آخر أيام الشهيد الآثاري خالد الأسعد
ما أن دخل عناصر من تنظيم "الدولة الإٍسلامية" (داعش) مدينة تدمر الأثرية وبسطوا سيطرتهم عليها منذ أكثر من 3 أشهر، حتى توجهوا بطلب لقاء عالم الآثار والباحث السوري د.خالد الأسعد، ليكون اجتماعهم به سبباً لانطلاقة الشرارة الأولى معه والتي انتهت بذبحه وتعليقه على عمود في الطريق العام بتدمر.
"هافينغتون بوست عربي" التقت وليد الأسعد، نجل عالم الآثار، ليتحدث عن الأيام الأخيرة في حياة والده، وتفاصيل الاجتماع الذي جمعهم بـ"داعش"، وكيف وصلت الأحداث إلى النهاية المفجعة.
المبايعة ومعرفة أماكن الدفائن الأثرية!
وليد الأسعد، وهو أيضا يعمل مثل والده في مجال الآثار فقد كان يدير متحف تدمر منذ 2003، تحدث عن لقاء والده وبحضوره، مع عناصر داعش في المركز الثقافي بتدمر، وعلى الرغم أنها لم تكن المرة الأولى إلا أنها كانت ذات طابع رسمي جاءت بناء على طلب من التنظيم الذي حدد المكان والزمان.
الاجتماع الذي استمر خمسة ساعات انتهى بمجموعة من المطالب تقدّمت بها داعش، أهمها كما أوضح الأسعد "المبايعة والانضواء تحت راية التنظيم وخاصة أن والدي شخصية مهمة لها مكانتها الفكرية والثقافية والاجتماعية، بالإضافة إلى أنهم طلبوا منه أن يدلهم على أماكن الدفائن والكنوز الأثرية".
ويرى الأسعد أن رفض والده تلك المطالب كان الشرارة الأولى بينه وبين داعش التي بدأت تحاصره وتضيق الخناق عليه، ولكنه في الوقت نفسه رفض الرحيل على الرغم من محاولات عائلته إقناعه بالسفر إلى دمشق.
وبرر "الأسعد" قرار والده بالبقاء لأنه " ولد وعاش في تدمر ولأجلها قضى سنين عمره في التنقيب مع بعثات آثار أمريكية وفرنسية ألمانية، وكان قراراً أنه لن يموت إلا على أرضها" وأضاف " لم يكن حينها مدركاً لحجم الخطر المحدق به ولم يتوقع أن يتعامل معه التنظيم بهذه الفظاعة".
27 يوماً في سجون داعش
في الأيام الأولى من شهر رمضان الماضي توجه العالم السوري مع أفراد من عائلته إلى قرية "الطيبة" التي تقع شرقي تدمر بالقرب من بلدة السخنة، وذلك بهدف قضاء عدة أيام عند بعض الأصدقاء.
ولكن الأسعد تفاجأ بقدوم عناصر من التنظيم "أغلبهم من مدينة تدمر بايعوا التنظيم مؤخراً" على حدّ قول وليد الذي أضاف "وقد اعتقلت تلك المجموعة والدي مع تقديمهم وعوداً أن الاعتقال لن يطول أكثر من عدة أيام".
لم يترك وليد باباً إلا وطرقه للاستفسار عن وضع والده، وكانت الإجابات كلها أنه بخير ولن يطول اعتقاله، وبعض تلك الأخبار كانت مطمئنة وآخرها كانت أنه "يخضع لدورة شرعية مدتها أسبوع وبعد الانتهاء منها سيطلق سراحه".
بعد مرور 27 يوماً على الاعتقال جاء خبر ذبحه وتعليقه وسط مدينة تدمر، كان وقع الخبر فاجعاً على وليد وعن ذلك يقول "داعش وصفت والدي أنه مرتد لرفضه المبايعة، ولكن ما زاد من مصيبتنا أنهم أعطونا رسائل بإطلاق سراحه قريباً لكنهم في الحقيقة كانوا يخططون لقتله".
وختم بقوله "هربت من تدمر إلى الرقة، ومنها لدمشق لأنه كما وردني أنني أيضاً على قائمة المطلوبين لدى داعش بعد والدي الذي لم يعتقد يوماً أنه سيقضي نحبه على هذه الطريقة لأنه كان يظن أنه يكفي في التعامل مع داعش ألا ترتكب أمراً خاطئا بحقهم!!".
وكانت الاتهامات الخمسة التي وجهتها داعش لعالم الآثار وتسببت مقتله تعود لكونه ممثلاً عن سوريا في المؤتمرات الكفرية، ومديراً لأصنام تدمر الأثرية، بالإضافة إلى زيارته إيران وحضوره انتصار ثورة الخميني، وتواصله مع كل من العميد عيسى رئيس فرع فلسطين والعميد حسام سكر بالقصر الجمهوري، ومن أجل ذلك مات الأسعد ذبحاً!
إضافة تعليق جديد