العراق من يمسك مفتاح مستقبله: نص تقرير دينيس روس
الجمل: في يوم 17 كانون الثاني 2007، قام دينيس روس بإعداد تقرير قدمه للجنة العلاقات الخارجية التابعة للكونغرس الأمريكي.
واليوم نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التقرير السياسي الذي أعده دينيس روس (المبعوث الأمريكي السابق للسلام في الشرق الأوسط)ن ضمن ورقة نشرها مع المعهد، حملت عنوان (العراق: من يمسك مفتاح مستقبله).
يقول دينيس روس: إن لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي قد طلبت منه مناقشة وضع العراق ضمن الإطار والسياق الإقليمي الشرق أوسطي، ولكنه قام بتلبية الطلب بحيث ركز قليلاً على مكانة العراق في منطقة الشرق الأوسط، وكثيراً على الكيفية التي يمكن أن يؤثر بها الإقليم المحيط على العراق ومستقبله.
يهتم معظم الأمريكيين بكيفية إدارة العراق باتجاه تحقيق أفضل النواتج الممكنة، ويرى دينيس روس أن نقطة البدء الهادفة لتحقيق أفضل ناتج ممكن، أو بعبارة أخرى، على الأقل الناتج الأقل سوءاً، تتمثل في فهم وإدراك أن مستقبل العراق سوف يقوم بتحديده العراقيون، وفي الوقت نفسه فإن جيران العراق يمارسون النفوذ على الجماعات الطائفية المختلفة الموجودة داخل العراق، ويرى دينيس روس أن نفوذ جيران العراق هذا هو نفوذ محدود (أي يمكن وضع حد له).
إن تخمينات وتقديرات مجموعة دراسة العراق (لجنة بيكر- هاميلتون) لواقع الوضع الداخلي العراقي، تتميز بأنها تخمينات وتقديرات استثنائية وغير عادية في الجوانب المتعلقة في صراحة عدم تحيزها، وبصارة حكمتها. ولكن دينيس روس يرى أن تشديدها على دور العالم الخارجي والأطراف الخارجية في العراق قد قلل درجة بصارة حكمة هذه اللجنة، خاصة مزاعم اللجنة التي رأت ان الأزمة العراقية ترتبط بثلاثة عناصر هي:
- سوريا.
- إيران.
- الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
وفي هذا الصدد يقول دينيس روس: إن الأزمة العراقية يتوجب القيام بالسيطرة عليها وحلها بعيداً عن سوريا وإيران، واعتبارات الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
يرى دينيس روس أن الصراعات المختلفة في منطقة الشرق الأوسط من الممكن أن تؤثر على المناخ العام، وتوقعات الرأي العام والزعماء والقادة الإقليميين، وعلى من يكون صديقاً أو خصماً لأمريكا، أما محاولة الربط بين الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي والأزمة العراقية، فهي تخدم –برأي دينيس روس- مخطط الحركات الإسلامية الهادف إلى إثارة الكراهية والمعارضة ضد أمريكا.
وبعد تحليل مستفيض للأزمة العراقية حاول دينيس روس أن يدلل ويبرهن على أطروحة خصوصية الأزمة العراقية وذلك وفقاً لاعتبارات:
- عدم وجود ارتباط بين الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني والأزمة العراقي.
- عدم وجود تأثير عميق لسوريا في الأزمة العراقية.
- عدم وجود تأثير عميق لإيران في الأزمة العراقية.
أما في نهاية التقرير الذي قدمه للجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي، توصل دينيس روس إلى النتائج الآتية:
• عقد مؤتمر إقليمي مع جيران العراق، بما في ذلك سوريا وإيران من أجل التوصل إلى الآتي:
- أن تتفهم الأطراف التأثيرات الضارة لتدخلاتها في العراق، وبالذات سوريا وإيران.
- أن تعرف أمريكا مدى رغبة الأطراف الأخرى مثل سوريا وغيران في تفهم المهمة التي تقوم أمريكا بإنجازها في العراق.
- معرفة ما هي المساعدات التي يريدون تقديمها لإنجاح الاستراتيجية الأمريكية إزاء العراق.
كذلك يعلّق دينيس روس على جدوى هذا المؤتمر الإقليمي قائلاً بأنه لا يرى إمكانية تحقيق صفقة مع سوريا أو إيران، والفائدة الوحيدة سوف تتمثل في أن العراقيين الموالين لسوريا أو لإيران سوف يكتشفون أنه من الافضل لهم التعاون مع أمريكا والسلطة العراقية من أجل الوصول إلى التسوية الداخلية والمصالحة الوطنية العراقية.
• دفع الزعماء والقادة العراقيين باتجاه تفادي الخيارات الصعبة إزاء عملية تحقيق التحالف الوطني العراقي.
• التركيز على بقاء القوات الأمريكية في العراق بشكل مفتوح غير محدد، وأن لا تخرج من العراق مهما كان الثمن الذي يمكن أن يترتب على ذلك.
ومن الواضح أن روس (الباحث الرفيع المستوى بمعهد واشنطن ومبعوث الرئيس الأمريكي السابق للسلام في الشرق الأوسط) تلعب أفكاره دور جرثومة الجمرة الخبيثة في صراعات منطقة الشرق الأوسط، والقراءة السريعة للأفكار الواردة في تقريره للجنة الكونغرس، يشير إلى الآتي:
- ان عزل الأزمة العراقية عن الصراعات الشرق أوسطية الأخرى، يتضمن تلميحاً للكونغرس الأمريكي بضرورة التعامل مع الملف العراقي باعتباره (ظاهرة منعزلة) لا علاقة لها بالمحيط الإقليمي.
- ان المؤتمر الإقليمي الذي طرح فكرته دينيس روس على لجنة الكونغرس، يهدف لا إلى فتح أبواب التعاون من الأطراف الإقليمية من أجل حل الأزمة العراقية، بل تؤكد حيثيات المؤتمر التي اقترحها دينيس روس بأن الهدف من هذا المؤتمر هو إغلاق كل أبواب التعاون في المنطقة، لأنه من غير الممكن أن يتم عقد مؤتمر تتم دعوة سوريا وإيران له، من أجل التعرف على سلبياتهما، ثم يقوما بالإعلان عن تفهمها للمهمة (النبيلة والإنسانية) التي تقوم بها أمريكا في العراق، ثم يعلنا بعد ذلك عن المساعدات التي يمكن أن تقدمانها دعماً ل وجود قوات الاحتلال الأمريكي في العراق ولاستراتيجية جورج بوش الجديدة إزاء العراق.
لقد تحدث دينيس روس في الأيام الأولى لاندلاع حرب الصيف الماضي بين حزب الله وإسرائيل وبعد صدور فتاوى وتصريحات الزعماء الوهابيين السعوديين مباشرة، داعياً إلى ضرورة أن تقوم أمريكا بتكوين (مظلة عربية) من الأطراف المعتدلة الممثلة في: الأردن، مصر، السعودية، حكومة السنيورة، وإمكانية ضم جماعة محمود عباس إليها، وقد تم بالفعل تحقيق ذلك عندما قامت أمريكا بتجميع (تحالف المعتدلين العرب).
والآن يتحدث دينيس روس عن مؤتمر إقليمي لجيران العراق بأجندة محددة، تهدف إلى إغلاق الأبواب وإبقاء القوات الأمريكية في العراق، على غرار بقاء القوات الأمريكية في كوريا وألمانيا والذي ظل مستمراً من عام 1945م (عند انتهاء الحرب العالمية الثانية، واحتلال واستسلام ألمانيا واليابان) وحتى الآن.. برغم مرور أكثر من 60 عاماً.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد