اللوبي اليهودي الفرنسي يسعى لطمس حقيقة اغتيال الدرة
كشف رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية الفرنسية ريشارد براسكييه أنه طلب من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي منذ شهر إنشاء لجنة تحقيق حول ظروف إعداد تقرير تلفزيوني بشأن مقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة يوم 30 سبتمبر/ أيلول 2000.
ورأى مراقبون فرنسيون أن هذه المبادرة تهدف إلى طمس حقيقة اغتيال الدرة، معتبرين أن صور تلك الجريمة التي بثتها آنذاك القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي "فرانس 2" جعلت من محمد الدرة "أيقونة لانتفاضة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال ورمزا لبشاعة القمع الإسرائيلي".
وبينما أوضح براسكييه في مؤتمر صحفي عقده أمس في باريس أنه لم يتلق حتى الآن أي رد من الرئاسة الفرنسية، عبرت أوساط إعلامية محلية للجزيرة نت عن عدم رغبتها في تشكيل لجنة تحقيق يمكن للوبي الموالي لإسرائيل التحكم في تشكيلها وبالتالي التأثير في نتائج أعمالها.
وفي السنوات الماضية وضع هذا اللوبي كل ثقله خلف شخص مغمور يدعى فيليب كارزانتي قام بإنشاء موقع إلكتروني خصصه للتشكيك في حقيقة موت الدرة وللهجوم على مراسل فرانس 2 في القدس، الصحافي الفرنسي-الإسرائيلي شارل أنديرلان الذي أعد التقرير اعتمادا على مشهد حي التقطه المصور التلفزيوني الفلسطيني طلال أبو رحمة.
فحينما أدانت محكمة فرنسية في أكتوبر/ تشرين الأول 2006 كارزانتي بتهمة القذف والتشهير بحق المراسل الصحفي وقضت بتغريمه، بادر المجلس اليهودي الفرنسي بدفع الغرامة.
وفي 21 مايو/ أيار الماضي، احتفى المجلس بقرار محكمة الاستئناف القاضي بتبرئة نفس الشخص، رغم أن القضاة أقروا بأن كتاباته "تمس على نحو لا جدال فيه شرف وسمعة العاملين في قطاع الإعلام".
وقد أثار الحكم الأخير دهشة كبيرة في الأوساط الإعلامية الفرنسية التي عمدت إلى إطلاق عريضة احتجاجية عليه وقعها أكثر من 200 شخصية وطنية ودولية، بينها وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين والرئيس السابق للكنيست الإسرائيلي إبراهام بورغ ومدير منظمة مراسلون بلا حدود روبير مينار.
ونفى محررو الوثيقة بشدة أن تكون لقطات موت الدرة مختلقة ورأوا أن تبرئة كارزانتي الذي شكك في صحتها تعد أمرا غريبا، "إذ من غير المعقول أن نضع صحافيا مشهودا له بالجدية والدقة في العمل على قدم المساواة مع خصومه المنهمكين في حملة إنكار وتشويه والجاهلين بالحقائق الميدانية الذين لا تجربة لهم في مجال العمل الصحفي في مناطق النزاعات المسلحة".
ويرجح خبراء قانونيون أن تلغي محكمة النقض الفرنسية هذا القرار المعروض أمامها حاليا، لا سيما أن المحكمة العليا الإسرائيلية قضت الاثنين الماضي برفض طلب تقدمت به جمعية يمينية إسرائيلية بسحب الاعتماد الصحفي لإنديرلان.
ويرى أنديرلان أن أسباب الحملة المستعرة ضده لا تنحصر في نقله لصور قتل الدرة إلى أنظار العالم فقط وإنما تعود أيضا إلى قيامه بنشر بعض الحقائق الأخرى المزعجة لغلاة أنصار إسرائيل.
ويؤكد أنديرلان على موقعه الإلكتروني الشخصي أن الهجمات ضده وضد فرانس 2 بدأت في خريف 2002 إثر نشر كتابه "الحلم المكسور" وبث التحقيق التلفزيوني الذي حمل نفس الاسم ثم استؤنفت مع نشر كتابه "السنوات الضائعة".
ويضيف الصحافي أنه قام من خلال أعماله هذه بتقديم "أدلة تدحض حجج الدعاية القائلة بأن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رفض عرضا سخيا تقدم به رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك في كامب ديفد في يوليو/ تموز 2000 ثم قام بإشعال الانتفاضة".
واعتبر الصحافي الذي ينتمي إلى أسرة يهودية من أصول نمساوية أن الحملة ضده تقودها منظمات إسرائيلية وفرنسية وأميركية موالية لليمين الإسرائيلي، وأن الهدف منها هو إيصال رسالة للمراسلين الصحافيين الغربيين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، مفادها أنه "إذا نشرتم صورا أو معلومات تضر بصورة إسرائيل فسنطلق عليكم الكلاب".
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد