مؤتمر جوار العراق: المعلم ومتكي يطالبان بجلاء الاحتلال
أجمع المشاركون في مؤتمر دول جوار العراق الموسع الذي عقد في الكويت، أمس، على أهمية تدعيم الأمن والاستقرار في العراق ودعم جهود حكومته إزاء المصالحة الوطنية ومكافحة الأعمال الإرهابية. وناشد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الدول الخليجية ترجمة وعودها بشطب ديونه، منتقدا عدم إعادة فتح سفارات لها في بغداد بحجة عدم استقرار الأوضاع الأمنية.
وشارك في المؤتمر الثالث الموسع لدول جوار العراق في الكويت وزراء خارجية وموفدون عن 23 دولة من دول جوار العراق والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول مجموعة الثماني والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
وخلال التقاط صورة تذكارية للمشاركين، وقفت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس بين نظيرها الروسي سيرغي لافروف والمالكي، وكان يفصلها أربعة أشخاص عن نظيرها الإيراني منوشهر متكي، الذي توسط نظيريه الفرنسي برنار كوشنير والسعودي الأمير سعود الفيصل. وأكد مسؤولون أميركيون أن أي اتصال بين رايس ومتكي لم يحصل.
وقال مندوبون شاركوا في اجتماع دول جوار العراق المباشر المغلق، أمس الأول، إن «مشادة» نشبت بين الفيصل ونظيره الإيراني منوشهر متكي خلال الاجتماع.
ونقل المندوبون عن الفيصل إن «التدخل الإيراني في العراق واضح، وحل المشكلات الأمنية في العراق هي في أيدي الإيرانيين».
وقاطع متكي الفيصل، متسائلاً «هل هذا تعليق أم اتهام؟». ورد الفيصل بسرعة «أنا لم أقاطعك عندما تحدثت، لماذا تقاطعني؟». واعتذر متكي منه.
وقال متكي، في مؤتمر صحافي، أمس، انه تحدث إلى الوفد السعودي حول الوضع في المنطقة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تحاول التفريق بين العرب وإيران. وأوضح «أن أعداء المنطقة يحاولون زرع بذور الخلاف بين الدول في منطقتنا، ويجب أن نحذر من هذا الأمر».
وأعلن وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد صباح السالم الصباح، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي هوشيار زيباري في ختام المؤتمر، أن «المؤتمر المقبل سيعقد في بغداد»، معتبراً أن ذلك يؤكد «رغبة الجميع برؤية عراق قوي ومساند لقوى الاعتدال والوسطية والانفتاح على العالم، وأن يكون العراق داعماً لمسيرة الاستقرار والسلام، وان يكون ديموقراطيا تعدديا وسندا لأمته وإقليمه»، و»هذا اعتراف من المؤتمر بتحسن الأوضاع الأمنية في العراق». واتفق الوزيران على أن مسألة التعويضات المترتبة على العراق تتعلق بقرارات صادرة عن مجلس الأمن، ولا تبحث في مؤتمرات.
دعا رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح، في افتتاح المؤتمر، إلى عدم التدخل في الشؤون العراقية الداخلية، والى «مساندة حكومة بغداد في مكافحة الإرهاب، ومنع انتقال الإرهابيين والأسلحة من هذا البلد وإليه». ورحّب «بالتزام الحكومة العراقية بتفكيك ونزع أسلحة الجماعات المسلحة بشكل غير قانوني، فهذا الالتزام يساهم بشكل فعال في تجفيف مصادر التسليح غير القانوني».
قال المالكي «جئت أحمل رسالة العراق بكل مكوناته وقادته وقواه السياسية، لأن العراق قد تجاوز الأزمات والانقسامات وتوحدت إرادة جميع أبنائه». وأضاف «نؤكد لجيراننا، ولكم جميعاً أن العراق الجديد ليس عراق الأمس الذي يثير النزاعات والحروب ويعتدي على جيرانه... إنه بلد يحرص على إقامة أفضل العلاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية». ورأى أن «العراق اليوم أفضل بكثير» مما كان قبل عام.
وناشد المالكي الدول الخليجية ترجمة وعودها بشطب ديون العراق، التي تقدر بحوالى 40 مليار دولار، وإعادة فتح سفارات لها في بغداد. وقال إن «فاتورة الديون والتعويضات التي يدفعها العراق تسبب ضرراً على البنية التحتية والاقتصاد الوطني».
ورداً على ربط دول عربية بين إعادة إرسال سفرائها إلى بغداد وتحسن الوضع الأمني، قال المالكي «من الصعب أن نجد تفسيراً لعدم استئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات مع العراق، وهي مبادرة كنا نتوقعها منذ وقت ولم تتحقق حتى الآن، مع أن دولاً أجنبية عديدة احتفظت ببعثاتها الدبلوماسية في بغداد، ولم تتذرع بالاعتبارات الأمنية». واعتبر أن إرسال سفراء إلى بغداد سيساهم في إرساء الأمن والاستقرار.
وحث المالكي «دول الجوار على بذل المزيد من الجهود لمنع المتشددين من العبور إلى أراضينا، كما ندعو إلى تجفيف منابع الإرهاب ومصادر تمويله». وأكد أن العراق «يرفض أي وصاية تفرض على نظامه السياسي ومستقبل شعبه، ويقبل مبدأ التعاون والتكامل مع الأصدقاء والأشقاء». وقال «كنا نتوقع أن تقابل هذه الرغبة الصادقة والأكيدة بتحسين العلاقات مع دول الجوار ومحيطنا العربي والإقليمي بخطوات ايجابية»، لكن «سياسات التدخل في شؤوننا الداخلية بقيت قائمة، وآثارها واضحة في تأجيج العنف وتغذيته سياسياً وإعلامياً ومالياً، وعبر فتاوى التكفير وتدريب الإرهابيين».
دعا المعلم، أمام المؤتمر، إلى «تكاتف الجهود لدعم العراق ومساعدته، بدءاً بتوفير مستلزمات تحقيق الأمن والاستقرار فيه». وقال «رغم أن بعض التقارير تحدثت عن تحسن الوضع الأمني في العراق إلا أن هذا التحسن يبقى مؤقتاً، إذا لم يقترن بتحقيق المصالحة الوطنية عبر التوافق الوطني بين مكونات الشعب العراقي كافة وتياراته الوطنية كافة، وإشراكها جميعاً في العملية السياسية وتعزيز وحدة العراق أرضاً وشعباً»، موضحاً أن «المصالحة الوطنية تقع على عاتق العراقيين أولاً، ويمكن للجامعة العربية ودول الجوار دعم هذا التوجه والمساعدة على تحقيقه. إن مساعدة العراق تعني من وجهة نظرنا دعم الجهود التي تبذل للخروج من أزمته الراهنة وعدم التدخل في شؤونه الداخلية».
وأشار المعلم إلى أنه «سبق لسوريا أن أكدت على ضرورة مراجعة المواد الخلافية في الدستور العراقي والقوانين، وعلى حل الميليشيات جميعاً، ونحن إذ نعيد التأكيد على أهمية ذلك مدخلاً للمصالحة الوطنية نرى ضرورة بناء القوات العسكرية والأمنية على أسس وطنية وتعزيزها بالتجهيزات اللازمة بما يمكنها من الدفاع عن أمن العراق واستقراره، كما نؤكد على الحاجة إلى خروج القوات الأجنبية من العراق وتحقيق الاستقلال والسيادة التامين»، مشيراً إلى أن دمشق تقدمت ببعض الاقتراحات بخصوص تحسين أمن الحدود والتعاون مع العراق. وحمل «الولايات المتحدة المسؤولية القانونية والأخلاقية عن الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه المهجرون، ويتعين عليها أن تفي بالتزاماتها وفقاً لهذه المسؤولية، كما يتوجب على الحكومة العراقية المسؤولة عن مواطنيها أن تقوم بما عليها في هذا الصدد».
وأشاد الفيصل «بجدية وصلابة جهود الحكومة العراقية في مجال التصدي للميليشيات المسلحة وبسط سلطة الدولة ومكافحة الإرهاب»، داعياً إلى «التعاون المباشر والتنسيق الكامل بين الأجهزة الأمنية المختصة لتبادل المعلومات في سبيل التعرف المبكر على الإرهابيين وملاحقتهم ومنعهم من تنفيذ عملياتهم الإجرامية».
وقال «إن أحداث المواجهات المسلحة التي شهدتها البصرة شكلت لدينا قلقاً عميقاً كما هو الحال بالنسبة للعراق، ليس فقط لعدد الأرواح التي أزهقت في المواجهات الضروس، ولكن أيضاً خشية من امكانية عودة الاوضاع الامنية السلبية على الساحة العراقية الى سابق عهدها»، مضيفاً أن «التعامل مع أحداث البصرة يتطلب سياسة جادة وشاملة نحو الميليشيات المسلحة كافة، من دون تمييز او استثناء وحث قياداتها على الانخراط في العملية السياسية».
وتابع الفيصل «ان المعلومات المتواترة تشير الى استمرار التدخلات الخارجية المرفوضة في الشأن الداخلي للعراق، وتقديم الدعم المالي والعسكري المشبوه لبعض الميليشيات والأحزاب العراقية في انتهاك فاضح لسيادة العراق والعبث بهويته الوطنية». ودعا بغداد إلى بلورة سياسة فعالة لتحقيق متطلبات المصالحة الوطنية بين جميع أبناء الشعب العراقي. وشدّد على ان الرياض «ترفض بشدة كل دعاوى التجزئة والتقسيم او تحويله الى ساحة للأطماع الاقليمية والدولية، أو التنافس في ما بينها وتقاسم مناطق النفوذ والهيمنة على ارضه وعلى حساب وحدة العراق ومصالح شعبه».
أعرب متكي عن دعم بلاده «الكامل للبرامج السياسية والامنية للحكومة العراقية، لكنها تحمل القوات الاجنبية في العراق بالتسبب باستمرار حالة الفلتان الامني وتفعيل الخلافات وتعقيد الازمات بين الفصائل العراقية». ودعا الى «تسليم الأمور بالكامل الى العراق وعدم التدخل في مسار القرار».
وشدّد على «ضرورة التعاون المتبادل لدول الجوار من أجل مكافحة الارهاب، ودعم استمرار حالة الامن والاستقرار في العراق». وشجع على «فتح بعثات دبلوماسية لدول الجوار وغيرها في العراق لدعم العملية السياسية وترسيخ الأمن والاستقرار، مع دعم برامج التعاون الاقتصادي مع الحكومة العراقية». وأشار الى «بزوغ فجر عراق جديد» في ما يتعلق بالعلاقات مع ايران وتوطيد علاقات حسن الجوار والالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الثنائية ومتعددة الاطراف.
قال لافروف «في ما يتعلق بموعد انسحاب القوات الأجنبية من العراق، والتي يعتبرها الكثير من العراقيين قوات احتلال، فبالطبع لن يكون الانسحاب فورياً»، موضحاً أنه «لا تتوفر شروط لذلك حالياً». وأشار إلى أن «أجهزة القوة العراقية غير جاهزة حالياً لتحمل مسؤولية توفير الأمن في البلاد والتصدي بفعالية لتنظيمات إرهابية. وفي الوقت ذاته من المستبعد أن يتغير الوضع بشكل جذري، أذا اقتصرت عملية استبدال تفويض القوات المتعددة الجنسيات المنتهية مدته في نهاية هذه السنة باتفاق ثنائي حول تواجد قوات أجنبية في العراق لاحقاً، على تغيير اللافتة فقط ببساطة من دون توضيح مسألة طول فترة بقاء هذه القوات في العراق».
جددت رايس، على هامش المؤتمر، أنها ستحث الدول العربية المجاورة للعراق على «الوفاء بالتزاماتها» وزيادة الدعم المادي والدبلوماسي. واشارت الى ان بعض الدول عرضت تمثيلا دبلوماسيا مع بغداد. وقالت «من المهم ان نستفيد من قوة الدفع. نحث جيران العراق على تقوية علاقاتها». واعتبرت ان انعقاد المؤتمر المقبل لدول جوار العراق الموسع في بغداد «علامة اخرى على ان الامور تمضي قدما». واعتبرت أن العراق يعيد اندماجه مع جيرانه العرب. وقالت «اعتقد ان ما حصل جيد، من جهة اعادة اندماج العراق مع دول الجوار، خصوصاً العربية».
قال ممثل الأمم المتحدة في المؤتمر بن لين باسكو إن «حوارا بناء» بين العراق وجيرانه هو الطريقة المثلى لتمكين شعوب المنطقة من «العيش بسلام وازدهار»، إلا أنه رأى أن الوضع الأمني في العراق «يبقى هشاً»، بالرغم مما أسماه توافقاً ناشئاً «حول عراق ديموقراطي يتمتع بالسيادة وموحد وفدرالي».
وأعلن الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إكمال الدين إحسان أوغلو أنه تم افتتاح مكتب للمنظمة أثناء الزيارة التي قام بها وفد رفيع المستوى إلى بغداد قبل يومين من عقد المؤتمر. وقال «هذا المكتب المهم سيسهم في دعم وتشجيع جهود التنمية والإعمار المختلفة في العراق، وتفعيل تطبيق وثيقة مكة للمصالحة في العراق».
وشدّد وزير الخارجية الأردني صلاح الدين البشير على أن استقرار العراق وأمنه ضرورة قصوى لاستقرار المنطقة ودولها، فيما أكد مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية السفير محمد بدر الدين حرص القاهرة على «مد يد العون للعراق الجديد»، وجدد دعوة القاهرة إلى خروج «القوات المتعددة الجنسيات» بشكل منتظم ومتدرج.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد