إعدام صدام حسين في القانون الدولي

الجمل:   بإطلالة الساعات الأولى من يوم 1 كانون الثاني 2007م، وضمن موجة ردود الفعل العارمة، صدرت العديد من المقالات والتعليقات، والتحليلات الأولية حول عملية إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين المجيد.
وقد تمثل أبرز التحليلات في الآتي:
* إعدام صدام:
- إعداد: ستيفن زونيس
- مركز العلاقات الدولية، واشنطن دي سي
قال ستيفن زويتس: إن كلاً من المحكمة والحكم، سوف يمثلان على السواء موضوعاً إشكالياً في نظر القانون الدولي وعلاقته بالقوانين المحلية الأخرى.
كذلك يقول الكاتب: إن ما حدث صبيحة يوم السبت 31 كانون الأول، يمثل تراجعاً كبيراً في مبادئ تتبع وتقفي تطبيق العدالة في العراق، وذلك لأن تطبيق حكم الإعدام بهذه الطريقة قد أدى لإغلاق الباب والقضاء على الدلائل والبراهين المؤكدة لتورط الولايات المتحدة الأمريكية في الكثير من الجرائم التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط خلال فترة الـ40 عاماً الماضية.
تناول ستيفن زونيس مقالة إعدام صدام، من ثلاثة نقاط هي:
• المحاكمة والحكم: ويرى أن الادعاء قد فشل في الكشف عن الدليل الرئيس الذي اعتمد عليه أمام المحامين الموكلين بمهمة الدفاع عن صدام حسين، وبالتالي يكون الاتهام قد أنكر حق الدفاع في مواجهة الشهود. وأشار الكاتب إلى أن ثلاثة من محامي الدفاع، إضافة إلى أحد الشهود قد تم اغتيالهم، كذلك استقال القاضي الأول الذي تم تعيينه، وذلك حفاظاً على كرامته ونزاهته، أما القاضي الثاني الذي تم تعيينه بدلاً عن الأول، فقد دخل في مجادلات ومغالطات أكدت عدم حياديته وبالتالي عدم نزاهته.
ويضيف ستيفن زونيس قائلاً:
- تمت محاكمة صدام حسين بجهاز قضائي تحت سلطة الاحتلال الأجنبي لحكومة اجنبية قامت بتنفيذ عملية غزو واحتلال غير قانوني للعراق.
- وضع قانونيو الحكومة الأمريكية القواعد والأحكام التي تنظم وتحكم عملية المحاكمة.
- دفعت إدارة بوش أكثر من 10 ملايين دولار ثمناً لبناء غرفة المحكمة الخاصة، وتزويد الادعاء بالمستشارين والمحامين والمحققين.
• جرائم حرب من؟ وحاول الكاتب تقديم مقارنة للتأكيد أن الولايات المتحدة بالأساس غير مهتمة وغير معنية بجرائم الحرب الحقيقية التي تم ارتكابها في هذا العالم، وبالذات بواسطة حلفائها، وعلى سبيل المثال يشير الكاتب إلى جرائم الرئيس الأندونيسي سوهارتو:
- في منتصف حقبة ستينيات القرن الماضي قام سوهارتو بقتل نصف مليون مواطن أندونيسي لمجرد الاشتباه بأنهم يساريون.
- عند عملية غزو تيمور قام بقتل 200 ألف مواطن.
ويقول زونيس: إن سوهارتو برغم كل ذلك ظل محبوباً لدى الجهوريين والديمقراطيين، إلى أن تمت الإطاحة به بواسطة ثورة شعبية في عام 1998م، وحالياً مازال سوهارتو يعيش متقاعداً ضمن أفخم وأعظم شروط التقاعد، ولم تبذل أي إدارة أمريكية مجهوداً لتقديمه أمام العدالة، رغم أن جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها تعتبر بنظر القانون الدولي غير قابلة للسقوط بالتقادم أو العفو.
كذلك يشير الكاتب إلى الجنرال أوغسطو بينوشيت الذي ظلت الإدارات الأمريكية تعرقل تقديمه لأي محاكمة، وظل محمياً من قبل الحكومات الأمريكية حتى وافته المنية خلال الشهر الماضي.
• تشكيل وصياغة إرث صدام: ويقول زونيس إن الإدارة الأمريكية قد جعلت من صدام حسين شهيداً بكل معنى الكلمة، وبالتالي فإن إرث صدام حسين سوف يولد ويعاد إنتاجه مرة أخرى في المنطقة.
* العدالة الانتقائية وإعدام صدام حسين
- إعداد: غريغوري إليخ
- صحيفة اونلاين جورنال الالكترونية
يتساءل الكاتب: كيف أصبح اليوم عدواً من كان في الماضي صديقاً حميماً للغرب؟.. وكيف تحوّل الثناء إلى بغضاء؟ وكيف تمت مطاردة الرجل والقبض عليه ثم محاكمته بهذه الطريقة غير العادلة، واغتياله بهذه الطريقة الظالمة أيضاً؟ هل لأن سلوك الرجل إزاء الغرب قد تغيّر؟ أم ان إدراك الغرب لأصدقائه قد تغيّر؟
يشير غريغوري إليخ إلى عدد من الوقائع خلال الفترة السابقة:
• دعم المخابرات الأمريكية لصدام حسين في مواجهة نظام عبد الكريم قاسم في عام 1959.
• مساعدة أمريكا لصدام حسين في الهروب من العراق إلى لبنان ثم إلى مصر حيث وفّر له أمريكان الدعم اللازم.
• تحالف صدام مع أمريكا في القضاء على الشيوعيين في الفترة التي أعقبت عام 1963م.
• أصبح صدام رئيساً لجهاز الأمن، ثم أصبح لاحقاً رئيساً للعراق في عام 1979م.
• في عام 1980م دخل صدام في حرب ضد إيران، بدعم من الحكومة الأمريكية، واستمرت الحرب لفترة ثمانية أعوام، على النحو الذي أدى لإزهاق أرواح 7،1 مليون شخص.
• في كانون الأول عام 1983 أرسل الرئيس الأمريكي رونالد ريغان مبعوثه الخاص آنذاك دونالد رامسفيلد، والذي نقل إلى صدام حسين رأي الرئيس الأمريكي ريغان آنذاك، بأن الإدارة الأمريكية سوف تلبي فوراً كل رغبات ومطالب صدام حسين، وبأن أي تراجع أو تقهقر تواجهه حكومة صدام في حربها ضد إيران، سوف تعتبره الإدارة الأمريكية تراجعاً ضاراً يهدد المصالح الأمريكية والغربية.
• بعد زيارة رامسفيلد بشهر واحد، قام المسؤول في الخارجية الأمريكية جوناثان هاوي بإخطار جورج شولتز وزير الخارجية الأمريكية آنذاك، رسمياً بأن حكومة صدام حسين تستخدم بشكل يومي تقريباً الأسلحة الكيميائية ضد القوات الإيرانية، كذلك تقوم حكومة صدام حسين أيضاً بتنفيذ سلسلة من عمليات القمع اليومي ضد الحركات الكردية الانفصالية، وضد القوى السياسية العراقية الأخرى المعارضة للنظام العراقي، وبالذات الحركات السياسية ذات العلاقة مع الإيرانيين. وقد رفع جورج شولتز هذه التقارير إلى الرئيس الأمريكي ريغان، والذي تمثل قراره في أن الولايات المتحدة سوف تعمل وتبذل كل ما بوسعها وما تراه ضرورياً وقانونياً من أجل عدم جعل العراق يخسر الحرب أمام إيران. وأعقب ذلك القرار، إصدار الإدارة الأمريكية آنذاك، لموجهات سياسة الأمن القومي الأمريكي إزاء العراق، والتي ساعدت في صياغتها وزارة الخارجية الأمريكية، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وبالذات وليم كيسي الذي كان مديرها آنذاك.
• ظلت طائرات الأواكس تقدم الدعم والمساندة لصدام حسين في حربه ضد إيران، وفي شباط عام 1988م نفذت طائرات الأواكس الأمريكية عملية تشويش واسعة النطاق ضد الرادارات الإيرانية على مدى ثلاثة أيام مستمرة على النحو الذي مكّن قوات صدام حسين من توجيه أكبر ضربة ضد القوات الإيرانية.
• قدمت الإدارة الأمريكية القنابل العنقودية لصدام حسين عن طريق شركة كاردوين التشيلية.
• كان هناك 60 خبيراً أرسلهم البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية للعراق، لا لمساعدة صدام حسين في جمع وتحليل المعلومات الاستخبارية حول إيران، وإنما من أجل الانخراط في تصميم وإعداد خطط تنفيذ الضربات الجوية العسكرية ضد المواقع الإيرانية.
وأخيراً يخلص الكاتب قائلاً: كانت العلاقة بين صدام حسين والغرب في أحسن حالاتها، ثم انقلب الغرب على صدام حسين بعد قيامه بغزو الكويت.. وبحسب رأي الكاتب فإن غزو الكويت يجب ألا يسبب أي مشكلة إذا نظر إليه على خلفية ما كان يقوم به صدام من قبل، ولكن ما حدث أن الغرب قد اتخذ من غزو الكويت ذريعة للانقلاب على صدام.
وفي الختام يقول الكاتب: (لقد حاكم الغرب صدام.. فمن يا ترى سوف يحاكم الغرب الذي حاكم صدام).

الجمل: قسم الدراسات والترجمة