معاناة السلمية: عطشٌ وخطف و«دواعش»
يجتاح مدينة السلمية، في ريف حماة الشرقي، إستياء شعبي مع استمرار أزمة انقطاع المياه للشهر الخامس على التوالي، وعودة ظاهرة الخطف التي سلبت الطمأنينة من أبناء المدينة.
يقطن المدينة الحموية، اليوم، أكثر من 350 ألف نسمة، بينهم مهجرون نزحوا من مناطق دخلتها التنظيمات المسلحة، في الرقة وحمص وإدلب وحماة وحلب. ورغم لجوء النازحين إلى هنا هرباً من السيف وقطع الرقاب، وجدوا أنفسهم محاصرين من تنظيم «داعش» شرقاً، و«جبهة النصرة» غرباً.
ويستمر المسلحون في قطع المياه عن السلمية من محطة الضّخ في بلدة القنطرة، غربي المدينة. يحاولون الضغط أكثر على الأهالي الذين عانوا الانقطاع المتكرر والمطوّل للمياه، قبل أن يقطعها المسلحون على نحو كامل.
أحد أبناء المدينة، فقال إن «المسلحين يعرقلون عملية التفاوض لإعادة عمل محطة الضخ، عبر مطالبتهم بانسحاب الجيش السوري من القرى التي دخلها مطلع العام الحالي». يومها، سيطر الجيش في عمليته على 7 قرى. وصل حتى جرنية العاصي، القريبة من زور القنطرة حيث محطة الضخ.
تروى شوارع المدينة حجم معاناة أهاليها. يقفون قرب مناهل المياه، منتظرين دورهم لتعبئة «غالون سعة 20 ليترا»، ليسدّوا به حاجاتهم اليومية. يخبرك العديدون منهم صعوبة تأمين المياه عبر الصهاريج، نتيجة عدم التزام أصحابها التسعيرة التي تحددها مؤسسة المياه بـ«100 ليرة سورية للبرميل». إذ يبيع أصحاب الصهاريج البرميل الواحد بأكثر من 500 ليرة.
لا يكاد يمر شهر لا تسجَّل فيه حادثتا خطف أو أكثر
يسرد «السلميون» قصّة معاناتهم مع المياه، فـ«الأزمة ليست جديدة». قبل الحرب، لم توفّر الدولة مصادر إضافية لضخ المياه للمدينة، لتغطية حاجة سكانها اليومية.
ومع «تعطيش» المسلحين لـ«السلميين» طرق باب معاناتهم، مجدداً، الخطف. عادت إلى مدينة محمد الماغوط تلك العمليات بعد تراجعها في وقتٍ سابق نتيجة الإجراءات الأمنية المشددة. بات الخطف الهاجس الأكبر في حياة أبناء المدينة، ومادة حديثهم اليومي.
لا يكاد يمر شهر لا تسجل فيه حادثتان أو أكثر. مجهولون يتخذون من سيارات داكنة الزجاج طريقة لتنفيذ عملياتهم، في وضح النهار أو ليلاً. يستغلون انتشار مثل هذه السيارات بكثرة داخل المدينة.
يؤكّد أحد المواطنين أن «الخاطفين ينتحلون صفات أمنية، وهم من خارج المدينة، ولا ينتمون إليها»، مشيراً إلى أنهم «ينفذون عملياتهم باختبائهم داخل سياراتهم، ولا يمكن لأي جهة ملاحقتهم لكثرة مثل هذه السيارات». يضيف أن «الخوف يسكن قلوب السلميين، حيث أن الخاطفين يجولون في المدينة دون أية رادع، نتيجة غياب الدوريات المشتركة، التي كانت مهمتها إيقاف السيارات المفيمة وملاحقة سائقيها».
أحد عناصر «اللجان الشعبية»، من أبناء المدينة، يقول إن «الخاطفين ينقسمون لمجموعات، منها من يخطف العابرين، بالقرب من السلمية على الطريق الذي يربط الرقة وحلب بالمحافظات الأخرى، ومنهم من ينفذ عمليات الخطف داخل المدينة سواءٌ باقتحام المنازل أو إقامة حواجز ليلية مستغلين انقطاع التيار الكهربائي عبر انتحالهم صفة أمنية»، مشيراً إلى أن «معظم عمليات الخطف تُحل بدفع فدية مالية قد تصل لأكثر من 30 مليون ليرة سورية، كما حصل مع 7 مخطوفين من عائلتي صافية وملوك، قبل شهرين».
ومع انتهاء حديثهم اليومي، عن الخطف وخوفهم منه، يخرج أبناء المدينة بخلاصة ترتكز على ضرورة «تكثيف الدوريات المشتركة، وملاحقة الخاطفين الذين ينتحلون صفات أمنية، بهدف تشويه صورة الدولة». كذلك، يتململ «السلميون» من ظاهرة السيارات «المفيمة»، ويدعون إلى القضاء عليها، فهي العامل الرئيس في تنفيذ عمليات الخطف في المدينة الحموية.
ويعتمد الخاطفون أساليب جديدة في عملياتهم. يقول أحد الوجهاء أن «الخاطفين باتوا يستخدمون الفتيات للايقاع بالضحايا»، مشيراً إلى فشل آخر محاولاتهم، بعدما طلبت إحدى الفتيات من أحد ميكانيكيي السيارات الذهاب معها لاصلاح سيارة شقيقها المتوقفة وسط الطريق. كان بانتظاره أربعة شبان، وعندما شعر بالخطر لحظة نزولهم من سيارتهم، لاذ بالفرار قبل أن يصل إليهم.
سائر اسليم
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد