من أين يأتي داعش بالتمويل؟
استطاع تنظيم «داعش» أن يثير انتباه الجميع بقوة تنظيمه وعتاده العسكري، وتمدده السريع في سوريا والعراق. لكن السؤال الأهم هو من أين يحصل على الأموال، التي جعلت منه أغنى التنظيمات «الجهادية» على مستوى العالم، حيث يبلغ مدخوله السنوي المعروف حوالى ملياري دولار.
وأهم ما يميز «داعش» عن غيره من التنظيمات والكتائب «الجهادية»، هو أنه استطاع أن يصنع لنفسه موارده المالية الخاصة. وكان معهد «آي اتش أس» لمراقبة النزاعات، ومقرّه لندن، ذكر أن «داعش» يحصل على التمويل من 6 مصادر أساسية: إنتاج النفط والغاز وتهريبه، وفرض ضرائب على جميع النشاطات التجارية في المناطق التي يسيطر عليها، ووضع اليد على الأراضي والممتلكات، والمتاجرة بالمخدرات والآثار، والنشاطات الإجرامية مثل سرقة المصارف والخطف للحصول على فدية، وإدارة مشاريع صغيرة، مثل شركات النقل، وبيع المواد الغذائية إلى المواطنين في المناطق التي يسيطر عليها.
وذكر المعهد، ومقرّه لندن، أن «داعش»، بعكس التنظيمات «الجهادية» الأخرى ومن بينها «القاعدة»، لا يحتاج إلى الاعتماد على التمويل الخارجي، نظراً لأنه يعتمد على الدخل الذي يحصل عليه من المساحات الشاسعة التي يسيطر عليها في العراق وسوريا.
وقدر المعهد دخل التنظيم بأنه يبلغ نحو 80 مليون دولار شهرياً حتى أواخر العام 2015. ويستمدّ «داعش» نحو نصف موارده من الضرائب وعمليات المصادرة، حيث يفرض ضريبة 20 في المئة على جميع الخدمات، كما أن نحو 43 في المئة من الموارد تأتي من بيع النفط، والباقي من تهريب المخدرات ومن بيع الكهرباء والتبرعات.
واعتبر المعهد أن «داعش» يعاني الآن من مشاكل في التمويل. وأضاف «توجد مؤشرات أولية على أن التنظيم يجد صعوبة في ضبط ميزانيته، حيث ترد تقارير عن خفضه رواتب مقاتليه، ورفعه أسعار الكهرباء وغيرها من الخدمات الأساسية، وفرض ضرائب زراعية جديدة»، مشيراً إلى أن تكثيف استهداف البنية التحتية النفطية، بما في ذلك حقول وصهاريج النفط من قبل طائرات التحالف والطائرات الروسية، بدأ يؤثر على التنظيم. وقال إن «الضربات الجوية أضعفت قدرات تكرير النفط لدى التنظيم بشكل كبير، كما أضعفت قدرته على نقل النفط في شاحنات الصهاريج».
وأشارت قناة «الجزيرة» إلى أنها حصلت على وثائق خاصة تعود لديوان «الركاز»، التابع إلى «داعش». وأوضحت أن ابي سياف العراقي، الذي قتلته قوة أميركية في أيار الماضي، كان المسؤول عن النفط والغاز.
وأوضحت أن «الوثائق تظهر كيفية إدارة تنظيم الدولة لحقول النفط في دير الزور والرقة والحسكة»، مشيرة إلى أن «تسعة حقول نفط في دير الزور تدر على التنظيم أكثر من ستة مليارات ليرة سورية شهريا»، أي ما يعادل 34 مليون دولار أميركي.
وتظهر إحدى الوثائق، أنه في آب العام 2014، استلم أبو سياف مبلغا قدره مليون و600 ألف دولار. وبإحصاءات شاملة فإن «داعش» ينتج شهرياً حوالى مليون ونصف المليون برميل، تُستخرج من ثمانية حقول نفط، تدر عليه 60 مليون دولار شهريا.
وكانت موسكو كشفت، بالصور والفيديو، عن المسارات التي يستخدمها «داعش» لتهريب النفط المسروق من سوريا والعراق إلى تركيا.
وعرض مسؤولون في وزارة الدفاع الروسية صوراً التقطت بالأقمار الاصطناعية قالوا إنها تبين طابوراً من شاحنات صهاريج محملة بنفط في منشآت يسيطر عليها «داعش» في سوريا والعراق، ثم وهي تعبر الحدود إلى تركيا. وذكروا أنهم على علم بثلاثة مسارات يمر من خلالها النفط السوري والعراقي إلى تركيا، وهي من الرقة إلى شمال غرب سوريا، ومن ثم إلى بلدة إعزاز ومنها إلى الريحانية التركية، قبل أن تنقل إلى ميناءي ديورتيول واسكندرونة. والمسار الثاني ينطلق من دير الزور إلى ريف الحسكة، فيما تنطلق الصهاريج، عبر المسار الثالث، من الحقول النفطية في ريف الحسكة وفي محيط زاخو شمال غربي العراق إلى مناطق تركية حدودية.
وكان نائب وزير الخزانة الأميركي المكلف مكافحة الإرهاب آدم زوبن أعلن أن «داعش» يجني قسماً كبيراً من أمواله من الأراضي التي يسيطر عليها، ولذلك يصعب الوصول إلى مصادر تمويله وفرض عقوبات عليها. وقال «خلافا للمنظمات الإرهابية الأخرى يحصل تنظيم الدولة الإسلامية على قسم صغير من الأموال من مانحين خارجيين. انه يجني المال من النشاط الاقتصادي في المناطق التي يسيطر عليها». وأضاف «من هنا صعوبة وقف هذا التمويل».
وقال زوبن إن التنظيم حقق «أكثر من 500 مليون دولار» من عائدات بيع النفط في السوق السوداء وسرق «ما بين نصف مليار ومليار دولار» من المصارف في المناطق التي سيطر عليها في سوريا والعراق و «عدة ملايين إضافية» ابتزها من السكان.
وأعلن زوبن أن التنظيم «غني لكن لديه كذلك نقاط ضعف» بسبب خوضه الحرب على عدة جبهات، ولذلك فهو يحتاج «باستمرار» للمال لدفع رواتب المقاتلين وللتسليح وصيانة المرافق والبنى التحتية وتقديم الخدمات الأساسية في مناطق سيطرته، موضحاً أن التنظيم يحتاج كذلك للتعامل مع النظام المالي لنقل الأموال واستيراد السلع. وتابع «نحن نستهدف هاتين الناحيتين». واعتبر أن «إضعاف القوة الضاربة المالية للتنظيم مهم جدا لإضعاف ادعائه بأنه دولة».
وكان «مجلس العلاقات الدولية» ذكر أنه في العام 2013، عندما كانت مدينة الموصل تحت سيطرة العراق، كان «داعش» يحصل على ثمانية ملايين دولار شهرياً من خلال سلب الأموال وفرض الضرائب على أصحاب الأعمال المحليين. كما ظهرت تقارير أشارت إلى أن التنظيم يقتطع جزءاً من المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرته.
وأشارت صحيفة «ديلي بيست» إلى أن «داعش» حصل على تمويل من خلال جهات ثرية خاصة، تعيش في الكويت وقطر والسعودية، وهي دول تعتبرها أميركا حلفاء لها.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد