لماذا يشتم السلفيون والجماعات خصومهم ؟

02-10-2022

لماذا يشتم السلفيون والجماعات خصومهم ؟

سامح عسكر:
 لماذا يشتم السلفيون والجماعات خصومهم؟ هؤلاء متدينون ومفترض أن يكونوا من ذوي الأخلاق الحسنة!

 لغة الشتائم غالبا تصدر من مجموعة لا تسيطر على الواقع وتخاف أكثر مما تشعر بالأمان، بمعنى أن القوي والآمن لا يشتم في الغالب لأنه واثق من قوته وقدرته على التحكم والسيطرة والحصول على ما يريد بأقل عناء.

الشتائم ليست لغة دينية..بل الدين ينبذها ويُحذر منها لعلمه أنها مقدمة لفعل الشرور. وقديما عندما صنع الأجداد أعرافنا تشددوا جدا في منع الشتائم لعلمهم أنها رسول القتل والبطش، والعُرف الاجتماعي تاريخيا ظهر بعد تجارب مؤلمة واجتماع زعماء القبائل لوقفها والبحث عن حياة أفضل، هكذا كانت حياتنا قبل آلاف السنين أكثر همجية فتشكلت أعرافنا وتطورت للأفضل بناء على (عذاب) أجدادنا والظلم المتفشي في هذا التوقيت. وأشير هنا لأمر هام: هو أن الشتائم في معظمها تنقسم لقسمين:

أولا: شتائم جنسية وهذه مصدرها كسر المُحرمات والأعراف من طَرَف الضعفاء والمتمردين، فالمجموعات الضعيفة أو المتمردة على السلطة تندفع لهذا النوع من الشتائم كنوع من الميل النفسي للثورة الشاملة، فلا مُحرمات لديهم لأن تلك المُحرمات في اللاوعي عندهم من صناعة وحماية ورعاية السلطة التي يرفضوها، وهذا سر لشتائم السلفيين والجماعات جنسيا الآن، فهم يعتقدون أن أعراف ونظام وقوانين المجتمع يرعاها ويحميها أعداءهم، وبالتالي فالثورة على هذا العُرف يؤدي لارتياح نفسي داخلي منهم وشعورا بالنشوة المؤقتة التي تقنعهم بالانتصار ..ولو في عالم موازي.

ثانيا: شتائم بالحيوانات..وهذه تختلف من شعب لآخر وفقا لتصور المجتمع لبيئتهم الخاصة، فالعرب وشعوب الشرق الأوسط يحتقرون الكلب والخنزير والحمار لكنهم يحترمون في المقابل حيوان الناقة، لذلك عندما يشتمون فبالكلب والخنزير والحمار لكن عندما يمدحون خصوصا المرأة يقولون عليها (جَمَل) وهذا تعبير رومانسي يصفون به جًمَال وجاذبية هذا الحيوان في مُخيلتهم..وليس معنى احتقار الشعوب لبعض الحيوانات أنها لا تنفعهم، بل غالبا أكثر الحيوانات التي تنفعهم هي مصدر احتقارهم لأنها تكتسب مقام (الخادم المطيع) فمن الذي ينكر أن الكلب والحمار من أكثر الحيوانات التي تنفع شعوبنا ورغم ذلك يحتقروها، ومعنى ذلك أن كل من يكتسب مقام (الخادم المطيع) هو كائن حقير في المخيلة البشرية.

تذكرون حديث مساواة المرأة بالحمار والكلب والأسود في قطع الصلاة، فلو لم تكن المرأة خادمة مطيعة ما قطعت الصلاة ولا أصبحت أكثر أهل النار ولا حطب جهنم مثلما يصفها أكثرية الشيوخ.. المختصر المفيد: أن لغة الشتائم لا علاقة لها بأديان وأحزاب وأيدلوجيات ، هذه ردود أفعال نفسية واجتماعية مرتبطة بالبيئة وكسر الأعراف والمحرمات، وشعوبنا تعتقد بقدسية العضو التناسلي للأنثى وتعلق شرف القبيلة والدولة به، فأدى ذلك لنشوء عرف اجتماعي شديد جدا حول هذا العضو لحمايته وعدم التلفظ عنه بسوء..وبما أنه صار حراما وعُرفا ممنوعا صار في المقابل (كسره) نوع من التمرد على المجتمع ومحاولات للفت الأنظار.

لذا كانت الشتائم – وستظل – دليل ضعف، ومقياس تُعرَف به موازين القوى. وأما من يعتقد أن الشتائم دليل ذكاء وأنه من علامات التفوق العقلي كثرة أو بعض الشتائم، فهذا رأي اجتماعي موجود فعلا ومصدره كما قلنا (التمرد وكسر المحرمات) لكن المتمردين ليسوا جميعا أغبياء لكنهم جميعا ضعفاء، والأذكياء منهم ضعفاء اجتماعيا وغير قادرين على التغيير فيمارسون هواية الشتم كنوع من التمرد واليأس من جهة، وكنوع من لفت الأنظار لذكاءهم وأفكارهم العبقرية من جهة ثانية، وكنوع من الشعور بالحرية والانطلاق من جهة ثالثة..وشخصيا أعرف زملاء من هذه الفئة ويقيني أنهم لو وجدوا فرصة للظهور والتأثير سيتغير سلوكهم للأفضل.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...