شطب «الأردن وفلسطين» من المناهج التربوية والاستعانة بـ«إسرائيل»
أثارالتغيير في المناهج التربوية للصف الرابع الابتدائي في الأردن، اعتراضاً شعبياً واسعاً، وهجمة إعلامية محلية على مؤسسة القرار في عمان والسياسات التعليمية الأردنية، واصفين إياها بأنها تتعرض لإملاءات خارجية، وذلك بعدما قامت وزارة التربية والتعليم الأردنية بتوزيع منهاج على طلبة المدارس الابتدائية والإعدادية يظهر كلمة «إسرائيل» فوق خريطة فلسطين.
ويظهر في كتاب «التربية المهنية» الذي يفترض أنه يتعلق بالتوعية الصحية، رسمٌ لقاعة صف مدرسي يشير فيه الأستاذ من بعيد إلى خريطة يتوسطها الأردن وحوله إسرائيل من الغرب، والسعودية والعراق من الشرق، وسوريا ولبنان من الشمال، وتقع الضفة الغربية بين إسرائيل في الغرب وبعض المدن الأردنية مثل إربد والزرقاء وعمان في الشرق، من دون أن يرد ذكر الأردن على الخريطة المذكورة، فالشطب هنا يلحق الأردن وفلسطين.
ويتكرر الرسم نفسه في أكثر من صفحة للكتاب، وهو ما يمثل استهدافاً مغرضاً وخبيثاً لوعي الأطفال في تلك الفئة العمرية برعاية رسمية، وللتأكيد بأن فلسطين غير محتلة. ثمة إشارة على الخريطة الى أن مرتفعات الجولان محتلة من طرف إسرائيل، ما يعني أن ما عداها غير محتل، حسب ما أفاد به تربويون.
يشار إلى أن عشرة كتب تم توزيعها على الأطفال؛ بينها ثمانية تحمل ختم مؤسسة «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، ولا توجد فيها صورة خريطة إسرائيل بدون الأردن أو فلسطين أسوة بالكتب التي لا تحمل اسمهما، ما يوحي بأن المشروع بأكمله ممول من الولايات المتحدة الأميركية.
ولم يقتصر التعديل على هذا، وإنما تعداه ليطال حدف الوحدات الخاصة بالشهيد الطيار فراس العجلوني من منهاج اللغة العربية للصف الثالث الابتدائي، والعجلوني هو أول ضابط عربي يسجل اختراقاً للأجواء الإسرائيلية، ويدمر بطائرته العديد من طائرات الجيش الإسرائيلي.
بالمقابل، نفت وزارة التربية والتعليم ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول قيام الوزارة بحذف النص المتعلق بالشهيد فراس العجلوني.
من جانبها، أوضحت أمينة سر نقابة المعلمين هدى العتوم لـ«الأخبار»، أنه «لم يصل للنقابة أي كتاب رسمي يعترض على التعديلات، فقط وصل كتاب من النائب طارق خوري للنقابة يطالبها بمتابعة المسألة ورفض هذه المناهج»، وأكدت العتوم أن «طبعة ٢٠١٤ التي لم تصدر بعد في مادة «اللغة العربية» و«الاجتماعيات» التي يتوقع أن يكون التغيير بها، هي التي ستكون الفيصل بتأكيد المسألة أو نفيها».
ولفتت إلى «احتمال أن تكون وزارة التربية قد لجأت إلى سحب أي نسخ جديدة احتوت هذا التغيير قبل وصوله إلى أيدي الطلبة بفعل الضجة التي أثيرت»
واعتبر مراقبون أن حذف فلسطين من مناهج مدارس التربية والتعليم للصفوف الأولى لا يقرره وزير منفرداً، وإنما لجان وسياسات عامة تتعلق بالدولة الأردنية، وبالتالي تحميلها لوزير محدد هو نوع من العبث السياسي، إذ سيثبت الوزير بالدليل القاطع أنه ليس مسؤولاً عن هذا التوجه، فتضيع المسؤولية ويبقى حال الحذف على حاله.
لذا دعا مراقبون من سيتصدون لهذه المسؤولية الى العمل على تصويب المناهج والسياسات العامة التي أقرت وترتب عليها حذف فلسطين، وهو نهج وسياسات تنسجم مع معاهدة وادي عربة المذلة، وأولى خطوات تصحيح وتصويب المسار إلغاء المعاهدة وما ترتب عليها من التزامات.
والمتابع للشأن التعليمي في الدول العربية، ومنها الأردن، يرى أثر التطبيع على السياسة العربية واضحاً بحكم معاهدات السلام التي جمعت بين إسرائيل والدول العربية المطبّعة، كمصر والأردن، فقد تم الغاء منهاج دراسي كان مقرراً للمرحلة الثانوية وهو كتاب (القضية الفلسطينية) عام 1983، ويقول معلمون وتربيون إن الخطوة قد تكون جاءت بناءً على مفاوضات سابقة لاتفاقية «وادي عربة» لم يتم الإعلان عنها، لأن الحديث عن تعديل هذا الكتاب بدأ بعد اتفاقية «كامب ديفيد» بين الكيان الصهيوني ومصر، وبدلاً من تحديثه تم إلغاؤه.
وبحسب تربويين، فقد تم أيضاً حذف حديث نبوي شريف «نظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود» من مناهج المرحلة الأساسية للتربية الاسلامية، وتلاه حذف عبارة «احتل العدو الصهيوني فلسطين» من منهاج الصف الرابع الابتدائي خلال سنوات مفاوضات السلام، وما إلى ذلك من الأمثلة المشابهة في منتصف التسعينيات وأواخرها.
نقابة المعلمين شددت على أن الأردن عليه «واجب وطني وتاريخي كبير في وضع مناهج وطنية حقيقية تجاه القضية الفلسطينية، لأنها ليست كأي دولة عربية أو اسلامية أخرى، ودورها التاريخي ومكانتها لفلسطين عبر التاريخ يحتّمان عليها ذلك».
وطالبت النقابة بأن تكون المناهج التعليمية تحت اشراف كامل ومباشر من لجان وزارية ونقابية مشتركة، من دون أي تدخل من أي «جهة خارجية»، فيما صرح نقيب المعلمين حسام المشه عبر الوسائل الاعلامية بأن هناك املاءات أميركية نتيجة الدعم المالي الذي تحصله الوزارة منها، على حد وصفه.
يذكر أن السفيرة الأميركية في عمان، أليس ويلز وقعت مع وزير التربية والتعليم، محمد ذنيبات ووزير الأشغال العامة والإسكان، سامي هلسة ومديرة بعثة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بيث بيج أمس، شهادة تقرّ بأن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ستدعم تطوير التعليم في الأردن خلال السنوات الخمس القادمة بقيمة تصل إلى 140 مليون دولار أميركي.
محمود الشرعان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد