اتهامات واعتقالات تهدّد حوار القاهرة.. والتأجيل وارد
اشتد التوتر الداخلي الفلسطيني، أمس، ما أدى الى تراجع أسهم الحوار الوطني جراء العقبات التي تعترض طريقه. وفيما صعد الجيش الإسرائيلي من هجماته وحصاره على قطاع غزة وجد »الإخوة الأعداء« في حماس وفتح الوقت الكافي للتراشق بالاتهامات والاعتداءات. وقد اتهمت فتح حماس بتنفيذ حملة اعتقالات ضد نشطائها وصحافيين في مقابل اتهامات حماس للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية باعتقال نشطائها.
وبدا أن المسألة لم تعد تتعلق بالشكوك حول نجاح مؤتمر الحوار في القاهرة، وإنما كذلك حول فرص انعقاده أصلا. وعقد مجلسا الشورى لحركة حماس في غزة والخارج اجتماعات مطولة لاتخاذ القرار النهائي بشأن الذهاب إلى مؤتمر الحوار في القاهرة أو عدمه. وفيما بدت أسهم الذهاب في الأيام الأخيرة أكبر من عدمه ازدادت خشونة الردود، يوم أمس، من الجانبين.
وكانت أنباء أولية قد أشارت إلى أن الطاقم المصري المكلف بإدارة ملف الحوار الفلسطيني قد تجاوب مع مطلب حماس والفصائل المتحالفة معها بوجوب بقاء الرئيس محمود عباس في المداولات ومنح رئيس المكتب السياسي خالد مشعل كلمة في الجلسة الافتتاحية. غير أن الحال تغير عندما تم إبلاغ الأطراف بأن هذا التجاوب غير نهائي وأن هذه المسائل ستناقش في الجلسة التشاورية التي تعقد في التاسع من الشهر الجاري قبيل الافتتاح الرسمي في اليوم التالي. ويبدو أن هذا الموقف أعاد حماس وبقوة إلى مربع رفض الذهاب الذي باتت تشترطه أيضا بالإفراج عن معتقليها. ومع ذلك فإن الدكتور محمود الزهار أبلغ موقع »فلسطين الآن« التابع لحماس أن الحركة لن تقاطع الحوار في القاهرة وأنها ستتوجه إلى القاهرة للمشاركة فيه بالرغم من بعض العقبات التي تعترض الحوار.
تجدر الإشارة إلى أن العديد من القوى الفلسطينية ترى أن أي قرار من جانب حماس بعدم الذهاب قد يعني القطيعة أو الصدام مع مصر. وفي حالة كهذه فإن الأوضاع في غزة مهددة بمزيد من التدهور خاصة إذا ترافق مع سحب مصر يدها من ملف التوسط في ملفي التهدئة وتبادل الأسرى. وإذا أضيف إلى ذلك التصعيد الإسرائيلي الجديد الذي باسم الحفاظ على التهدئة يفاقم الحصار ويزيد عديد الغارات والقصف المدفعي، فإن الأمور الميدانية قد تفلت.
وكان نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، زياد النخالة، قد شكك في إمكانية نجاح الحوار الوطني في القاهرة حيث أشار إلى وجود عقبات كثيرة وكبيرة أمام الحوار. وقال »رغم أن التفاؤل مطلوب بشأن نجاح الحوار، إلا أنه يجب توقع عثرات وعراقيل تعيق لقاءات المصالحة، ولذلك »ندعو الى عدم الإفراط في التفاؤل بهذا الشأن«.
وأشار النخالة إلى إمكان تأجيل موعد انطلاق الحوار وقال: »كل الاحتمالات مفتوحة (...) لم يحسم الأمر، وهناك مفاوضات جارية، وللأسف عراقيل كثيرة، الكل لديه تحسباته ومصالحه وشروطه«.
وكان مسؤول مكتب حماس في لبنان أسامة حمدان ألمح في لقاء مع قناة »الجزيرة« إلى تأجيل الحوار، حيث أشار إلى أنه يبدو أن الإعداد للمؤتمر ليس كافيا وأن نجاحه يتطلب المزيد من الجهد. وأوضح حمدان أن »هناك عقبات في الحوار، وهي مشاركة الرئيس محمود عباس، الذي يرفض أن يحضر الجلسات ، وإنما سيأتي فقط لإلقاء كلمة في الجلسة الافتتاحية ومن ثم يغادر، ونحن في حماس نرفض ذلك ، لان الرئيس عباس جزء من الحل والحوار«. ومن بين العقبات التي تعترض الحوار، بحسب حمدان، استمرار حملات الاعتقال السياسي التي تقوم بها أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية لعناصر من حماس وفصائل أخرى . وأضاف خلال تصريحات تلفزيونية له عصر أمس أن »السلطة اعتقلت ليلة أمس ما يقارب من ٤٥ عنصرا من حماس، وهذا غير منطقي، أن نتحدث عن حوار ومصالحة وهناك معتقلون سياسيون، خاصة أنه يوجد أكثر من ٤٠٠ معتقل من حماس في سجون السلطة في الضفة«.
من جانبه أعلن الناطق باسم حركة فتح فهمي الزعارير أن أجهزة الأمن التابعة لحماس في قطاع غزة قامت بأوسع عملية اختطاف جماعي في رفح جنوب قطاع غزة، عبر مداهمة اجتماع لكوادر وقيادات حركة فتح في الأقاليم والمناطق وقيادة منظمة الشبيبة في القطاع، وذلك في مدينة رفح.
وأكد المتحدث باسم حركة فتح ان من بين المختطفين النائب اشرف جمعة، وأمناء سر للأقاليم الجنوبية في القطاع، وقيادة منظمة الشبيبة، حيث داهمت الاجتماع بمئات من عناصرها المدججين بالسلاح.
ومع تصاعد حدة الصراع الداخلي الفلسطيني، واصلت إسرائيل لليوم الثالث على التوالي خرقها للتهدئة مع فصائل المقاومة، حيث شنت طائراتها غارة على مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد المقاوم غسان الترامسة (١٩ عاماً) من كتائب القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي..
من جهتها، حذرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، من أنها سترد بـ»ضربات موجعة في عمق الكيان الصهيوني« على أي عدوان على غزة. وقال المتحدث باسمها أبو عبيدة إنّ »الموعد المحدد للتهدئة اقتربت نهايته، ولن نمدد هذه التهدئة طالما لم يُلتزم بجميع أركانها، وعلى رأسها فك الحصار وفتح المعابر«.
ورغم استمرار الغارات، أكد نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ماتان فيلنائي أنّ حكومته تؤيد تمديد التهدئة، زاعماً أنّ العمليات التي شنت في الأيام الثلاثة الماضية استهدفت منع »اعتداء كبير ضد إسرائيل كان سينسف التهدئة نهائياً«.
من جهة ثانية، أعرب رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية عن استعداده لإجراء حوارات »حقيقية وجدية« مع الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما، وذلك »على قاعدة الحفاظ على ثوابت وحقوق شعبنا«، آملاً من الرئيس الجديد أن »يستفيد من أخطاء الإدارة السابقة وأن يخرج من عباءة الانحياز لإسرائيل«.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إقرأ أيضاً:
إضافة تعليق جديد