كاتب سعودي: أمريكا امبراطورية حمقاء تتصرف في العالم العربي كإله

يربط كاتب سعودي بين ملامح ما يراه مشروعا إسرائيليا في فلسطين وأمريكيا في العالم العربي مشيرا الى أن الولايات المتحدة تتصرف في المنطقة "كإله" وأنها تسعى الى أن يكون مصير العرب مثل مصير الهنود الحمر الذين أبيدوا تحت راية الكتاب المقدس.

ويقول عبد الله محمد الناصر في كتابه (أمريكا.. العقلية المسلحة) إن المستعمرين البيض كما تفننوا في إبادة سكان البلاد الأصليين (الهنود الحمر) بأمراض لم يسبق لهم معرفتها يمارسون النهج نفسه في العراق الذي أصبح "مزبلة من جثث العراقيين وعظامهم ومن مخلفات الحرب مما تلقيه يوميا أمريكا من أطنان القنابل والمتفجرات والذخائر الحديثة ذات الطاقات التفجيرية بعد الاحتلال الامريكي له عام 2003 الرهيبة والمحتويات الإشعاعية المتنوعة التي يجربها الأمريكان على الشعب العراقي."

ويصف احتلال العراق عام 2003 بأنه "فضيحة للعالم كله والإسلامي والعربي بالذات. فضيحة سياسية وفضيحة أخلاقية" مضيفا أن "همجية" أمريكا في العراق تتسق مع كونها "الامبراطورية الحمقاء" حديثة العهد بالتاريخ والاستعمار.

وصدر الكتاب عن دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت ولندن ويقع في 383 صفحات متوسطة القطع.

ويقول الناصر إن واشنطن تمنح نفسها حق تأديب العالم وإنها تخطئ حين تتعامل مع الكون كأنه "مدرسة المشاغبين" فمن شأن هذا النهج أن يفاجئها "بكل تأكيد بأن الكون سيتحول الى مدرسة محاربين وبالطريقة الفلسطينية.."

ويضيف أن الولايات المتحدة لم تكتف بتلويث الأرض العراقية "بل عمدت الى تلويث الأنفس عن طريق زرع الكراهية وإثارة الفتن والعصبيات العرقية والطائفية" مشيرا الى أنها لم تكن لتنجح لولا تحالف اليمين الديني الامريكي مع الصهيونية فبعد هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 " أعلن (الرئيس الامريكي جورج) بوش حربه الدينية المقدسة فحشد العالم لغزو أفغانستان قبل القيام بأي تحقيق."

وأعلن بوش أن إطلاقه مصطلح الحرب الصليبية زلة لسان. لكن خبراء أجانب يشددون على أن تلك المقولة كانت مقصودة وخرجت من اللاوعي الديني لرئيس يقولون إنه ينطلق في سياساته مما يتصوره إلهاما من الله.

ويصر بوش على أن جنوده سيواصلون عملهم في العراق حتى يتحقق الأمن ويقضى على ما يصفه بجذور الإرهاب.

لكن الناصر يعيد التذكير بأن بوش أعلن قبل الحرب على أفغانستان نهاية عام 2001 بحجة القضاء على حكومة طالبان التي كانت تؤوي تنظيم القاعدة "أن العراق ليس له علاقة بالارهاب ولا بتنظيم القاعدة بل قال (بوش) إن بقاء (الرئيس العراقي الراحل) صدام في السلطة شأن من شؤون الشعب العراقي."

ويشدد على أن بوش لم ينفذ وعده بتحقيق الأمن والعدل والحرية والديمقراطية بل شهد العراق "أبشع أنواع الإذلال... أمريكا استطاعت أن تخلق (في العالم العربي) جوا خانقا للحريات وحقوق الانسان بل وضعت كل الحريات في المعتقلات أو تحت الرقابة."

ويفرق المؤلف بين سياسة واشنطن التي يقول إنها تترجم توجهاتها " اليمينية المتطرفة" عسكريا وبين الشعب الامريكي الذي يعتبره ضحية الإعلام والتحالفات السياسية مشيرا الى أن فلسفة القوة تنطلق من البحث عن عدو أو صنعه اذا اقتضى الأمر ذلك.

ويعيد جذور السياسة الامريكية الحالية الى نحو خمسة قرون حين بدأت حروب استهدفت إبادة سكان البلاد الأصليين الذين أطلقت عليهم اسم الهنود الحمر وقضت عليهم باسم "العناية الإلهية".

ويقول الناصر إن المشروع "الصهيوأمريكي" يجمع لدرجة التداخل بين ما يصفه بالمشروع الصهيوني والتدخل الأمريكي "الى حد الاندماج والتوحد" من حيث الأهداف والضحية مشددا على أن أمريكا تتصرف في المنطقة العربية "كإله" أما إسرائيل فهي "مؤسسة حربية. لا يمكن أن تكون دولة سلام... الإرهاب لم يأت من فراغ أو من عقيدة كانت كامنة ثم تفجرت بقدر ما هو نتيجة لإرهاب يصادم ارهابا فيفجر ويقتل بشكل عشوائي."

ويرى أن أمريكا "لم تحتل الارض العراقية فقط بل احتلت الكرامة العربية" وأن من يسميهم المبشرين بالأمركة يلوذون بالصمت إزاء الممارسات الاسرائيلية والامريكية في العالم العربي ويشبههم بشاعر عربي قديم كتب قصيدة لأحد ممدوحيه وفي الطريق اليه بلغه أنه قتل فحذف اسمه ووضع مكانه اسم قاتله فلما دخل المدينة فوجئ بمصرع القاتل فحذف اسمه وأعاد صياغتها باسم القاتل الجديد.

ولا يخلو الكتاب من استشهادات شعرية منها ما يعتبره الكاتب نبوءة بما حدث في العراق والذي رآه بعين البصيرة الشاعر العراقي بدر شاكر السياب (1926-1964) في قصيدته (الأسلحة والأطفال) ويقول في بعض سطورها.. "أرى الفوهات التي تقصف-تسد المدى واللظى والدماء-وينهل كالغيث ملء الفضاء-رصاص ونار ووجه السماء... حديد ونار حديد ونار- وثم ارتطام وثم انفجار-ورعد قديم ورعد بعيد-وأشلاء قتلى وأنقاض دار-حديد عتيق لغزو جديد- حديد ليندك هذا الجدار."

المصدر: رويترز