السلطة تتهم حماس: تمويلها من إيران وتعليماتها من دمشق
الجمل: في أعقاب انفجار ديمونا نشرت صحيفة أورشليم بوست الإسرائيلية الصادرة بتاريخ 5 شباط 2008م، نقلاً عن مسؤولين في السلطة الفلسطينية، قولهم بأن حركة حماس تعمل وتتحرك ضد السلطة الفلسطينية وبأنها تتلقى التعليمات من سوريا وإيران لجهة استئناف الهجمات الانتحارية ضد إسرائيل.
* سوريا – إيران: أبرز اتهامات مسؤولي السلطة الفلسطينية:
أبرز تصريحات مسؤولي السلطة الفلسطينية التي نقلتها صحيفة أورشليم بوست تمثلت في الآتي:
• صرّح مسؤول فلسطيني للصحيفة قائلاً: "... التعليمات جاءت من دمشق والتمويل من طهران... وجميعهم مصممون على تقويض سلطة الرئيس محمود عباس وتخريب عملية السلام..".
• اتهم مسؤول آخر في السلطة الفلسطينية دولة قطر وقناة الجزيرة بتقديم الدعم المفتوح لحماس من أجل إلحاق الخزي بمحمود عباس وحركة فتح التي يتزعمها، وأضاف قائلاً بأن السلطة الفلسطينية قد تظلمت للعديد من الدول الأوروبية والعربية حول دور قطر السلبي.
* دلالة التصريحات وأبرز التساؤلات:
قد يقول قائل بأن التصريحات الفلسطينية هي فبركة إسرائيلية تم نسبها إلى مصادر السلطة الفلسطينية، وعلى ما يبدو، أو بالأحرى ما هو واضح يتمثل في الآتي:
• السلطة الفلسطينية لم تنف حتى الآن على موقعها الإلكتروني هذه التصريحات.
• تجربة الإعلام الإسرائيلي مع الأطراف العربية الـ"متعاملة" معه ومع إسرائيل تشير إلى أن هذا الإعلام لن يتردد في نشر الوثائق والمستندات إذا تجرأ الطرف العربي الـ"متعامل" وحاول نفي الموضوع.
والآن بعد مرور أكثر من 24 ساعة على نشر هذه التصريحات، نقول بأن مصداقية صدورها من مصدر مسؤول في السلطة الفلسطينية هو أمر وارد. إن تطبيق كل قواعد الاشتباك المطبقة في كافة أصقاع الدنيا يشير بوضوح إلى أن إسرائيل هي العدو الرئيسي لكل الأطراف العربية المشتركة وغير المشتركة في معركة الصراع العربي – الإسرائيلي. وتأسيساً على ذلك، وعلى خلفية التصريحات المشار إليها، نتساءل:
• هل تغيرت قواعد الاشتباك في أذهان مسؤولي السلطة الفلسطينية؟
• هل أصبحت سوريا وإيران وحماس وحزب الله اللبناني تمثل "العدو" بينما إسرائيل هي "الصديق" للسلطة الفلسطينية؟
• من الذي يسعى لتقويض السلطة الفلسطينية وإلحاق الخزي برئيسها، هل هي سوريا وإيران وحماس وحزب الله الذين يقفون بثبات وحزم ضد المشروع الإسرائيلي – الأمريكي أم إسرائيل التي ترفض إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة وتفرض الحصار عليهم وتقوم يومياً بقتل الفلسطينيين إضافة لقيامها بمحاصرة مقر السلطة الفلسطينية في رام الله ودسّت "الأيادي الخفية" السم للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قائد حركة فتح ورئيس السلطة الفلسطينية السابق؟
* الجانب غير المعلن للتصريحات:
من لا يصنع تاريخه سوف يبقى بلا تاريخ إلا الذين وقعوا على اتفاقية «أوسلو» فهم وإن كان توقيعهم إعلاناً بأنهم قرروا عدم القيام بصناعة تاريخهم فإنهم سيكون لهم تاريخ ولسوء حظهم سيتمثل في التاريخ الذي ستصنعه لهم إسرائيل. لم تحدد بنود اتفاقية «أوسلو» التزامات الطرف الفلسطيني وإنما حددت مسار التاريخ الفلسطيني القادم على أساس اعتبارات إلزام الأطراف الفلسطينية بحماية أمن إسرائيل والتنازل لها عن الحقوق الفلسطينية و"قمع" الأطراف الفلسطينية والعربية التي تحاول التجرؤ على تهديد أمن إسرائيل والمطالبة بحقوق السوريين والفلسطينيين وغيرها من الحقوق العادلة المشروعة.
لم تعد إسرائيل وكبار المسؤولين الفلسطينيين بحاجة إلى القيام باتهام سوريا وإيران وحركة حماس بأنهم يتآمرون من أجل تهديد أمن وسلام إسرائيل والإسرائيليين طالما أن السلطة الفلسطينية تقوم بهذا الدور على النحو الذي سيعزز جهود الحرب النفسية – الإعلامية الإسرائيلية ويعطيها زخماً جديداً ويعيد لهذه الجهود حيويتها التي فقدتها في نظر العالم بسبب الاعتداءات الإجرامية الإسرائيلية وانتهاكاتها لكل القوانين والأعراف الدولية.
* الدور القادم للسلطة الفلسطينية في ظل قواعد اشتباك رام الله الجديدة:
أدرك الشعب الفلسطيني حقيقة ما يقوم به زعماء حركة فتح الذين يسيطرون على رام الله، وأصدر هذا الشعب حكمه الرئيسي في الانتخابات التشريعية التي هزمت المتعاملين وانتصرت للمقاومين على النحو الذي أدى إلى تعزيز إرادة المقاومين وإشعال حقد المتعاملين. لجأ محور تل أبيب – واشنطن – القاهرة – عمان – رام الله إلى "نظرية المؤامرة" من أجل كسر إرادة المقاومين وتعزيز قدرة المتعاملين لإلحاق الخزي بالشعب الفلسطيني، وهكذا استمر برنامج المساومة الذي تمثله فتح في معاكسة برنامج المقاومة الذي تمثله حماس وكان طبيعياً أن يستند برنامج المقاومة على الشعب الفلسطيني في مواجهة برنامج المساومة الذي يستند على إسرائيل وكان طبيعياً أيضاً أن تخسر حركة فتح الرهان في مواجهة حركة حماس التي كسبت –وفقاً لكل المقاييس- الرهان. الآن يمكن أن نتحدث عن نوعين من "رام الله" رام الله القديمة والجديدة:
• "رام الله القديمة": هي رام الله ما قبل مؤتمر أنابوليس والتي كانت تتمسك بـ"قشة" اتفاق أوسلو.
• "رام الله الجديدة": هي رام الله ما بعد مؤتمر أنابوليس التي تخلت عن قشة اتفاق أوسلو وقررت أن تغرق في أجندة اجتماع شرم الشيخ واجتماع العقبة... وغير ذلك.
أبرز المهام التي ستقوم بها "رام الله الجديدة" يمكن أن تتمثل في الآتي:
• تبني وجهة النظر الإسرائيلية داخل الجامعة العربية.
• إقناع الرأي العام العالمي بأن سوريا وإيران وحركة حماس وحزب الله يمثلون "محور الشر" في الشرق الأوسط الذي يمارس الإرهاب ضد "محور الخير" المكون من السلطة الفلسطينية وحكومة السنيورة والأردن ومصر.
• الدفاع عن المستوطنين والمستوطنات الإسرائيلية في الجولان المحتل والأراضي الفلسطينية.
• المشاركة العلنية إلى جانب تل أبيب في الحرب ضد حماس.
* ويسألونك عن السلطة الفلسطينية: حرب حماس - إسرائيل القادمة وحصان طروادة الفلسطينية:
نشرت مجلة تايمز الأمريكية الصادرة يوم 5 شباط 2008م تحليلاً أعده الصحفي الأمريكي روبرت بابر حمل عنوان «حرب حماس – إسرائيل القادمة». يقول الصحفي الأمريكي في مقدمة تحليله أنه من الصعب أن نقرر من سيكون أولاً: لبنان، أم غزة. أم من الممكن أن يكونا معاً، جنباً إلى جنب وفي الوقت نفسه.
بعد ذلك أشار الصحفي إلى النقاط الآتية:
• مازال الإسرائيليون يدرسون الكيفية التي نجح بها الانتحاري الفلسطيني في التسلل والدخول إلى ديمونا. هل جاء من غزة أو عبر الأراضي المصرية أم من الضفة الغربية؟
• عبر حوالي 750 ألف فلسطيني (نصف سكان قطاع غزة) إلى الأراضي المصرية، فهل نجح الفلسطينيون في إدخال المقذوفات الصاروخية البعيدة المدى، والمقذوفات المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للصائرات أم لا؟ وإذا نجحوا فعلاً فكيف ستتصرف قوات الجيش الإسرائيلي التي تعودت تحقيق الانتصارات البطولية ضد المخيمات الفلسطينية التي يقطن فيها المزيد من النساء والأطفال العزل من السلاح ووسائل المقاومة؟
• بعد عملية كسر الجدار هل استطاعت العناصر الفلسطينية التي تم تدريبها في إيران وغيرها الدخول من مصر إلى قطاع غزة؟
• يحاول الإسرائيليون وأجهزة المخابرات الإسرائيلية وضع تخمين استخباري يجيب على السؤال القائل: هل تخطط حركة حماس لشن حرب ضد إسرائيل على غرار نموذج حرب الـ34 يوماً التي دارت في صيف العام 2006م بين إسرائيل وحزب الله اللبناني؟
• كذلك يحاول الإسرائيليون وأجهزة مخابراتهم وضع تخمين استخباري يجيب على السؤال الآخر: هل تهدف حركة حماس إلى استدراج المصريين إلى دائرة الصراع ضد إسرائيل أم تهدف إلى استدراج إسرائيل إلى دائرة الصراع ضد المصريين؟
الوضع في مصر ولبنان أصبح أكثر تعقيداً ففي مصر إذا سعى نظام الرئيس حسني مبارك إلى التشدد في مواجهة الفلسطينيين فإنه سيصطدم بالمعارضة السياسية والرأي العام المصري الذي مازال واقعاً تحت تأثير جماعة الإخوان المسلمين المصرية الشديدة التأييد لحركة حماس، وبالتالي ليس من سبيل أمام نظام مبارك سوى الانفراج مع حماس كشرط وحيد للحصول على الانفراج السياسي داخل مصر، وإذا تشددت إسرائيل وأمريكا في الضغط على نظام مبارك ليقوم بدوره بالضغط على حركة حماس فإن مخاطر انهيار النظام المصري سوف تكون أكبر بما يؤدي بإسرائيل وأمريكا إلى مواجهة خطر انهيار أبرز حلفائهم في المنطقة. أما في لبنان، فقد أطلقت جهة معينة النار على المعارضين اللبنانيين وأيضاً قامت إسرائيل بقتل لبنانيين، فهل هناك مخطط إسرائيلي تدعمه حكومة السنيورة وأمريكا يهدف إلى التحرش بحزب الله اللبناني واستدراجه إلى دائرة المواجهة مرة أخرى؟ وضد من ستكون المواجهة هذه المرة، ضد إسرائيل أم ضد قوات اليونيفيل أم ضد قوى 14 آذار وحكومة السنيورة؟
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد