أحلام أنقرة تهدّد تفاهم «أستانة»
يتواصل اشتعال عدد من جبهات الميدان السوري، قبل أيام على بدء جولة جديدة من مباحثات جنيف. الجولة التي يفترض أن يصل المدعوون إليها تباعاً، بدءاً من يوم أمس، لن تتخلص بالكامل من ضغوطات الميدان، وفق ما خُطِّط له في أستانة، لا بل إن استمرار التفاهم الثلاثي، الروسي ــ التركي ــ الإيراني، أصبح مثاراً للتساؤل في ضوء طروحات أنقرة المتجددة حول المنطقة الآمنة.
وظهر من التصريحات المتوترة بين طهران وأنقرة، عقب جولة أستانة الأخيرة، أن نقطة الخلاف الأساسية التي قوضت التوافق وعطلت إصدار بيان ختامي، كانت طرح الجانب التركي لمفكرة المناطق الآمنة. وهو ما أشار إليه صراحة، أمس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، عبر تأكيده أنّ طهران تقوّم الاجتماع بإيجابية، على الرغم من تحفظها عن بعض الأفكار التي قدمها الجانب التركي، وخاصة إقامة «منطقة آمنة تخضع لحظر جوي». وفي السياق نفسه، رأى مساعد رئيس مجلس الشورى الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أن إقامة هذه المنطقة يعد انتهاكاً سافراً للسيادة السورية، مجدداً التأكيد أن بلاده لا توافق على ذلك.
الخلل الذي طرأ بسبب الطرح التركي، ترافق مع محاولات لإعادة طرح وجود خلاف روسي ــ إيراني حول تفاصيل جولة محادثات أستانة الأخيرة، وهو ما فنّده قاسمي بقوله إن «التعاون بين الدولتين في أحسن أحواله».
ويبدو أن ميل أنقرة نحو واشنطن، يحفّز من جديد عودة روسيا إلى إحياء آمال التعاون مع الأميركيين في سوريا. وضمن هذا الإطار، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أمله في اعتماد الولايات المتحدة على مصالح المجتمع الدولي لصوغ سياساتها، مضيفاً أنّ موسكو تنتظر «انضمام الإدارة الأميركية الجديدة، بعد اكتمال تشكيلتها، إلى عملية مكافحة الإرهاب في سوريا». ولفت إلى أن المباحثات التي عقدها الأسبوع الماضي مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، في ميونيخ، تطرقت بنحو رئيسي إلى الملف السوري، وخاصة عملية مكافحة الإرهاب التي تراها إدارة الرئيس دونالد ترامب على رأس أولوياتها.
وأكد أن موسكو تأسف لعدم توجيه الدعوة إلى ممثلي «منصة موسكو» المعارضة للمشاركة في محادثات جنيف، مذكّراً بضرورة التزام قرار مجلس الأمن الدولي «2254»، ومشدداً على أهمية مشاركة أوسع تمثيل للمعارضة بكل أطيافها. وانتقد «النهج الانتقائي» لدى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، في تشكيل وفد المعارضة إلى جنيف.
ومع تعاظم التساؤلات التي تطرح عن فاعلية اتفاق وقف إطلاق النار، فإن أحداث الميدان تشير إلى أن الأيام المرافقة لموعد المحادثات، ستحمل سخونة على العديد من الجبهات. وفي هذا السياق، تواصلت الاشتباكات بين الجيش السوري والفصائل المسلحة المنصوية تحت لواء «غرفة عمليات البنيان المرصوص»، على عدة محاور داخل حي المنشية في مدينة درعا، وتمكن الجيش من إحباط عملية انتحارية بسيارة مفخخة، كانت تسعى إلى استهداف نقطة عسكرية داخل الحي.
أما في حلب، فقد عادت الاشتباكات بعد فترة طويلة من الهدوء الحذر، على جبهات ريفها الغربي والجنوبي الغربي المحاذي للمدينة. وشهدت محاور الراشدين والمنصورة والبحوث العلمية، اشتباكات أمس، تقدمت في خلالها قوات الجيش باتجاه عقدة مدخل حلب الجنوبي الغربي، المعروفة باسم «جسر الرقة»، وأحكمت السيطرة النارية عليها. وبالتزامن مع المعارك، استشهد شخصان وأصيب 12 آخرون بجروح، جراء سقوط عدة قذائف صاروخية، أطلقتها الفصائل المسلحة على منيان وحلب الجديدة. ومن جهة أخرى، دعت القيادة العامة للجيش السوري المواطنين إلى العودة إلى بيوتهم، بعد «إعادة الأمن والاستقرار إلى 44 بلدة وقرية» في ريف حلب الشرقي.
وفي ريف حمص الشرقي، تابعت وحدات الجيش تقدمها في منطقة البيارات الغربية باتجاه مدينة تدمر. وضمن إطار المعارك الدائرة على هذا المحور، أعلنت وزارة الدفاع الروسية مقتل أربعة من جنودها، الخميس الماضي، في انفجار عبوة يدوية الصنع، لدى عبور قافلتهم في طريقها إلى مدينة حمص، عقب مغادرتها مطار «T4» العسكري.
أما في محيط العاصمة دمشق، فقد تابع الجيش عمليته العسكرية في منطقة القابون وبرزة، واستهدف القصف المدفعي والجوي عدة نقاط في حيي القابون وبرزة، بالتوازي مع اندلاع اشتباكات في المنطقة المحاذية للطريق الدولي من حرستا، وأطراف حي جوبر. وفي المقابل، سقطت عدة قذائف صاروخية أطلقتها الفصائل المسلحة، على الأحياء المحيطة بمشفى تشرين العسكري ومنطقة برزة. كذلك تم يوم أمس، تنفيذ مرحلة من اتفاق التسوية الخاص بمنطقة سرغايا، حيث خرجت أكثر من خمس حافلات على متنها نحو 170 من عناصر الفصائل المسلحة في البلدة، مع عائلاتهم، وانطلقت نحو ريف إدلب.
(الأخبار)
إضافة تعليق جديد