«ولاية» جديدة لـ«الدولة الإسلامية» في حماه و«داعش» يتمدد نحو اليمن والجزائر
على الرغم من تنفيذ طيران التحالف الدولي خمسة آلاف غارة جوية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ــ «داعش»، بحسب ما أعلن البنتاغون مؤخراً، إلا أن الأخير ما زال قادراً على التحرك وترسيخ وجوده في مناطق جديدة.
وفي اليمن استطاع فرض وجوده على تنظيم «القاعدة»، وأصبح يمتلك بنية هيكلية وقيادات تتحرك في السر والعلن، وهو بصدد اتخاذ إجراءات جديدة في الجزائر.
أما في سوريا فقد عاد بشكل قوي إلى ريف حماه، معلناً عن تجديد «ولايته» هناك.
وبعد ليبيا، التي نجح «داعش» بتوسيع عملياته فيها، مع الاستمرار بالسيطرة على مدينة درنة التي تعتبر مركز إقليم برقة، حيث أعلن «ولايته» الأولى في البلاد، تشير المعلومات إلى أن عيون التنظيم تتجه نحو الجزائر، التي سبق لزعيم التنظيم أبي بكر البغدادي أن أعلن اسمها ضمن الدول التي قبل «البيعات» فيها، مطلقاً عليــها تسمية «الولايات» وذلك في تسجيله الصوتي الأخير الذي حمل عنوان «ولو كره الكافرون» والصادر في تشرين الثاني الماضي.
وبحسب مصدر مقرب من التنظيم فإن المرحلة المقبلة ستشهد اهتماماً مكثفاً بـ«ولاية الجزائر»، تمهيداً لاتخاذ خطوات عملية تستهدف تعزيز تواجد «الدولة» فيها، خصوصاً في ظل العملية التي يشنها الجيش الجزائري ضد المبايعين، والتي أسفرت مؤخراً، بحسب وزارة الدفاع الجزائرية، عن مقتل قائد «جند الخلافة» عبد المالك قوري، المعروف بلقب خالد أبو سليمان، الذي انشق في أيلول الماضي عن «القاعدة» وبايع بعدها البغدادي. ويشن الجيش الجزائري عملية عسكرية ضد المتطرفين جنوب شرق البلاد منذ ما يقارب أربعة أشهر، في أعقاب اختطاف السائح الفرنسي إيرفيه غورديل وقتله من قبل جماعة «جند الخلافة».
ويأتي كلام المصدر حول التوجه نحو الجزائر بعد مرحلة أتمّ فيها «الدولة الإسلامية» ترسيخ تواجده في اليمن، عبر إنهاء تشكيل بنيته الهيكلية، التي تضمنت تعيين القيادات العسكرية والشرعية وتوزيع الصلاحيات في ما بينها.
وتشير المعطيات المتوافرة إلى أن «داعش» بات يتمتع بتواجد واضح في بعض مدن اليمن، وأنه يعلن عن نفسه ويسعى إلى استقطاب المناصرين والمبايعين، واتخاذ مقار خاصة به، مستفيداً من عاملين: الأول حالة الفوضى التي تسود البلاد جراء التقاتل الحاصل فيها، والثاني اطمئنانه إلى أن قيادة «القاعدة» هناك ليس لديها أي توجه للتصادم معه، الأمر الذي أتاح له مجالاً واسعاً للتحرك والإعلان عن نفسه.
ويبدو مستغرباً أن تمدد «الدولة الإسلامية» في اليمن أثار قلقاً لدى قيادة «جبهة النصرة» (فرع «القاعدة» في الشام) أكثر مما فعل لدى «قاعدة اليمن»، حيث ارتفعت العديد من الأصوات في «جبهة النصرة» التي تطالب بضرورة سحق «بذور الخوارج»، والقضاء على أي تواجد لهم، قبل أن يحصل في اليمن كما حصل في سوريا.
وتخشى هذه القيادات من الدور الذي يمكن أن يلعبه بعض القادة في الشام للتأثير على أحداث اليمن واستقطاب المزيد من المبايعين، وعلى رأس هؤلاء القادة يبرز اسم قائد «الكتيبة الخضراء» عمر سيف الذي بايع «داعش» مؤخراً، والذي يوصف بقدرته على الإقناع.
وما يزيد من مخاوف «جبهة النصرة» هو الأسلوب السلمي المبالغ فيه الذي تنتهجه قيادة «القاعدة في اليمن» تجاه تمدد «الدولة الإسلامية»، وإيمانها الساذج بأن الحوار والنقاش قد يؤديان إلى نتيجة إيجابية في إقناع المبايعين بالعدول عن بيعتهم. وفي هذا السياق اطلعنا على مناظرة شرعية جرت بين «الشرعي» الجديد لـ «داعش» في اليمن أبو حيان وبين أحد شرعيي «القاعدة» عطية الله الحضرمي. وبغض النظر عن مضمون المناظرة، إلا أن مجرد إجرائها يعتبر مؤشراً على أن «القاعدة» رضخت لحقيقة وجود «داعش» إلى جانبها في اليمن.
وتأتي هذه التطورات في كل من اليمن والجزائر، في ظل استمرار «الدولة الإسلامية» بمحاولة التوسع في الداخل السوري على حساب الفصائل الأخرى، وعلى رأسها «جبهة النصرة»، الأمر الذي يفسر قلق الأخيرة من تمدده.
وآخر الخطوات التي يمكن أن تثير خشية «جبهة النصرة» على أحد أهم معاقلها، هو إعلان «الدولة الإسلامية» عن تأسيس ما اسماه «ولاية حماه»، وذلك بعد أشهر فقط من اضطراره إلى إلغاء هذه «الولاية» جراء اندلاع القتال ضده، وانسحابه من بعض المحافظات مثل ريف اللاذقية وريف إدلب وريف حماه.
وبحسب مصدر متابع فإن الإعلان عن «ولاية حماه» جاء بعد تمكن «داعش» من تعزيز تواجده في بعض قرى ريف حماه، الذي يشهد بين الحين والآخر مواجهات عديدة بينه وبين الجيش السوري من جهة، وبينه وبين «جبهة النصرة»من جهة ثانية.
ومن غير المستبعد أن يكون هجوم «جبهة النصرة» قبل أسبوعين، على معاقل «لواء العقاب الإسلامي» في قصر بن وردان في ريف حماه، بعد اتهامه بمبايعة «داعش»، محاولة استباقية لإحباط مخطط الأخير في إعلان «ولايته» الجديدة.
عبد الله سليمان علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد