مشروع تركي – قطري لإعادة هيكلة المعارضة و التخلي عن فكرة إسقاط النظام
محمود عبد اللطيف:
على الرغم أن تبديل العواصم لم يُضِف جديداً إلى عمل المعارَضات السورية – بتنوّع ولاءاتها وتعدّد مسميّاتها-، التي لم تستطع حتى الآن تشكيل ندّ موحّد بوجه الحكومة، تعود أبرز قوى المعارضة، والتي كانت خرجت من الدوحة تحت اسم «المجلس السوري الوطني»، وتوجّهت إلى اسطنبول باسم «ائتلاف قوى المعارضة والتغيير»، إلى حزْم حقائبها مجدّداً، استعداداً للرجوع إلى قواعدها الأولى في قطر، وتحت مُسمّى جديد لم يَظهر بعد. وتقول مصادر مقرّبة من المعارضة في تركيا إن «الاجتماعات الأخيرة بين الحكومتَين التركية والقطرية في الدوحة، أفضت إلى توافُق على إعادة هيكلة المعارضة بما يخدم أهداف المرحلة الحالية، بالارتكاز على المتغيّرات التي بدّلت بشكل جذري شكل الخارطة الميدانية من جهة، والمسار السياسي في المحادثات مع الحكومة السورية من جهة أخرى».
ويبدو أن التنسيق التركي – القطري في هذا الخصوص، سيُفضي أوّلاً الى تغيير في الشكل قبل المضمون، الأمر الذي يعيد إلى الذاكرة إعادة الهيكلة الأولى، التي تَمثّلت في حلّ «المجلس السوري الوطني»، واستيلاد «ائتلاف قوى المعارضة»، والانتقال بالأخيرة من الدوحة إلى أنقرة.
وفي هذا السياق، تؤكّد المعلومات أن «كياناً جديداً للمعارضة في طريقه إلى الولادة من العاصمة القطرية، بقيادة رئيس الحكومة السورية الأسبق، رياض حجاب، الذي أنجز مشروعاً لإعادة الهيكلة على الورق، بما يخدم فكرة إعادة إنتاج المعارضة على مستوى المؤسّسات والأهداف». ويبدو أن مشروع حجاب يتضمّن تخلياً عن فكرة «إسقاط النظام»، كطريق أساسية للوصول إلى «سوريا الجديدة»، التي يُراد لها أن تكون ذات سياسات «وسطية»، وتعزل نفسها عن صراعات الإقليم، تحت شعار «المصلحة الوطنية»، والذي يعني عملياً التطبيع مع العدو الإسرائيلي، والابتعاد عن «محور المقاومة».
لكنّ هذه المعارضة «الحيادية» نفسها، لا تفتأ تؤكد أنها لا يمكن أن تحتمل وجود قوى سياسية أخرى كـ«حزب البعث» مثلاً، وأحزاب أخرى حليفة، إذ ينصّ مشروع حجاب على أن العمل على تحييد تلك القوى المناوئة، سيكون «خطوة أولى نحو حلّها باعتبارها من الأحزاب الشمولية»، التي تجب محاربتها. وإذ يقرّ المشروع بأن المعارضة تعيش حالة من الانقسام داخل الائتلاف أولاً، ومع بقية التيّارات ثانياً، إلّا أنه لا يحمل دعوة إلى التوحّد مع منصّات أخرى كمنصّتَي موسكو والقاهرة، ولا يُدخل في حساباته التشارك مع «حكومة الإنقاذ»، التي تُعدّ الواجهة السياسية لـ«هيئة تحرير الشام». كما أن الكيان الجديد للمعارضة لن يتشارك في أيّ مسألة سياسية مع «قوات سوريا الديمقراطية»، إلّا إنْ حدَث حوارٌ مباشر يقرّ ورقة عمل تضْمَن موقفاً واضحاً لـ«قسد» من وحدة الأراضي السورية.
كذلك، يُقصي المشروع الكثير من الشخصيات المعارِضة البارزة، ويُقدّم رياض حجاب كشخصية تقود كياناً موازياً للحكومة السورية. ولم يكن لقاء وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، بحجاب في الدوحة قبل أيام، إلّا مقدّمة لتبنّي أنقرة المولود الجديد، بالتعاون مع الدوحة التي ستحتضنه على مستوى المقرّ الأساسي والمؤسّسات الفرعية، مع الحفاظ على مقرّات موازية على الأراضي التركية، ستكون هي نفسها مقرّات «الائتلاف»، الذي سيُحلّ أو يَحلّ نفسه بعد انسحاب شخصياته لمصلحة الانضمام إلى الكيان العتيد، بقيادة حجاب.
من جهة أخرى، تشير المعلومات إلى أن ثمّة إشكالية ستولّدها عملية إعادة إنتاج المعارضة، متّصلة بتبَعية ممثّليها في لجنة مناقشة الدستور. وفي هذا الإطار، يبدو احتمال حلّ اللّجنة (بنسختَيها الموسّعة والمصغّرة) قائماً، إن لم يتمّ اعتماد الأسماء نفسها في وفد المعارضة، مع تغيير مرجعيّتها لتكون تابعة لكيان حجاب، على اعتبار أن الجهتَين الداعمتَين لـ«الائتلاف» هما ذاتهما مَن ترعيان الهيكلة الجديدة. والجدير ذكره، هنا، أن «الأخبار» حاولت التواصل مع ممثلّي «الائتلاف» في اللجنة المصغّرة لاستصراحهم حول هذا الموضوع، إلّا أنهم رفضوا التعليق على ذلك، وهو ما قد يكون عائداً إلى عدم امتلاكهم معلومات واضحة إلى الآن.
الأخبار
إضافة تعليق جديد