لبنان: «البداوي» يتحرّر من «فتح الإسلام» ... فمتى عين الحلوة؟

10-11-2008

لبنان: «البداوي» يتحرّر من «فتح الإسلام» ... فمتى عين الحلوة؟

حقّق الجيش اللبناني إنجازا أمنيا، أمس، تمثل في إقفال ملف تنظيم »فتح الإسلام« في مخيم البداوي، وذلك بعد مفاوضات صعبة على مدى الساعات الثماني والأربعين الماضية، أدت إلى تسليم إمام مسجد القدس في المخيم الشيخ حمزة قاسم (٣٧ سنة) نفسه إلى الفصائل الفلسطينية، التي قامت بتسليمه فورا إلى مخابرات الجيش اللبناني حيث نقل وسط إجراءات أمنية مشددة ليل أمس إلى مقر وزارة الدفاع في اليرزة.
وجاء استسلام قاسم، بعد أن بادرت الفصائل الفلسطينية إلى تسليم خالد جبر ونادر العلي العنصرين في »فتح الإسلام«، إلى مخابرات الجيش اللبناني، فيما تبين أن الشخص الرابع المطلوب للدولة اللبنانية ويدعي (و. سعيد) لا وجود له في المخيم، سواء في سجلات المقيمين أو من خلال المسح الأمني الشامل الذي حصر الأشخاص الذين لجأوا إلى المخيم من خارجه وتم إشعار الأجهزة الأمنية اللبنانية بذلك، ليصبح المخيم رسميا خاليا من رموز »فتح الإسلام« المطلوبين.
وتزامن ذلك مع توقيف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، مساء أمس الأول، المدعو أحمد العتر (»أبو العبد اللبناني«) في منطقة القبة في طرابلس، وذلك على خلفية ورود اسمه في الاعترافات التي أوردها الموقوفون من »فتح الإسلام« على التلفزيون السوري.
كما تزامن حدث البداوي مع عملية أمنية مركبة شهدها مخيم عين الحلوة، مساء أمس، تمت بالتنسيق بين مخابرات الجيش اللبناني والجهات الأمنية داخل المخيم وتمثلت في اعتقال المدعو محمد حسن الدوخي (»أبو الجراح«)، وهو الساعد الأيمن للمدعو عبد الرحمن محمد عوض الملقب بـ»أبي محمد«، أمير »فتح الإسلام« في لبنان وسوريا، بعد فرار شاكر العبسي من مخيم نهر البارد قبل سنة تقريبا.
وقال مرجع أمني لبناني بارز إننا نشهد عملية انهيار متتالية لكل بنية »فتح الإسلام« وبعض التنظيمات الإرهابية، وهي عملية ستتوالى فصولا في الأيام والأسابيع المقبلة وسيصار إلى اطلاع الرأي العام اللبناني على كل تفاصيلها، وأشاد المرجع نفسه، بالتعاون الكبير الذي حصل من جانب الفصائل الفلسطينية في مخيمات الشمال
والجنوب، وخاصة من قبل قيادة »فتح« التي لعبت دورا محوريا في الضغط وتسليم المطلوبين، وهي جدية غير مسبوقة، وتعكس وجود قرار فلسطيني على أرفع المستويات بعدم تحويل أي مخيم للاجئين الفلسطينيين إلى بؤرة أمنية يكون ضحاياها الفلسطينيين واللبنانيين معا كما حصل في مخيم نهر البارد. 
وقالت مصادر أن قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ومدير المخابرات العميد ادمون فاضل ونائبه العقيد عباس إبراهيم، أشرفوا مباشرة على عمليتي البداوي وعين الحلوة، بالتنسيق مع جهات فلسطينية بارزة، وتخلل الجزء الأول من تسليم مطلوبي البداوي، يوم الجمعة الماضي، انتشار واسع للجيش اللبناني حول المخيم، بما في ذلك بعض النقاط الحساسة التي استوجبت توغل الجيش إلى أطراف المخيم للمرة الأولى منذ سنوات طويلة.
أما القيمة الأمنية للعملية التي جرت، فستظهر فصولها في الأيام المقبلة مع تقدم التحقيقات مع الموقوفين، وخاصة »أبو الجراح« الذي كان يعتبر بمثابة قناة اتصال بين أمير »فتح الإسلام« عبد الرحمن عوض (٤٠ سنة)، ومجموعات »فتح الإسلام«، ما يعني أن هناك فرصة لوضع اليد على مجموعات خارج المخيمات، أيضا، علما بأن عوض على اتصال مباشر بتنظيم »القاعدة« في العراق، ويتولى هذه المهمة ضمن »فريقه« المدعو (ن. ع.) الذي طلب الجيش من الفصائل الفلسطينية تسليمه بأسرع وقـــت ممكن، بالإضافة إلى أسامة الشهابي الذي ورد اسمه في قضايا عدة بينها عمليات استهدفت »اليونيفيل« وشخصيات في الجنوب، وهو متصل أيضا بتنظيم »القاعدة« في »بلاد الرافدين«.
وقال مصدر أمني بارز إن »ابو الجراح« مزدوج الانتماء الى »القاعدة« و»فتح الإسلام« وهو متهم بقتل مصطفى الخطيب الملقب بـ»الأعرج« من تنظيم »فتح« في عين الحلوة، وكذلك بتنفيذ تفجيرات عدة داخل وخارج المخيم، وثمة معلومات عن تورطه في عملية اغتيال القيادي في حركة »فتح« »أبو ماهر السعدي« وكذلك في عمليات أمنية أخرى في المخيم وخارجه بتكليف من عوض.
يذكر أن اسم عبد الرحمن عوض الملقب بـ»أبي محمد«، و»أبي عبد الرحمن«، و»عبد شحرور« ورد بصفته مسؤول »فتح الإسلام« في مخيم عين الحلوة، في الادعاء الصادر عن النائب العام الاستئنافي القاضي سعيد ميرزا في قضية مخيم نهر البارد.
أما الشيخ حمزة قاسم الذي استسلم ليل أمس، فقد طلب توكيل محام لمتابعة ملفه في القضاء، علما بأن الانطباع السائد لدى الجهات الأمنية أن دوره كان يتمثل في التحريض ضد الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، عبر منبر »مسجد القدس«، منذ بدء المواجهات العسكرية في مخيم نهر البارد، وهو أمر كانت الفصائل الفلسطينية قد وضعت حداً له من خلال منعه من الخطابة والإبقاء على دوره في الإمامة، لكنه نقل عملية التحريض من المسجد إلى الأماكن الخاصة والعامة في المخيم، وهو يعمل أيضا ممرضا في مستشفى صفد في البداوي.
وتردد أن الموقوف أحمد العتر يمتلك أيضا معلومات كبيرة وربما يكون قد شارك في أعمال إرهابية، وخاصة في العمليتين الأخيرتين ضد الجيش اللبناني في طرابلس »غير أنه من السابق لأوانه الخوض في هذا الأمر، قبل جلاء صورة التحقيقات معه«.
في ظل هذا المناخ الأمني المتصاعد، يصل وزير الداخلية زياد بارود اليوم، الى دمشق، في زيارة أمنية رسمية هي الأولى من نوعها منذ ثلاث سنوات ونيف.
ومن المقرر أن يرافق بارود وفد من الوزارة يضم المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي، المدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني وضابطان، على أن يلتقي فور وصوله نظيره السوري اللواء بسام عبد المجيد ورئيس الحكومة السورية محمد ناجي العطري.
وعشية الزيارة، عقدت سلسلة اجتماعات تنسيقية بين رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة فؤاد السنيورة وبين كل منهما والوزير بارود الذي تبلغ من السنيورة موقفه القائل بأنه »كان من الأجدى لو أن المسؤولين السوريين اعلموا السلطات اللبنانية بمضمون تحقيقاتهم (مع الشبكة الإرهابية)عبر القنوات الرسمية وليس عبر التلفزيون«.
وذكرت مصادر رسمية أن بارود سيتناول في محادثاته كل المواضيع الأمنية بين البلدين، لا سيما قضايا الحدود لجهة ضبط التهريب والتسلل، وقضايا تنقل الأفراد والبضائع والشاحنات، والتنسيق الأمني لا سيما في مكافحة الإرهاب. وستتم إثارة موضـــوع اعترافات الشـبكة الإرهابية التي أذيعت عبر الإعلام السوري »بحسب الأصول واللباقات المتبعة، وبما يتــناسب ومصلحة لبنان وسوريا معاً«.
ومن المتوقع أن يزور وزير الدفاع الياس المر دمشق، وكذلك قائد الجيش اللبناني العماد قهوجي الذي تبلغ دعوة رسمية من نظيره السوري، أبلغه خلالها أن وفدا عسكريا سوريا رفيع المستوى سيزور بيروت وينقل اليه الدعوة قريبا وكذلك تهاني القيادة العسكرية السورية بتسلمه قيادة المؤسسة العسكرية.

 المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...