فشل جنيف يفجّر اتهامات بين موسكو وواشنطن واتهام الإبراهيمي بعدم الحياد في التحكيم
تبادل راعيا مؤتمر "جنيف 2"، روسيا والولايات المتحدة، أمس، الاتهامات بعرقلة المفاوضات في جنيف. وفيما اعتبرت واشنطن أن الحكومة السورية تتسبب بتعثر المفاوضات بسبب "الدعم المتزايد من إيران وحزب الله وروسيا"، ردت موسكو باتهام الغرب بالعمل على خلق هيكل جديد للمعارضة السورية ليحل محل "الائتلاف الوطني السوري" ويدفع باتجاه الحل العسكري لإنهاء الصراع، وليس من خلال التفاوض السياسي.
ويأتي حديث موسكو عن هيكل جديد للمعارضة السورية، الرافضة للتفاوض، بعد ساعات من إطاحة "المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر" رئيس "هيئة الأركان" اللواء سليم إدريس وتعيين العميد عبد الإله البشير، رئيس "المجلس العسكري" في محافظة القنيطرة، مكانه. وكانت "وول ستريت جورنال" قد نقلت، السبت الماضي، عن ديبلوماسيين ومصادر أن السعودية قررت تقديم صواريخ مضادة للطيران والدبابات الى المسلحين.
وكانت مصادر في "الائتلاف" قد ذكرت أن السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد طالب المعارضة، في جنيف، بتطوير عملياتها على الجبهة الجنوبية، في حوران، من الأردن إلى مشارف الريف الدمشقي للرد على التصلب السوري، وتهديد دمشق بهجوم مماثل لهجوم نظمته الأجهزة السعودية والأميركية والفرنسية والأردنية على الغوطة الشرقية انطلاقاً من الأردن في تشرين الثاني الماضي، وشارك فيه 2500 مقاتل. وأعاد الأميركيون تنظيم ٤٩ فصيلاً مقاتلاً في المنطقة، وتجميعها تحت "هيئة أركان" مشتركة.
في هذا الوقت، ضيّق الجيش السوري الخناق على يبرود، آخر مدينة مهمة يسيطر المسلحون عليها في منطقة القلمون، واسترد قرية معان في ريف حماه. كما تقدم الجيش السوري على محور حلب، حيث استرد عدة مناطق في طريقه لفك الحصار عن سجن حلب المركزي.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في جاكرتا قبيل انتقاله إلى أبو ظبي، "لقد عرقل النظام (السوري) المحادثات. لم يفعل شيئاً غير الاستمرار في إلقاء البراميل المتفجرة على شعبه ومواصلة تدمير بلده. ويؤسفني أن أقول إنهم يفعلون ذلك مستندين إلى دعم متزايد من إيران وحزب الله ومن روسيا".
وأضاف أن "روسيا يجب أن تكون جزءاً من الحل بدل أن توزع المزيد من الأسلحة والمزيد من المساعدات (للنظام السوري) بحيث تشجع في الواقع (الرئيس السوري بشار) الأسد على المزايدة وترسيخ موقفه، ما يطرح مشكلة كبرى". وتابع "من الواضح جدا أن الأسد يواصل محاولة كسب هذا في ساحة القتال بدلا من الذهاب لطاولة المفاوضات بنية طيبة".
وسارع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الرد على كيري، مستشهداً "بأدلة على أن بعض داعمي المعارضة بدأوا يشكلون كياناً جديداً" يضم معارضين للنظام السوري انسحبوا من "الائتلاف".
وقال لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الاريتري عثمان محمد صالح في موسكو، "ظهرت تقارير، ونحن نحاول تأكيدها تفيد بأن بعض رعاة المعارضة بدأوا في تشكيل هيكل جديد. اسمه ليس مهماً، لكن هذا الهيكل يجري تشكيله من جماعات تركت الائتلاف الوطني من بين الجماعات التي لا تؤمن بمفاوضات السلام. وتفيد التقارير التي اطلعنا عليها، ونعمل على تأكيدها، أنهم يريدون لهذا الكيان أن يحل محل الائتلاف. بمعنى آخر، يختارون ترك مسار محادثات السلام ومرة أخرى يفضلون الخيار العسكري، على أمل أن يحصلوا على تأييد قوي من الخارج كما كانت الحال في ليبيا".
وانتقد لافروف الولايات المتحدة لأنها لم تضمن حضور وفد واسع التمثيل للمعارضة في محادثات "جنيف 2"، موضحاً أن روسيا قامت بدورها في إقناع الحكومة السورية بحضور المحادثات.
وبشأن تصريحات واشنطن عن نيتها تكثيف ضغوطها على دمشق، قال لافروف إن موسكو ترحب بهذا التوجه، إذا كان الحديث يدور عن الضغوط السياسية. وأضاف "كنا ندعو دائما إلى أن تعمل الولايات المتحدة مباشرة مع السلطات في سوريا. قلت ذلك مراراً لكيري، رداً على دعواته لنا بالتأثير على النظام كي يكون أكثر مرونة في هذه المسائل أو تلك".
وأكد لافروف أن روسيا لن تسمح لمجلس الأمن الدولي بتمرير قرار يسمح لقوافل المساعدات الإنسانية بدخول سوريا من دون موافقة السلطات في دمشق. واعتبر أن "الجهات التي تطالب باستصدار قرار دولي صارم باعتباره الوسيلة الوحيدة لتخفيف معاناة السكان في سوريا، يمكنها، في الحقيقة، استخدام المسارات التي تستخدم لتوريد الأسلحة إلى سوريا، لإيصال الأغذية".
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أن الحكومة السورية "محقة تماماً في جهودها لوضع موضوع الإرهاب على رأس جدول الأعمال، لأن سوريا أصبحت بشكل متزايد مجالاً جاذباً للجهاديين والإسلاميين المتشددين من كل الأنواع". واتهمت داعمي المسلحين بالسعي "لتغيير النظام".
وأشادت الخارجية "بالنية الإيجابية لوفد الحكومة السورية في المحادثات"، مضيفة أن "الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي يجب ألا يشرد تجاه الاتهامات الأحادية وإلقاء اللوم في تعثر الحوار على طرف واحد".
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد