أميركا تدعم أكثر من 70 بالمئة من ديكتاتوريات العالم بذريعة "تعزيز الديمقراطية" !!
الجمل - ترجمة: وصال صالح
تحت ستار وذريعة نشر الديمقراطية وتعزيزها تقدم الولايات المتحدة حالياً مساعدات عسكرية لثلاثة أرباع الدول الديكتاتورية في العالم. إنه سجل غريب لأمة تبرر وتسوغ باستمرار تدخلاتها الخارجية بهدف "تعزيز الديمقراطية" و"إحباط دكتاتوريات الشر."
في حقبة الحرب الباردة الديكتاتوري "قد يكون ابن عاهرة، لكنه ابن عاهرتنا" يكشف التحليل الحالي أن الولايات المتحدة تساعد عسكرياً الديكتاتوريات في جميع أنحاء العالم، تحت ستار ما تصفه بأنه "تعزيز الديمقراطية"، ونحن نتساءل بشكل مخيف لماذا يسير كل شيء بشكل سيء.
في معظم تاريخها، أوضحت حكومة الولايات المتحدة ودافعت عن تدخلها في شؤون الدول الأخرى من خلال تأطير هذا السلوك على أنه ضروري "لتعزيز الديمقراطية" في الخارج، ولإحباط تقدم "ديكتاتورات الشر". بينما لا يكاد يتضاءل استخدام تلك العبارات على مر السنين، فقد اضطرت أرقام المؤسسة للإعتراف في السنوات الأخيرة بأن جهود الولايات المتحدة لتعزيز الديمقراطية لم تسر تماماً كما كان مقرراً
على سبيل المثال، نشرت فورين بوليسي العام الماضي، مقالاً حمل عنوان"لماذا أميركا سيئة جداً في تعزيز الديمقراطية في البلدان الأخرى؟"
أشار البروفيسور ستيفن م. والت من جامعة هارفارد إلى أن أن معظم جهود الولايات المتحدة الرامية إلى تعزيز الديمقراطية في الخارج تنتهي بالفشل، مع تدهور ما يقرب من ربع الديمقراطيات في العالم في السنوات ال 30 الماضية. مع أن والت يلقي باللوم على التاريخ الأميركي المشوش من التدخلات العسكرية وفشله في نشر الديمقراطية، يشير تحليل جديد إلى أن السبب في هذا الاتجاه المقلق يعود إلى أنه لم يكن يروج لتعزيز الديمقراطية بطريقة"صحيحة"، ولم تكن الديمقراطية معنية أبدأ في التشجيع لها الإطلاق.
بالأرقام: الولايات المتحدة تدعم ثلاثة من بين أربعة من الحكام المستبدين
ويتني ريتش، وهو محامي وكاتب، سعى إلى المقارنة بين نظام تقييم الحقوق السياسيةلدار الحرية "فريدوم هاوس"لعام 2015 فيما يخص تقديم الحكومة الأمريكية المساعدة العسكرية –التدريب العسكري ومبيعات الأسلحة– إلى دول أجنبية في نفس العام. و كان الهدف المعلن لويتني هو تحديد ما إذا كانت حكومة الولايات المتحدة تعارض فعلاً الديكتاتوريات وتدافع عن الديمقراطية على الصعيد العالمي،كما تدعي في كثير من الأحيان. تحليله المستقل وجد أن الولايات المتحدة أظهرت الواقع على عكس نواياها المعلنة، من خلال تقديم المساعدة العسكرية إلى 36 من الديكتاتوريات في العالم ال49. وبعبارة أخرى، أكثر من 73 في المئة من الديكتاتوريات في العالم تتلقى حالياً مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة.
ويتني استخدم في تحليله تعريفاً مقبولاً عموماً للديكتاتورية: "نظام حكم حيث يمتلك شخص واحد أو مجموعة صغيرة سلطة الدولة المطلقة، وهذا يعني توجيه جميع السياسات الوطنية والأعمال الرئيسية – تاركاً الناس عاجزة عن تغيير تلك القرارات أو استبدال تلك السلطة بأي طريقة قصيرة من الثورة أو الانقلاب. وقد اختار ويتني التقارير السنوية العالمية لدار الحرية "فريدوم هاوس" مشيراً إلى أنها أفضل مصدر للحصول على قائمة شاملة للأنظمة الديكتاتورية والمجتمعات "الحرة". مع ذلك، أشار ويتني إلى أن المنظمة المستقلة ظاهرياً "منحازة بشكل مؤكد لا ريب فيه للطبقة الحاكمة الأميركية".
إن تحيز دار الحرية يجعل نتائج تحليل ويتني حتى أكثر إدانة. حيث تحظى المنظمة بتمويل مجموعة من الحكومات الغربية ومصادر منظمة غير حكومية، بما في ذلك "مؤسسات المجتمع المفتوح" الممولة من قبل جورج سوروس. وهكذا، فإن تصنيفها للدول كديكتاتوريات أو مجتمعات حرة يماثل إلى حد كبير تصنيف وزارة الخارجية الأميركية لهذه الدول– بمعنى أن الدعم النقدي الأميركي لمثل هذه الأنظمة الديكتاتورية معروف بأنه ليس من أجل النهوض بالديمقراطية في الخارج.
وعلاوة على ذلك، فإن العديد من الدول المسماة وفقاً ل "دار الحرية" بالديكتاتوريات هي منافسة للولايات المتحدة، وهذا التقرير يميل إلى وصفها بالديكتاتوريات مع أنها ليست كذلك.
على سبيل المثال، وصفت كل من إيران وسورية بالدولتين الديكتاتوريتين،مع أن إيران أجرت انتخابات ديمقراطية في وقت سابق من هذا العام، وأعيد انتخاب الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2014 وفاز بنسبة 88.7 في المئة من الأصوات. روسيا، المنافس الأبدي للولايات المتحدة، أيضا تعتبر ديكتاتورية وفقاً ل"دار الحرية" مع أن الانتخابات تجري بانتظام هناك. إذا أزيلت هذه الدول الثلاث من القائمة، فإن الولايات المتحدة تدعم أكثر من 78% من الديكتاتوريات في العالم.
إضافة إلى ذلك، فإن الدول الأخرى غير الديمقراطية التي تتلقى بلا ريب كميات كبيرة من المساعدات العسكرية الأمريكية لم تدرج كديكتاتوريات في تقرير "دار الحرية"، بينما وفقاً لتحليل ويتني. على سبيل المثال، تتلقى إسرائيل أكثر من 10 ملايين دولار من المساعدات العسكرية الأميركية كل يوم،مع أن جميع الفلسطينيين الذين يعيشون داخل حدودها محرومون ويخضعون لظروف معسكر الاعتقال أو فرض الحكم العسكري.
تتغير الظروف ولكن التبرير لا يزال هو نفسه
ومع أن هذا التحليل للبيانات الخاصة بالحكومة وبيانات مراكز التفكير الموالية للغرب قد كشفت أن الولايات المتحدة تقدم المساعدات البعيدة المدى للدكتاتوريات في جميع أنحاء العالم، إلا أن مثل هذا الكشف من غير المحتمل أن يغير شيئاً حيال أسلوب عمل الولايات المتحدة منذ أمد بعيد. وبالطبع فإن الدعم الأميركي للديكتاتوريات ليس بالشيء الجديد: فقد تم تثبيت العديد من الحكام المستبدين في حقبة الحرب الباردة، لا سيما في آسيا وأميركا اللاتينية، بدعم حكومي كامل على الرغم من استبدادهم، من أجل السماح للولايات المتحدة "احتواء" الشيوعية والنفوذ السوفييتي.
في نهاية المطاف، "تعزيز الديمقراطية" لم يكن القصد الحقيقي، وإنما هو مطالب مقنعة لستار فتوحات الإمبريالية للدول التي رفضت الإذعان لحكومة الولايات المتحدة. لهذا السبب فإن التدخلات العسكرية الملحوظة التي شهدتها العقود الأخيرة
– لا سيما في أفغانستان والعراق وليبيا – تم تسويقها للرأي العام الأميركي باعتبارها وليدة الحاجة "لاستعادة" الديمقراطية وانتزاع السيطرة من "ديكتاتورات الشر." هذه الرواية ما زالت مستمرة في الاستخدام لتبرير وتسويغ الدفع لتغيير النظام في الخارج، هذا مع أن الصورة الذاتية للولايات المتحدة كأكبر ديمقراطية في العالم في حالة يرثى لها.
عن: The Free Thought
إضافة تعليق جديد