الأسد يزور طهران قبل زيارة ساركوزي لدمشق
تسعى السياسة السورية في الوقت الراهن إلى تكريس حالة التهدئة في المنطقة، وذلك بعد تحليلها وربطها بفشل الإدارة الأميركية ودخولها حالة »السبات«، والتي ترتبط بعوامل داخلية انتخابية وخارجية دولية وفقا لتقييم سوري شبه رسمي.
وتقول مصادر سورية واسعة الاطلاع ان غالبية الأطراف الدولية الفاعلة، سواء على مستوى المنطقة او خارجها، تدرك ان »هذه الإدارة مشلولة حاليا«، وهي »لم تعد تأخذ بالحسبان سياسة أميركا كما كان سابقا«.
وأشارت المصادر الى ان حالة الانحدار السياسي بدأت تظهر على هذه الإدارة منذ بداية العالم الحالي، إلا أنها تجلت بقوة في احداث ايار في لبنان، التي قادت إلى »اتفاق الدوحة« و»وقفت فيها الإدارة تتفرج، فلم تستطع إعانة حلفائها بعد توريطهم، كما لم تتمكن من إعاقة اتفاق الدوحة الذي جاء نتيجة للأحداث«.
لذا يصب في هذا السياق الجهد الدبلوماسي السوري، الذي بدأ بلبنان »حيث انتخب رئيس لبناني محترم وصديق لسوريا، وتشكلت حكومة وحدة وطنية بثلث ضامن (للمعارضة)، واختير قانون للانتخابات، كما يجري العمل على التحضير لهذه المرحلة المهمة للعام المقبل، وقطار تحسين العلاقات السورية اللبنانية قد انطلق«.
ويأتي في وتي ووفي هذا السياق أيضا »الملف العراقي الذي سيشهد عملا مركزا في الفترة المقبلة لأهميته القصوى بالنسبة للمنطقة والعالم وعلاقات سوريا الدولية«.
كما تدخل العلاقات الإيرانية السورية في هذا السياق، حيث قالت مصادر أن الرئيس بشار الأسد سيزور طهران قبل زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دمشق المتوقعة في ايلول المقبل لإطلاع الجانب الإيراني على المحادثات التي جرت في باريس، خصوصا بعدما رحبت طهران بالدور السوري »الذي يمكن أن يقرب بين الغرب وإيران«.
وتأتي هذه التطورات في سياق التحول الأميركي، الذي تضعه المصادر في خانتين داخلية وخارجية، تمكنت الأخيرة فيها من تغذية الأولى. فالفشل الأميركي عموما في المنطقة والعالم، هو الذي جعل مواقف »السياسيين« في إدارة الرئيس جورج بوش، أمثال وزيرة الخارجية كوندليسا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس أقوى في وجه نائب الرئيس ديك تشيني ونائب مستشار الأمن القومي إليوت إبرامز، بالإضافة إلى ضغط الحزب الجمهوري على إدارة بوش للعمل بما يسمح بإنقاذ سمعة الحزب بعد الفشل الذريع في العراق وتراجع السياسة الأميركية في المنطقة، وذلك وفقا للتقييم السوري.
وتعدد المصادر دلائل أخرى على هذا التقييم بينها »قيام تركيا الأطلسية بقيادة محادثات سورية إسرائيلية غير مباشرة، لا ترضى عنها أميركا«، و»اندفاع (رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود) أولمرت الضعيف والحليف لأميركا منذ عام ونصف العام من أجل بدء التفاوض مع سوريا من دون رغبة الأميركيين«، و»الفشل المتراكم في العراق«، ومن ثم »الفشل في لبنان، والانتهاء إلى الأخذ بصيغة لا غالب ولا مغلوب، وتحقيق اتفاق الدوحة«.
وترى هذه المصادر، وفقا لتحليل سوري شبه رسمي، ان »زوال أسباب التوتر تؤدي للتهدئة بشكل طبيعي«، معتبرة أن سبب »التوتر الرئيسي في العالم كان سياسات إدارة بوش«، التي بدأت ولايتها الأولى »باستبعاد الحل السلمي من جدول أعمالها، ما سمح بتراكمات هائلة للصراع العربي الإسرائيلي على المنطقة والعالم، ومن ثم الغزو الأميركي للعراق، وطرح موضوع الشرق الأوسط الجديد، وهو المشروع الذي فشل أيضا، لكن ليس قبل أن يؤدي إلى حالة غليان في المنطقة عملت واشنطن على تزكيتها بما يسمى الفوضى البناءة«.
وتعتبر المصادر أن ما جرى في لبنان خلال العامين الماضيين يصب في هذا السياق، وإن كانت تسترجع الحكم بفشل نتائجها، معتبرة أن »توريط الإدارة الأميركية لفريق لبناني بتبني مشروع إزالة شبكة اتصالات حزب الله ومن ثم العجز عن مساعدته حين وقعت أحداث أيار إشارة جلية على بدء التحول نحو التهدئة«.
وكان أن أدت الأحداث دورا في دفع التهدئة قدما، فبدلا من »التوتر السوري الإسرائيلي والحديث عن صيف ساخن، تجري سوريا وإسرائيل محادثات غير مباشرة في اسطنبول«، وفيما كانت »المصادر المختلفة تحذر من احتمال قيام الولايات المتحدة بضرب إيران، نرى »واشنطن تستدير وتغير من استراتيجيتها حيال طهران، على الأقل على المستوى الظاهري«.
وتلاحظ المصادر، بناء على معلومات، أن الأطراف عامة تحاول تكريس هذه الحالة بانتظار الإدارة الأميركية المقبلة، بما في ذلك الأطراف الأكثر تشددا، وهنا المعني إيران، التي تشير مصادر إلى أنها »تمارس سياسة مرنة تتجنب التصعيد، وتنصح بها حتى حلفاءها بمن فيهم حركة حماس«.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد