أحداث شمال لبنان وشبح الحرب الطائفية
الجمل: شهد شمال لبنان وتحديداً منطقة طرابلس العديد من الاشتباكات المسلحة خلال الفترة التي أعقبت اتفاق الدوحة، وبرغم محدودية نطاق الاشتباكات والطابع المتقطع لحدوثها فإن المراقبين رأوا فيها نذيراً بتحولها إلى حرب أهلية أكبر، بسبب الاحتقانات المذهبية وعمليات التسييس الطائفي التي ظلت تشكل خلفياتها.
* ماذا تقول السردية:
تتميز منطقة الشمال اللبناني بوجود أغلبية مسلمة سنية وأقلية علوية إضافة إلى المسيحيين، وتشير معطيات الخبرة التاريخية إلى أن هذه المنطقة ظلت من بين المناطق الأكثر هدوءاً طوال فترات ومراحل الحرب الأهلية اللبنانية.
ولكن، على خلفية الصراع بين قوى الموالاة (14 آذار) والمعارضة (8 آذار)، إضافةً إلى ظهور الصراع السني – الشيعي في الساحة العراقية، فقد سعى زعماء 14 آذار إلى التعاون وإعادة إنتاجه ضمن نسخة لبنانية يترتب عليها إضعاف نفوذ حزب الله وحلفائه.
منطقة طرابلس لم تكن استثناءً من هذا المخطط وبالفعل نجح تيار المستقبل في القيام بعمليات التعبئة السلبية الفاعلة وحشد السكان السنة الطرابلسيين ضد حلفاء حزب الله والمقاومة اللبنانية الموجودين في المنطقة، وتحديداً من العلويين بعد هزيمة تيار المستقبل في أحداث التاسع من أيار الماضي، وأصبحت منطقة طرابلس البؤرة التي بدأت تنطلق منها أعمال الانتقام والثأر ضد حلفاء قوى 8 آذار خاصةً وأن تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري قد سبق أن حول طرابلس لجهة القيام بدور "المؤخرة" التي تقدم الدعم والسند لـ"المقدمة" التي تقوم بالجهد الرئيسي في العلميات السرية ضد حزب الله وحلفائه في المناطق اللبنانية الأخرى.
* ماذا تقول نظرية المؤامرة:
سبق أن تطرق موقع فيلكا الإلكتروني الإسرائيلي الاستخباري لأحداث طرابلس ووجه اللوم والمسؤولية إلى:
• السفير السعودي في لبنان.
• سعد الحريري.
• بعض رجال الدين السنة.
وأشارت التسريبات الإسرائيلية التي أوردها الموقع إلى أن الهدف من هذه الأحداث هو إسقاط اتفاق الدوحة وإعطاء الأزمة اللبنانية زخماً جديداً على النحو الذي يعيد الأوضاع والتوازنات إلى ما كانت عليه في مرحلة ما قبل اتفاق الدوحة.
التسريبات الجديدة وردت اليوم على موقع أناليست – نيتوورك الإلكتروني الأمريكي الذي يشرف عليه دانيال بايبس (أحد زعماء جماعة المحافظين الجدد، وأحد أبرز المعادين لسوريا والفلسطينيين) بالتعاون مع اللبناني وليد فارس، واللبناني يوسف بيجاني، وآخرين، وجاءت التسريبات الجديدة ضمن مقال حمل عنوان «القوات الخاصة السورية في لبنان»، أعده توماس سميث جي آر، وأشار إلى النقاط الآتية:
• عبرت مئات من عناصر القوات الخاصة السورية ومعهم العشرات من رجال المخابرات الحدود السورية اللبنانية في شمال لبنان بالقرب من حكر الضهر التي تقع على بعد بضعة كيلومترات من ساحل البحر المتوسط.
• حدثت عملية العبور السوري في يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين.
• شوهدت طائرات هيليوكابتر سورية على الجانب السوري من الحدود إضافةً إلى العديد من الدبابات وقطع المدفعية.
• هدف العناصر السورية الوصول إلى منطقة بعل محسن الموجودة في طرابلس.
وأشار الكاتب إلى أن اللبناني طوم حرب، الأمين العام للجنة اللبنانية الدولية لتنفيذ القرار الدولي 1559، صرح قائلاً بأنه إذا تأكدت عملية العبور السوري فإن هذا بشكل انتهاكاً للقرار الدولي 1559 ويتوجب على الأمم المتحدة أن تقوم بإرسال فريق للتحري والمطالبة بانسحاب القوات السورية.
وأشار الكاتب إلى أن مندوب سري إيراني يتبع لقوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني وصل إلى بيروت لعقد اجتماعات مع كبار قادة وزعماء حزب الله.
* معالم نظرية المؤامرة الجديدة:
حاولت سردية توماس سميث هذه المرة الجمع بين مزاعم عبور القوات السورية ووصول المندوب الإيراني لبيروت، وصولاً إلى نتيجة تزعم بأن القرار 1559 قد تم انتهاكه وأنه يتوجب على مجلس الأمن الدولي التحرك لجهة تنفيذ القرار المذكور.
البناء على هذه المزاعم يهدف إلى محاولة إكمال سيناريو إعادة لبنان إلى مربع ما قبل اتفاق الدوحة، وهو الحلم الرئيسي الذي ظلت وما زالت جماعة المحافظين الجدد تحاول إعادة إنتاجه لجهة تحويل لبنان هذه المرة إلى ساحة لاستهداف سوريا وأيضاً بناء المزيد من حملات الذرائع الجديدة ضدها.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد