المقداد من أنابوليس:التطبيع بعد الانسحاب من كامل الأراضي العربية
شدد نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، في كلمته أمام مؤتمر انابوليس امس الاول، على التزام بلاده بالسلام «خيارا استراتيجيا» مكررا أن التطبيع مع اسرائيل لن يأتي قبل الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة، فيما ذكرت صحيفة «هآرتس» أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني خيرت رئيس طاقم المفاوضين الفلسطينيين أحمد قريع بين القبول بوثيقة «التفاهم المشترك» بين تل أبيب والسلطة التي أعلنها الرئيس الأميركي جورج بوش امس الاول أو ان «يغرب عن وجهها»!
وقال المقداد، في كلمة خلال الجلسة الثالثة والأخيرة لمؤتمر انابوليس خصصت لـ»السلام الشامل» في الشرق الأوسط، ان مشاركة سوريا في المؤتمر «خطوة إضافية من جانبها للمساهمة في صنع سلام عادل وشامل في منطقتنا المضطربة» مضيفا «ليس جديدا أن نقول ان سوريا قامت بدور حاسم في إطلاق عملية السلام التي بدأت في مدريد عام 1991». وتابع ان «سوريا جعلت من السلام العادل والشامل خيارا استراتيجيا لها وفق ما أعلنه الرئيس الراحل حافظ الأسد».
وتابع المقداد «ان سوريا يحدوها الأمل بأن يشكل اجتماعنا نقطة انطلاق لعملية سلام عادل وشامل على كل المسارات التي أطلقها مؤتمر مدريد للسلام» مذكرا بأن دمشق «انخرطت في مفاوضات دؤوبة مع خمس حكومات اسرائيلية متعاقبة لم تتعامل غالبيتها مع السلام على أنه موقف ثابت تتبناه». وأوضح ان «هذا السلوك الاسرائيلي أدى الى إطالة أمد المفاوضات لمدة عشر سنوات حتى أمكن التوصل الى إنجاز قدر كبير قد يصل الى حوالى 85 في المئة من عناصر اتفاق محتمل، وتوقفت المفاوضات بعد هذا كله بقرار اسرائيلي وما زالت كذلك منذ العام 2000».
ولفت نائب وزير الخارجية السوري الى ان «مبادرة السلام العربية التي شكلت منعطفا حاسما في البحث عن السلام، يجب أن تؤخذ بكاملها لا أن تعالج بشكل انتقائي كما يجري من حين لآخر» مضيفا «نحن جادون في سعينا الى سلام شامل وعادل ولدينا الإرادة السياسية لتحقيق ذلك». وقال «الجميع يعلم ان اسرائيل لم تتجاوب مع الدعوات السورية» لاستئناف المفاوضات.
وشدد المقداد على ان «إنشاء علاقات طبيعية مع اسرائيل كما نصت عليه المبادرة العربية، يجب أن يأتي ثمرة للسلام الشامل وليس استباقا له أو التفافا عليه. وبمعنى أوضح وقاطع أن يأتي ذلك بعد الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الاراضي العربية المحتلة منذ العام 1967».
وذكرت «وكالة فرانس برس» أن ليفني التفتت الى المقداد معربة عن أمل تل أبيب في صنع السلام مع دمشق. ونقلت الوكالة عن مسؤول في الوفد الاسرائيلي أن «تسيبي نظرت اليه ولم يدر وجهه. انه أمر مهم».
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد قال في كلمته أمام المؤتمر «في مبادرة السلام العربية، تعهدت كل الدول العربية بتحقيق السلام والأمن والاعتراف والتطبيع بين كل دول المنطقة بما فيها اسرائيل» مضيفا انه «من الأساسي أن تطبق اسرائيل إجراءات مثل تجميد كل النشاطات الاستيطانية وتفكيك المواقع المتقدمة والإفراج عن الأسرى ووقف بناء الجدار ورفع الحواجز في الأراضي الفلسطينية المحتلة ورفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني».
من جهته، أشار وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط لدى توقفه في لندن في طريق العودة الى القاهرة بعد مشاركته في انابوليس، الى «قدر الجدية الكبير الذي تعاملت به الإدارة الأميركية مع المؤتمر».
وحول موضوع يهودية دولة اسرائيل، قال أبو الغيط إن «الجميع يعرف أن الغالبية العظمى من سكان دولة اسرائيل هم من اليهود، وإذا أرادت اسرائيل أن تصف نفسها بأنها دولة يهودية فهذا أمر يخصها، أما اذا طلبت من الجانب الفلسطيني أو العربي أو الدولي ذلك، فهذا موضوع يتطلب الحذر حتى يكون هناك حفاظ على الحقوق القانونية والإنسانية والسياسية للعرب الذين لم يتركوا ديارهم عام ,48 واستمروا في العيش في دولة اسرائيل ويشكلون الأن حوالى 20 في المئة من السكان».
وأوضح ابو الغيط أن «الجانب العربي سينظر بدقة ويتعامل بحكمة مع مسألة تطبيع العلاقات مع اسرائيل، آخذا في الاعتبار أن هذا الموضوع يشكل الفلسفة الأساسية وراء مبادرة السلام العربية».
وكرر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده ستستضيف مؤتمرا ثانيا حول الشرق الأوسط، بعد اجتماع انابوليس. وقال «ان الجميع عبر عن ارتياحه لاستعدادنا لاستضافة الاجتماع المقبل في موسكو» مضيفا «ان موعد (المؤتمر) وجدول أعماله سيكونان بالتأكيد موضع اتفاق».
من جهتها، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن وثيقة «التفاهم المشترك» بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت التي أعلنها بوش، أنجزت قبل نصف ساعة فقط من افتتاح المؤتمر، مشيرة الى أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس سحبت عباس من اجتماع ثلاثي مع أولمرت وبوش، ومارست ضغوطا عليه لإقرار الوثيقة، وهو ما حصل.
وروت الصحيفة انه تم استبدال قريع بكبير المفاوضين صائب عريقات، بعد الإخفاق في تحقيق تقدم مع الأول حول الوثيقة ليل الاثنين الثلاثاء. أضافت الصحيفة انه تم التوصل الى «اتفاقات عديدة» مع عريقات، تراجع الفلسطينيون عنها في الصباح التالي، ما جعل ليفني تفقد أعصابها وتقول لقريع «وافق عليها أو اغرب عن وجهي!».
الى ذلك، اعتبر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أفي ديختر أن الجدول الزمني للتوصل إلى اتفاق دائم بين إسرائيل والفلسطينيين في نهاية العام 2008 «غير واقعي»، فيما رأى رئيس حزب الليكود اليميني المعارض بنيامين نتنياهو أن أولمرت قدم «تنازلات» قبل بدء المؤتمر وفتح الباب أمام تقديم المزيد من التنازلات بعد انتهائه، من دون أي مقابل.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد