوجة»، من دون إعطاء تفاصيل إضافية، ما يؤكد ما أعلنته مصادر أمنية في نهاية الأسبوع الماضي بشأن التحضير لـ«هجوم كبير» ضد المسلحين في المدينة.
وبدا في اليومين الماضيين أنّ أحد أهم الأسباب الدافعة نحو تأجيل الهجوم هو تجنيب المدينة العملية العسكرية، حيث وجه نوري المالكي، وهو القائد العام للقوات المسلحة، في بيان مقتضب أمس الأول، نداء إلى «أهالي الفلوجة وعشائرها بطرد الإرهابيين من المدينة حتى لا تتعرض أحياؤها إلى أخطار المواجهات المسلحة».
أما مدينة الرمادي المجاورة، فقد عاشت، أمس الأول، ليلة من الاشتباكات قتل فيها أربعة مدنيين، على الأقل، وامتدت حتى يوم أمس، حاولت خلالها القوات الحكومية دخول مناطق يسيطر عليها مسلحو «القاعدة» في جنوبها وفي شرقها، من دون أن تنجح بوضوح في ذلك، قبل أن يقتل 25 مسلحاً فيها بضربة جوية.
وفي ظل هذه التطورات، دعا تنظيم «داعش»، أمس، «سنّة العراق» إلى عدم إلقاء السلاح. وقال المتحدث باسم التنظيم الشيخ ابو محمد العدناني، في تسجيل صوتي، «يا أهل السنة لقد حملتم السلاح مكرهين ... فإياكم أن تضعوا السلاح فإن تضعوه هذه المرة فلَتستعبدون لدى الروافض ولن تقوم لكم قائمة بعدها».
وأضاف «يا أهل السنة، لقد خرجتم في العراق متظاهرين مسالمين منذ سنة وقد أخبرناكم في حينها أن الروافض لا يجدي بهم الحلم ولا ينفع معهم السلم، وأقسمنا لكم انهم سيكرهونكم على حمل السلاح ... وها قد حملتموه». وتابع «حملتموه رغم إصراركم على السلمية ورغماً عن أنوف دعاوى وفتاوى عمياء مضللة لساحات الاعتصام».
وقال المتحدث باسم «داعش» إنّ عناصر هذا التنظيم «عائدون إلى جميع المناطق التي انسحبنا منها ... عائدون إلى فلوجة العز، فلوجة المجاهدين، فلوجة الشهداء ... ولن ننسى دماء إخواننا في فلوجة الأبطال»، داعياً في الوقت ذاته إلى الانسحاب من العملية السياسية، والجنود وعناصر الشرطة وقوات «الصحوة» إلى تسليم أسلحتهم لمقاتلي هذا التنظيم، متوعداً هؤلاء بالقتال اذا لم يقدموا على ذلك.
وأكد كذلك أن معركة التنظيم «مع الرافضة معركة واحدة في العراق والشام واليمن وباقي الجزيرة وخرسان»، معتبرا ان هؤلاء هم «العدو القريب الخطير لأهل السنة وان كان الأمريكان (الأميركيين) هم أيضا عدواً رئيسيا ولكن الرافضة خطرهم أعظم وضررهم أشد وأفتك على الأمة من الامريكان». كما شدد على أنّ «الدولة الإسلامية» في المنطقة لن تقام إلا على «الجماجم والأشلاء والطاهر من الدماء».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد