إعلان أردوغان عن أهداف العملية العسكرية شمال سوريا يقلب السحر على الساحر
لطالما عوّلت أنقرة عند إعلانها نية تنفيذ عمل عسكري جديد في الشمال السوري، على توحيد صفوف الفصائل التابعة لها، وفق ما كان عليه الحال في العمليات التي نفذتها خلال السنوات الماضية كـ “درع الفرات، ونبع السلام، وغصن الزيتون”، إلا أن التهديدات الأخيرة المتعلقة بتنفيذ عمل عسكري تركي جديد في سوريا، أدى إلى نتائج عكسية قلبت السحر على الساحر.
فبعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأولى التي تحدث فيها عن عزم بلاده إطلاق عمل عسكري جديد شمالي سوريا لإنشاء ما أسماه بـ “المنطقة الآمنة”، سارعت فصائل أنقرة إلى إعلان الاستنفار والبدء بحشد مسلحيها على كافة محاور وخطوط التماس في الشمال، تزامناً مع حرب نفسية تخللها إطلاق الكثير من الشائعات التي تروج لانطلاق العمل العسكري التركي، واستعداد مسلحي تلك الفصائل لتلبية أوامر تركيا ببدء الهجوم في أية لحظة.
واستمر المشهد في شمالي حلب على ذلك النحو لحين خروج أردوغان، بتصريحه الثاني، الذي تحدث خلاله بأن أهداف العملية التركية تستهدف “تطهير منبج وتل رفعت” في ريف حلب الشمالي، لتأتي المفاجأة المتمثلة بخروج الكثير من الأصوات المعارضة بين صفوف مسلحي أنقرة لتلك التصريحات، وتحديداً للأهداف العسكرية التي تضمنتها تصريحات الرئيس التركي.
ووفق ما نقلته مصادر عن مقربين من فصائل أنقرة، فإن تصريحات أردوغان، لقيت معارضة كبيرة بين أوساط فصائل شمالي حلب، وخاصة منهم القادمين من أرياف محافظة إدلب التي كان تمكن الجيش السوري من تحريرها في وقت سابق كـ “خان شيخون، سراقب، معرة النعمان” والقرى التابعة لها، حيث طالبوا بأن تشمل العملية التركية المناطق التي جاؤوا منها، معتبرين أن الجانب التركي خذلهم فيما يتعلق بوعوده التي أعطاهم إياها حول إعادة احتلال تلك المناطق وإعادتهم إليها من جديد.
وإثر ذلك، أكدت مصادر تسجيل حالات انشقاق كبيرة من المسلحين المنحدرين من ريف إدلب، ورفضهم القتال أو المشاركة في العمل العسكري التركي القادم، فسجلت الأيام الماضية إعلان ثلاث كتائب تابعة لـ “فيلق الشام” أحد أكبر فصائل أنقرة، عن رفض القتال والمشاركة في أي عمل عسكري يستهدف مناطق ريف حلب، مشددين على أنهم لن يشاركوا إلا في الأعمال العسكرية التي تخص المناطق التي ينحدرون منها.
وأكدت المصادر أن ما حدث بين صفوف فيلق الشام، خلط الأوراق وأثار حالة من البلبلة الكبيرة بين أوساط الفصائل التابعة لأنقرة، وسط عدم تمكن قادة الفصائل من استيعاب تلك الخطوة غير المتوقعة التي تسببت بها تصريحات الرئيس التركي، فيما توقعت المصادر تسجيل المزيد من حالات رفض القتال بين صفوف المسلحين خلال الأيام القادمة في ظل وجود العديد من مسلحي المحافظات الأخرى الذين يفضلون القتال على جبهات المناطق التي قدموا منها، على القتال تحت الراية التركية في شمالي حلب.
وكان الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” قد أعلن في وقت سابق، نية بلاده تنفيذ عمل عسكري في مناطق شمالي سوريا تحت ذريعة إنشاء “منطقة آمنة” وحماية الأمن القومي التركي على الحدود الجنوبية من بلاده، قبل أن يعزز تلك التصريحات مؤخراً بالكشف عن وجهة العمل العسكري الذي سيتركز وفق زعمه، نحو منطقتي منبج وتل رفعت بريف حلب، وسط حالة من الرفض الدولي التي قابلت تلك التصريحات، سواء من قبل الخارجية السورية، أم من قبل الولايات المتحدة التي عبرت في أكثر من مناسبة عن قلقها إزاء التصريحات التركية، معبرة عن رفضها لأي عمل عسكري يهدد أمن وسلامة جنودها في الشمال السوري.
زاهر طحّان - أثر
إضافة تعليق جديد