ما هو تأثير العامل السوري على الصراع الدبلوماسي في أنابوليس

الجمل: خارطة الصراع الدبلوماسي في أنابوليس تشير حالياً إلى أن الصراع سوف يكون حصراً بين قطبين هما:

·   سوريا: باعتبارها الطرف الذي يتبنى التمسك بالحقوق العربية المشروعة، وعدم تقديم التنازلات لإسرائيل.

·   اللوبي الإسرائيلي: وهو الطرف الذي رتب ونظم المؤتمر، وبرغم أن اللوبي الإسرائيلي لن يكون مشاركاً في المؤتمر في صورة وفد أو طرف مستقل، إلا أنه سوف يكون حاضراً بقوة من وراء الكواليس.

* إدارة الصراع الدبلوماسي: نقاط القوة في أداء اللوبي الإسرائيلي:

حالياً يمسك اللوبي الإسرائيلي بكافة مفاصل مؤتمر أنابوليس، وخلال الفترة السابقة استطاع اللوبي الإسرائيلي النجاح في تحقيق الآتي:

·        ترتيب مكان المؤتمر.

·        ضبط الدعوات.

·        تحديد تاريخ انعقاد المؤتمر.

·        ترتيب أجندة المؤتمر.

كذلك يسيطر اللوبي الإسرائيلي حالياً على لجان تسيير المؤتمر، والأطراف المعنية بمتابعة تطورات المؤتمر، سواء في وزارة الخارجية الأمريكية حيث يتابع اليهودي الأمريكي ديفيد ولش كل شيء، أو في البيت الأبيض حيث يتابع إيليوت إبراهام كل شاردة وواردة.

الحملة الإعلامية في الصحف الأمريكية (وعلى وجه الخصوص صحيفتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست) كانت تركز على الجوانب الآتية:

·        اهتمام إدارة بوش بانعقاد المؤتمر.

·        اهتمام الإسرائيليين بالسلام.

·        عدم توافق العرب.

·        تشدد الفلسطينيين.

وبالمقارنة بين تقارير الصحافة الأمريكية وتوجهات الصحف الإسرائيلية وتصريحات الإسرائيليين وتحليلات مراكز الدراسات الإستراتيجية التابعة للوبي الإسرائيلي، فإنه يتبين لنا أن الصحف الأمريكية لعبت دوراً كبيراً (كالعادة) في الفترة الماضية في شن حرب نفسية إعلامية منخفضة الشدة لصالح إسرائيل على النحو الذي ينقل إشارة إلى الرأي العام الأمريكي والعالمي مفادها بأن المؤتمر إذا فشل فإن ذلك يعود إلى تشدد الأطراف العربية في مواجهة إسرائيل التي أبدت الرغبة في تقديم التنازلات من أجل السلام.

* إدارة الصراع الدبلوماسي: نقاط الضعف في أداء اللوبي الإسرائيلي:

ركز اللوبي الإسرائيلي على إتباع دبلوماسية وقائية تركز أولاً وقبل كل شيء على عزل سوريا عن المشاركة في أي مفاوضات عربية – إسرائيلية، وكانت آلية اللوبي الإسرائيلي لتحقيق ذلك تتمثل في الآتي:

·        منع إجراء أي اتصالات سورية  - أمريكية.

·        عرقلة إجراء أي مفاوضات سورية – إسرائيلية.

·        "تغييب" ملف الجولان المحتل عن أجندة مؤتمر سلام أنابوليس.

·        "تغييب" سوريا عن المشاركة في المؤتمر.

وبرغم التحركات الدبلوماسية الأمريكية التي رتب لها اللوبي الإسرائيلي مسبقاً، والتي هدفت إلى عزل سوريا وتغييبها بالكامل عن طاولة المفاوضات في أنابوليس، فقد أبت حقائق التاريخ والجغرافيا إلا أن تمد لسانها للوبي الإسرائيلي:

·        اضطرت السلطة الفلسطينية إلى المطالبة بمشاركة سوريا.

·        اضطرت السعودية إلى ربط مشاركتها بمشاركة سوريا.

·        اضطرت الأردن إلى محاولة التوافق مع سوريا.

·        اضطرت مصر إلى مطالبة الأمريكيين بضرورة مشاركة سوريا.

ولما أدرك اللوبي الإسرائيلي أن إحراز التقدم في موضوع عزل سوريا غير ممكن، إضافة إلى أن الضغوط الأمريكية لم تعد تجدي نفعاً في إثناء العرب عن ربط مشاركتهم بضرورة مشاركة سوريا، فقد اضطر الثلاثي: اللوبي الإسرائيلي والإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية، إلى التوافق على توجيه الدعوة لسوريا بالحضور إلى المؤتمر.

الآن، فإن حضور سوريا وتواجدها في المؤتمر سوف يشكل نقطة الضعف الرئيسية التي سوف يعمل اللوبي الإسرائيلي إلى تفادي تداعياتها.

* تأثير العامل السوري على الصراع الدبلوماسي في أنابوليس:

تعتبر سوريا من أكثر البلدان العربية خبرة في كيفية التعامل مع الإسرائيليين ولما كانت سوريا تمثل على أساس الاعتبارات الجيوبوليتيكية، مركز الثقل الجيوسياسي، فإن الوفد السوري المشارك في أنابوليس سوف يقوم بدور هام في تعزيز قدرة الأطراف العربية على التفاوض بفعالية، خاصة وأن كل الأطراف العربية الموجودة في المؤتمر لن تستطيع تقديم أي تنازلات حول الجولان دون موافقة سوريا أو حول الحقوق الفلسطينية دون موافقة الفلسطينيين.

وسوف تكتشف أمريكا، أو بالأحرى الإدارة الأمريكية عدم قدرتها على ممارسة أي ضغوط دبلوماسية على سوريا وذلك لأن الإدارة الأمريكية قد خفضت علاقاتها الدبلوماسية منذ فترة طويلة وعزلت نفسها عن سوريا، وباختصار سوف تكتشف الإدارة الأمريكية أن تخفيض علاقاتها مع سوريا قد فوّت عليها فرصة الاحتفاظ بآليات تستطيع عن طريقها الضغط على سوريا، ولا ينطبق ذلك على الإدارة الأمريكية فحسب بل وعلى الأطراف العربية الحليفة لأمريكا كمصر والأردن والسعودية التي كانت تستخدمها أمريكا سابقاً في ممارسة الضغط غير المباشر على سوريا، فقد دفعتها أمريكا إلى الانتظام في معسكر المعتدلين العرب الذي كان يعادي سوريا وبالتالي لن تكون دولة المعتدلين قادرة على ممارسة أي ضغوط دبلوماسية على سوريا لأن الإدارة الأمريكية هي التي أفقدتها هذه القدرة.

* خارطة الصراع داخل المؤتمر:

تمت دعوة أربعين دولة ومنظمة دولية وإقليمية لحضور المؤتمر، وسوف تكون خارطة الصراع في بداية المؤتمر على النحو الآتي:

·        أطراف المؤتمر:

* الطرف الإسرائيلي: ويضم إسرائيل.

* الطرف العربي: ويضم سوريا والجامعة العربية وبقية الدول العربية.

* الأطراف المحايدة: الأمم المتحدة، الصين وروسيا والأطراف الأخرى التي وجهت لها الدعوة باعتبارها أطراف "محايدة" افتراضاً.

* الدول الراعية: الولايات المتحدة الأمريكية.

·        قضايا المؤتمر:

تقول المعلومات بأن اللوبي الإسرائيلي قد استطاع أن ينفرد بالكامل بعملية ترتيب ووضع بنود المناقشة وبرمجتها على النحو الذي يحقق الآتي:

   * تفادي إلقاء أي مسؤوليات على عاتق إسرائيل.

* تفادي توجيه الانتقادات لإسرائيل حول انتهاكها للمواثيق والاتفاقيات السابقة.

   * مطالبة العرب بتحمل مسؤولية حماية أمن واستقرار إسرائيل.

* حذف وتغييب حقوق سوريا مما يترتب عليه نزع الاعتراف بوجود أي حقوق متنازع عليها بين الإسرائيليين والسوريين.

   * إطلاق يد الإدارة الأمريكية في ممارسة الضغط على العرب.

عموماً، تقول التكهنات بأن عدم وضع ملف الجولان ضمن ملفات مؤتمر أنابوليس هو إجراء رتب له جيداً اللوبي الإسرائيلي وذلك من أجل تغييب قضية الجولان السوري عن المبادئ الرئيسية النهائية التي سوف يتوصل لها المؤتمر وبالتالي فإن المفاوضات العربية – الإسرائيلية التي سوف تعقد لاحقاً سوف لن تكون معنية بالجولان لأنها ستكون مفاوضات مستندة حصراً على المبادئ النهائية لمؤتمر سلام أنابوليس.

وحتى الآن، برغم نقاط القوة الكثيرة التي يتمتع بها اللوبي الإسرائيلي في إدارة الصراع الدبلوماسي داخل المؤتمر، فإن حضور ومشاركة سوريا في هذا المؤتمر يمكن أن تؤدي إلى "كسر ظهر" مخطط اللوبي الإسرائيلي ولكن يتوقف ذلك على عدة عوامل أبرزها:

·        قدرة الوفد السوري على القيام بدور مركزي نشط داخل الأطراف العربية المشاركة.

·        استعداد الأطراف العربية للتعاون مع سوريا في التمسك بملف الجولان المحتل.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك الكثير من الأطراف الأخرى التي يمكن أن تؤثر سلبياً على جهود اللوبي الإسرائيلي ومن أبرز هذه الأطراف روسيا والصين.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة