مؤسسة الخط الحجازي السورية: أملاكنا تصل إلى مرفأ حيفا ونابلس
زياد غصن:
مع عودة الحديث إقليمياً عن الفائدة الاقتصادية لمشروعات الربط السككي، تطرح تساؤلات عن إمكانية إعادة إحياء العمل بمشروع الخط الحديدي الحجازي، والذي كانت قطاراته منذ أيام العثمانيين تصل إلى أربع دول عربية مجاورة لسوريا هي: الأردن، السعودية، فلسطين، ولبنان.
وما يجعل هذه التساؤلات مشروعة أن أرضية التعاون بين الدول المشار إليها تبدو قائمة، سواء لجهة الأساس القانوني المتمثل في وجود اتفاقات وتشريعات قديمة صدرت في فترة ما حماية لأملاك هذا الخط، وإعادة العمل به بين ثلاث دول هي سوريا، الأردن، والسعودية، أو لجهة السكك الحديدية الممدودة، والتي وإن جرى اقتلاعها في بعض الدول إلا أن مسارها موثق تاريخياً، فضلاً عن أملاك مؤسسة الخط الحديدي الحجازي والموزعة في تلك الدول، وهي بمنزلة وقف إسلامي. لكن عند مراجعة توزع تلك الأملاك سيفاجأ المرء بما تحتويه وثائق المؤسسة.
في واقع الأمر، فإن أملاك مؤسسة الخط الحديدي الحجازي تتعدى أهميتها الجانب الاقتصادي، أو حتى الطابع الأثري، فهي اليوم باتت وثيقة تاريخية تؤكد في جانب منها عروبة فلسطين باعتبارها جزءاً طبيعياً وسياسياً من بلاد الشام، وفي جانب آخر تظهر أهمية مشروع الربط السككي قبل دخول القرن العشرين، إذ لم يكن مشروعاً طارئاً أو ملكاً لجهة دون أخرى. وحسب ما يشير عمار كمال الدين معاون وزير النقل فإن “مؤسسة الخط الحديدي الحجازي تمتلك سندات خاقانية لأملاك في مرفأ وميناء حيفا، خط نابلس-يافا- عفولة- مجيدل- ميسلون. وهي لا تزال تحتفظ بتلك السندات، إلى جانب سندات خاقانية أخرى لأملاك تعود للمؤسسة في لبنان، وتحديداً في قضاء بيروت وقضاء البقاع”. ويضيف أن الحكومة السورية وحفاظاً على حقوق المؤسسة وأملاكها، والتي هي بمنزلة وقف إسلامي وليست أملاكاً عامة، تطالب دوماً باستعادتها وإخضاعها لإدارة مؤسسة الخط الحديدي الحجازي، كما جرى مع بعض العقارات التي جرى هدمها في وسط بيروت، وتمكنت المؤسسة من الحصول على حكم قضائي يحفظ حقوقها”. ففي العام 1955 صدر قانون بالمصادقة على الاتفاق المبرم بين سوريا وكل من الأردن والسعودية. والذي اعترفت فيه الدول الثلاث التي يمر الخط في أراضيها بأن هذا الخط وقف إسلامي يجب المحافظة عليه وعلى أملاكه كباقي الأوقاف الإسلامية، واتفقت تلك الدول على إعادة جميع حقوق وممتلكات الخط إليه.
وحتى بالنسبة لتوزع أملاك الخط داخل سوريا، فإن الوثائق المحفوظة لدى المؤسسة تشير إلى وجود أملاك لها في منطقة ينابيع الحمة في الجولان المحتل، إلى جانب أملاك كثيرة موزعة في محافظات دمشق، ريف دمشق، ودرعا.
وتظهر الوثائق من جانب آخر، حرص الحكومات السورية المتعاقبة على استمرارية الخط الحديدي الحجازي ومحاولة إعادة إحياء العمل فيه. ففي العام 1963 صدر مرسوم قضى بتسجيل جميع أملاك الخط الحديدي الحجازي على اختلاف أنواعها الواقعة خارج مرافق الاستثمار أو داخلها بما فيا أراضي ومحطات وطرق وحرم سير الخط المذكور المسجلة في السجل العقاري باسم الخط الحديدي أو ما اعتبر من الأملاك العامة تسجل جميعها باسم وقف الخط الحديدي الحجازي، وذلك بالنظر إلى وجود قرار صادر في العام 1925 والذي اعتبرت بموجبه السكك الحديدية والترامويات وتوابعها من الأملاك العامة. وعادت الحكومة السورية لتؤكد في مرسوم تشريعي صدر في العام 1965 على أن اعتبار أملاك وحقوق ومصالح الخط الحديدي الحجازي وقفاً إسلامياً. كما ونصت المادة الرابعة منه على أن ترد ولا تسمع الدعاوى التي ستقام على الخط الحديدي الحجازي أو على أي من مصالحه أو مستخدميه بشأن أجور العقارات العائدة للخط المذكور.
يذكر أنه في العام 1964 صدر المرسوم التشريعي رقم 20، والذي نص على إحداث مؤسسة مركزها دمشق تسمى المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي وتمارس الاختصاصات التالية: إدارة واستثمار الأقسام الواقعة ضمن الأراضي السورية من الخط الحديدي، وكذلك استثمار أملاك هذا الخط وحقوقه ومصالحه حتى تشكيل مجلس إدارة الخط الحديدي الحجازي الموحد وذلك وفقاً للشروط والأحكام المحددة بالقانون رقم 57 تاريخ 1955 واتفاق الرياض والبرتوكولات المرفقة به، والمتعلقة بإعادة تسيير الخط الحديدي الحجازي في أراضي الدول الثلاث الموقعة على الاتفاق.
وتأمل سوريا أن تشهد المرحلة القادمة تعاوناً عربياً لإعادة تشغيل الخط بين الدول المعنية بالنظر إلى ما يحققه لها من منافع وفوائد اقتصادية لها، سواء على صعيد نقل الأفراد أم نقل البضائع والسلع، خاصة في هذه المرحلة والتي تشهد محاولات من دول عديدة لإحداث تحولات في طرق التجارة والتحكم بتدفق السلع والمواد إلى العديد من دول المنطقة.
أثر برس
إضافة تعليق جديد