إيران تسلّم مبادرتها بشأن اليمن.. والجزائر تعرض وساطتها
خطّة السلام الإيرانية بشأن اليمن، باتت لدى الأمم المتحدة اعتباراً من مساء أمس، في وقت بدأ يتبلور فيه دور أكبر للجزائر التي يبدو أنّها تلعب دور وسيط بين كلٍّ من إيران والسعودية لإيجاد تسوية على نطاق واسع، إذ كشف مسؤول ديبلوماسيّ جزائري أنّ بلاده نقلت، خلال الأسبوعين الماضيين، رسائل متبادلة بين الرياض وطهران «تتعلّق جميعها بوضع حدود صارمة للنزاع المسلح في اليمن، لمنع تحولّه إلى حرب إقليمية أوسع»، وذلك في ظلّ تأكيد مصري على ضرورة إيجاد حلّ سياسيّ للأزمة اليمنية.
الرسائل الإيرانية ـ السعودية جاءت على شكل «تحذير أو طمأنة بين الطرفين، ومن بين الرسائل التي تناقلها البلدان، عبر الجزائر، إجراءٌ تمّ التوافق بشأنه لمنع الصدام بين سلاح البحريّة السعودية وسفن شحن إيرانيّة تمرّ عبر مضيق باب المندب، وإجراءٌ ثان لمنع الصدام بين سلاح البحرية الإيراني والسعودي»، وفق ما صرّح ديبلوماسيّ جزائريّ لوكالة «الأناضول».
وأكّد المصدر أنّ «المسؤولين في طهران والرياض يتواصلون، عبر الجزائر، لمنع أيّ تدهور للوضع على صعيد المواجهات العسكريّة في اليمن»، موضحاً أنّ بلاده «تعتقد أنّه قبل الشروع في أيّ حل للنزاع في اليمن، لا بد من وضع آليات لمنع توسّعه وتحوّله إلى حرب إقليمية بين إيران ودول الخليج».
وكان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قد أكّد في تصريحات صحافية، الشهر الماضي، أنّ لبلاده «علاقات طيبة مع كل الدول الشقيقة على الساحة العربية، ولها، تاريخياً، علاقات ثقة ومودة وإخاء مع إيران، وبالتالي نحن في حوار مع الجميع».
وبينما أقرّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «بجهود الجمهورية الإسلامية لتسوية أزمة اليمن سلمياً»، قدّم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، رسالة إلى الأمين العام يحدّد فيها خطة سلام من أربع نقاط بشأن اليمن، كان قد طرحها خلال الأسبوع الحالي، تدعو إلى «وقف فوري لإطلاق النار، وإنهاء كل الهجمات العسكريّة الأجنبيّة، وتقديم المساعدات الإنسانية، واستئناف حوار وطني واسع، وتشكيل حكومة وحدة وطنية».
ووفقاً لرسالة ظريف، فإنّه «يتعيّن على المجتمع الدولي أن يشارك بفعالية أكثر في وضع حدٍّ للهجمات الجويّة العبثية وإعلان وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية والطبية لشعب اليمن، واستعادة السلام والاستقرار إلى هذا البلد من خلال الحوار والمصالحة الوطنية ومن دون أيّ شروط مسبقة».
واستبق الوزير الإيراني رسالته هذه، باتصال هاتفي أجراه مع الأمين العام للأمم المتحدة، وطالبه خلاله بالوقف الفوري للعملية العسكرية التي تقودها السعودية، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية ـ «إرنا».
وأكّد بان كي مون، أمس الأول، أنّ عملية ديبلوماسيّة مدعومة من الأمم المتحدة «هي السبيل الأفضل للخروج من حرب طويلة الأمد، ذات آثار كارثية على الاستقرار الإقليمي»، مشيراً إلى أنّ السعوديين أكّدوا له تفهّمهم لضرورة وجود عملية سياسية.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكّد، من جهته، حرص بلاده على «الحلّ السياسيّ للأزمة اليمنية»، نافياً شائعات تحدّثت عن مقتل جنود مصريين في اليمن، وقال «لو كان هناك قوّات ستذهب، يجب أن يكون الشعب المصريّ أوّل من يعلم بذلك».
وأكّد السيسي أنّ بلاده أرسلت قوّات جوية وبحرية «فقط» للمشاركة في عملية «عاصفة الحزم»، وفي حال إرسال قوّات أخرى سيتم الإعلان عن ذلك، مضيفاً خلال كلمة وجّهها إلى طلاب الكلية الحربية، أمس، «هناك شائعات منذ أكثر من يوم تتحدث عن وجود قتلى ومصابين، قادمين من أحداث في اليمن.. بالطبع لا، لو كان هناك قوّات ستذهب، يجب أن يكون الشعب المصري أول من يعلم بذلك».
وفي أوّل تعليق رسميّ عقب نشر تقارير سعوديّة بشأن طرح مبادرة تضمن له الخروج الآمن من البلاد، نفى الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح سعيه إلى نيل «خروج آمن» له من اليمن، إلى أيّ دولة عربية أو أوروبية. وقال، في بيان، «لست من النوع الذي يرحل ليبحث عن مسكن في جده أو باريس.. لم ولن يُخلق من يقول لعلي عبد الله صالح أخرج من بلادك».
على المستوى الميداني، تمكّن تنظيم «القاعدة» من السيطرة، يوم أمس، على معسكر تابع للجيش اليمني في مدينة المُكلّا، كبرى مدن محافظة حضرموت جنوب شرق اليمن، مصادراً أسلحة ثقيلة كانت داخله، وهو الموقع الأخير في المدينة الذي لم يسقط بعد بأيدي التنظيم.
وقال مسؤول في المحافظة إنّ مقاتلي «القاعدة» سيطروا على معسكر «اللواء 27 المؤلّل (شرق المُكلّا)، وعلى أسلحة ثقيلة، بينها دبّابات ومدافع»، مؤكداً أن التنظيم بات يسيطر على كامل المدينة، وذلك غداة السيطرة على مطارها.
وفي السياق، قال القيادي في حلف قبائل حضرموت أحمد بامعس «سيطرنا على قطاع مسيلة النفطي الواقع في بلدتي غين بنيامين وساه» في محافظة حضرموت، مضيفاً «سيطرنا على هذه المنشآت بسبب الفوضى التي تعيشها البلاد وخوفاً من السيطرة عليها من قبل مسلحي القاعدة أو جماعة الحوثي».
إلّا أنّ مصدراً قبلياً في المنطقة نفسها، أوضح أنّ «عناصر من القاعدة من منطقة الشحر هم من بين عناصر القبائل الذين يسيطرون» على قطاع مسيلة النفطي.
وتعليقاً على تمدّد «القاعدة»، قال المبعوث الأممي إلى اليمن، الذي قدم استقالته أمس الأول، جمال بن عمر في تصريح لصحيفة «نيويورك تايمز»، إنّ «التنظيم يبني تحالفات إستراتيجيّة مع القبائل اليمنية المعادية للحوثيين وحلفائهم».
وفي واشنطن، أقرّ مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية أنّ «التحالف» السعودي ـ المدعوم أميركياً، خلق مجالاً كبيراً لـ»القاعدة» للاستيلاء على مزيد من الأراضي.
واعتبر وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أن مكاسب التنظيم تشكّل «قلقاً حقيقياً» بالنسبة إلى الولايات المتحدة، ولكنّه أكّد أن بلاده ستستمر في دعم الحملة السعودية، مشيراً إلى أنّ واشنطن تحاول «مساعدة السعودية في حماية حدودها وأمنها»، فيما قتل عنصران مفترضان من «القاعدة» في هجوم جديد لطائرة أميركية من دون طيار في محافظة شبوة.
وتعرضت صنعاء إلى قصف هو الأعنف، أمس، بعدما قصفت طائرات «التحالف» معسكر الحلفاء التابع لقوات الحرس الجمهوري في منطقة نقم شرق العاصمة، كما استهدف القصف عدن، حيث قال مصدر عسكري، إنّ 36 شخصاً قتلوا.
ودمّرت طائرات «عاصفة الحزم» القصر الجمهوري في مدينة تعز، لتحوّله إلى ركام بعدما قالت مصادر إنّ اجتماعاً لـ «أنصار الله» كان يُعقد داخل القصر حين تعرّض لغارة.
ووفقاً لـ «منظمة الصحة العالمية»، فإنّ الحرب على اليمن أوقعت 767 قتيلاً و2906 جرحى، غالبيتهم من المدنيين.
بدورها، وجّهت الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني، نداءً عاجلاً للحصول على مساعدة إنسانية بقيمة 274 مليون دولار لتلبية حاجات 7.5 ملايين نسمة تأثروا جراء الحرب.
وحذر منسق المساعدات الإنسانية يوهانس فان دير كلو من أنّ «آلاف الأُسَر فرَّت من منازلها بسبب المعارك والغارات الجوية. وتجد العائلات صعوبة في الحصول على المياه أو العلاج الطبيّ أو المواد الغذائية أو الوقود».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد