شرق الفرات على صفيح ساخن
رضخت ميليشيات “قسـد” المدعومة أمريكياً لمطالب الأهالي في قرى وبلدات ريف ديرالزور وبخاصة بعد التطورات الأخيرة من خلال اتساع مساحة الرفض الشعبي والمواجهات التي حصلت معها وأمام هذا الأمر تحاول هذه الميليشيات التخفيف من حالة الاحتقان ضمن مناطق انتشارها ولذلك قامت بإطلاق سراح ٤٢ شخصا من سجونها بكفالة عدد من شيوخ المنطقة على حد تعبيرها وبرغم المسعى الأخير لهذه الميليشيات لاحتواء الأمر الواقع الذي فرض نفسه بالقوة وجعلها ترضخ لهذا الأمر بخاصة بأن التعاطي مع أي تطور يحتاج إلى تروي قبل الإقدام على أية خطوة يجعل الباب مفتوحا للمواجهة المباشرة بين أهالي المنطقة وعناصر ميليشيات “قسد” وهذا كان حاضرا وضمن أكثر من بلدة وقرية وعلى أكثر من محور من مناطق انتشار “قسد” لأن الأهالي وجدوا في ذلك مبتغاهم فالمواجهة المباشرة أقصر الطرق للوصول إلى ما يريدون ولم يعد مقبولا حالة الاستفزازات المتكررة والتصعيد اليومي وباتت سجون هذه الميليشيات ممتلئة تماما من خلال المداهمات التي شنتها خلال الفترة الماضية وهي بذلك تعمل على تنفيذ مخطط قديم جديد لإفراغ المنطقة من شبابها لسهولة تمرير مخططاتها والحجة دائما حاضرة لتبرير تصعيدها اليومي وهي الانتماء لتنظيم “داعش” .
واليوم وفي ظل التطورات الأخيرة الحاصلة يبقى باب الاحتمالات مفتوحا على مصراعيه إذا ما افترضنا بأن هناك ربط قد يحصل بين الأرياف ضمن مناطق انتشار ميليشيات “قسد” وهذا الربط يزيد التحركات الأهلية قوة كما حصل مؤخرا بين ريف ديرالزور الشمالي والشرقي والبداية كانت من قرى “برشم” و “التوامية” و “حريزة” شمال ديرالزور ليمتد الأمر باتجاه قرى وبلدات الريف الشرقي “الصبحة” و “جديد بكارة” كون هذه المنطقة مرتبطة عشائريا ببعضها وهذا يعني بأن أي تحرك في منطقة قد يمتد باتجاه أخرى وهذا الأمر لم يغب عن بال ميليشيات “قسد” وإذا عدنا قليلا بمجرى التطورات للخلف لوجدنا بأن “قسد” حاولت اللعب على حبل التفرقة من خلال بث الخلافات في القرى والبلدات التي تشهد تحركات ضدها فهي تعمل على إثارة الخلاف أو البحث عن خلافات قديمة وتعمل على تغذيتها لتبقى مسيطرة على الأمر وبخاصة عندما يشتد الخلاف ويصل إلى درجة الاشتباك يكون هناك تدخل من ميليشيات “قسد” لفض الخلاف وتهدئة الأمور وتخرج بصورة المسيطر على الأمر.
ومن جانب آخر يفرض الواقع المعيشي والخدمي نفسه بقوة ومناطق انتشار قسد تشهد تراجعا في كلا الأمرين ويضاف لها تردي الواقع الصحي وحالة الفلتان الأمني في ظل انتشار عصابات التشليح والسرقة والخطف وازدياد حالات القتل في صفوف أبناء الريف وهذه الأمور ربما لا تعني ميليشيات “قسد” المنشغلة بسرقة خيرات هذه المنطقة بالتعاون مع الاحتلال الأمريكي وفي مقدمتها النفط والقمح.
وفي المحصلة نقول بأن أطلاق سراح ٤٢ شخصا من سجون ميليشيات “قسد” لا يمكن اعتباره “حسن نية” لأن هذه الميليشيات خلال ساعات اختطفت العشرات من أبناء القرى والبلدات وأعادتهم إلى سجونها فهي تصرح بشيء وتفعل عكسه والأهالي في ريف ديرالزور يدركون هذا الأمر تماما وأمام ذلك فالمنطقة مرشحة لمزيد من التطورات وفي مقدمتها المواجهة المباشرة بين الأهالي وميليشيات “قسد” وهذا ما يولد مقاومة بذورها باتت موجودة بعد أن تم كسر حاجز الخوف وبات أمر المواجهة المباشرة مفتوحا وواردا وبأية لحظة.
المشهد- مالك الجاسم
إضافة تعليق جديد