جدل في بريطانيا حول الأصول اليهودية لوزير الخارجية
يثور جدل في بريطانيا حول الأصول اليهودية لوزير الخارجية الجديد ديفيد ميلباند (41 سنة)، وتأثير هذه الخلفية في عمله على رأس الدبلوماسية البريطانية، في وقت رحبت “إسرائيل” بالوزير، وأكدت انها لن تتهمه بعداء السامية عندما ينتقدها كما فعل من قبل. ورفضت الحكومة البريطانية التورط في الجدل وأكدت ان كون الوزير يهودياً لن يؤثر في سياسة البلاد الخارجية، وذكرت بأن الوزير الأسبق مالكوم ريفكيند كان “مستقلاً ومستنيراً” رغم يهوديته.
فقد ذكرت صحيفة “جويش كرونيكل” الناطقة باسم الجالية اليهودية في بريطانيا نقلاً عن ميلباند اعترافه بأصوله اليهودية، التي اعتبرها “مهمة بالنسبة له” رغم انه ليس يهودياً ارثوذكسياً. وأكد الوزير ان كونه يهودياً يهيمن على طريقة تفكيره، خاصة انه ابن عائلة مهاجرة، وأشار إلى “أهمية القيم اليهودية” بالنسبة له. وذكرت الصحيفة ان ديفيد وشقيقه ايد الذي عين أيضاً وزيراً في حكومة جوردون براون الجديدة، هما نجلان لوالدهما الاستاذ الجامعي رالف ميلباند الماركسي، المهاجر من بلجيكا بعد اجتياح النازية البلد.
ودافع الكاتب البريطاني أوليفر كام عن الأصول المهمة لعائلة ميلباند، خاصة ان والده الأكاديمي الماركسي كان من أشد منتقدي النظام الرأسمالي، وشكك كام في أن تؤثر الأصول اليهودية في وجهات نظر الوزير، وأشار إلى انه كان من الوزراء القلائل الذين انتقدوا علناً رئيس الوزراء السابق توني بلير، بسبب موقفه المؤيد لأمريكا برفض وقف فوري للنار خلال العدوان “الإسرائيلي” على لبنان الصيف الماضي. وذكر كام أن ألد أعداء “إسرائيل” خلال عقدي السبعينات والثمانينات في القرن الماضي كان المستشار النمساوي برونو كرايسكي، رغم انه كان يهودياً.
كما ذكر أن الدول العربية لم تثر جدلاً حول هذه الأمور المتعلقة بالخلفيات اليهودية للوزراء البريطانيين، وأشار إلى ان هذه الدول تعاملت مع وزير الخارجية المحافظ الأسبق مالكوم ريفكيند باهتمام واحترام لأنه رغم يهوديته كان شخصية مستقلة ذات فكر مستنير، ولا يزال ريفكيند حتى اليوم من أشد معارضي حرب العراق، ويعتبر دخول بريطانيا الحرب إلى جانب الولايات المتحدة مغامرة فاشلة، أسوأ من غزو السويس عام 1956.
وتبرز “جويش كرونيكل” دائماً الأصول اليهودية لأي شخص يحتل موقعاً عاماً له أهميته في بريطانيا. لكن كتاباً ومحللين بريطانيين يعتقدون ان من الانصاف الحكم على مواقف ميلباند تجاه الصراع العربي “الإسرائيلي” من خلال الخطوات التي سيتخذها والأفكار التي سيعبر عنها في الوزارة. وكان ميلباند قد أكد في أول تصريح له عقب تعيينه وزيراً، التزامه بمبدأ قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب “إسرائيل” الآمنة، لكنه أكد الامتناع عن اجراء أي اتصالات مع “جبهة الرفض الفلسطينية”، وأكد انه سيجري مناقشات صريحة مع “إسرائيل” حول بناء المستعمرات اليهودية التي تتعارض مع القانون الدولي.
وقال الوزير في مجلس العموم البريطاني في أول جلسة لمناقشة السياسة الخارجية بعد توليه المنصب ان بريطانيا ستدعم الجانبين اللذين يلتزمان بالسلام. وتحدث أيضاً عن الجهود التي ستبذل لتوفير التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية.
يذكر ان براون نفسه من أشد المدافعين عن ضرورة قيام اقتصاد فلسطيني قوي ومدعوم من المجتمع الدولي، لأن ذلك سيؤدي إلى تخفيف العنف وتحسين مستوى معيشة الشعب الفلسطيني. وعندما كان براون وزيراً للمالية عقد مؤتمراً دولياً خاصاً في لندن العام الماضي لدعم الاقتصاد الفلسطيني.
واستبعد ميلباند رداً على أسئلة النواب اجراء اتصالات بين وزرائه وحركة حماس وأكد انه لن يكون هناك أي تغيير في السياسة القائمة. وذلك حتى تعلن الحركة التزامها بمطالب اللجنة الرباعية الخاصة “بنبذ العنف والاعتراف ب “إسرائيل” والالتزام بالاتفاقيات الموقعة من قبل بين الفلسطينيين و”إسرائيل”.
وتركزت تعليقات صحافية عديدة في لندن على ان ميلباند لن يتردد ليس فقط في انتقاد “إسرائيل”، لكنه سيمضي إلى حد أبعد من ذلك بالهجوم على سياسة أمريكا إذا ما اقتضى الأمر.
وكان ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية واضحاً بالنسبة للجدل الدائر حول أصول ميلباند اليهودية حيث أكد “اننا لا نرى أن ديانة ميلباند تشكل قضية هنا”.
عمر حنين
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد