ثلاثة أسباب لإقدام المغرب على قطع علاقاته مع إيران
الجمل: أعلن النظام الملكي المغربي بشكل مفاجئ عن قطع العلاقات الدبلوماسية المغربية مع إيران، وتشير المعلومات والتسريبات إلى أن إصدار السلطات المغربية للقرار، يوم أمس الجمعة- العطلة الرسمية للمسلمين- وبهذا الشكل المفاجئ، هو أمر يحمل أكثر من دلالة، منظوراً إليه على خلفية التحركات والتطورات الدبلوماسية الإقليمية والدولية إزاء أزمة الملف الإيراني:
• الأبعاد "المعلنة" في الموقف المغربي:
أعلنت وزارة الخارجية المغربية قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وأضاف القرار بعض المزاعم، التي هدفت لجهة توضيح الدوافع التي شكلت محفزات إتخاذ القرار، وبهذا الخصوص، فقد أشارت الخارجية المغربية إلى أن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران كان بسبب الآتي:
- مساعي طهران إزاء القيام بعملية نشر المذهب الإسلامي- الشيعي في المغرب.
- قامت السفارة الإيرانية في الرباط بمحاولات هدفت لإحلال المذهب الشيعي محل المذهب السني، الذي يعتبر من القوانين الدينية الرئيسية لهوية الدول المغربية.
- اعتبرت السلطات الملكية المغربية، الجهود الإيرانية لنشر المذهب الشيعي، ودور السفارة الإيرانية بالمغرب في ذلك، باعتبارها تشكل تدخلاً غير مقبولٍ في الشؤون الداخليلة المغربية.
- اعتبرت السلطات الملكية المغربية، بأن مساعي حركة التشييع الإيرانية تهدف إلى تهديد الوحدة الدينية المغربية.
- التوتر السني- الشيعي في البحرين، تنظر إليه المغرب بإعتباره مثالاً حياً للتدخل الإيراني في الشأن الداخلي للدول الإسلامية السنية.
على الجانب الإيراني، لم يبرز أي رد فعل لا بواسطة الرئاسة الإيرانية، ولا بواسطة الخارجية الإيرانية، والطرف الإيراني الوحيد، الذي صرح، هو السفير الإيراني في المغرب، والذي نفى نفياً قاطعاً أن تكون حكومته، أو سفارتها في المغرب، قد تدخلت في الشأن الداخلي السيادي المغربي..
• الأبعاد "غير المعلنة" في الموقف المغربي:
لم تتطرق وسائل الإعلام المغربية وغير المغربية إلى المزيد من التفصيلات أو المعلومات التي توضح حقيقة وخلفية الموقف الدبلوماسي المغربي المفاجئ إزاء طهران، ولكن، برصد التحليلات والتعليقات التي سربتها بعض المصادر الأمريكية المعنية بالشرق الأوسط، يتبين لنا وجود ثلاثة تفسيرات:
- التفسير الأول: توجد توترات دورية على خط الرباط- طهران، وقد سبق أن استضافت الرباط أنصار النظام الشاهنشاهي الإيراني، وردت طهران على ذلك بالقيام بتقديم الدعم لحركة البوليساريو.. ووصل التوتر إلى مرحلة قطع العلاقات، وبالتالي فمن الممكن أن يكون قيام المغرب بقطع علاقاته ليلة أمس الجمعة، إجراء يندرج ضمن دائرة الرد على الروابط الإيرانية مع البوليساريو، خاصة أن ملف أزمة الصحراء الغربية قد بدأ يستعيد حيويته في الساحة الإقليمية والدولية.
- التفسير الثاني: توجد روابط شخصية قوية للغاية بين أمير البحرين الشيخ حمد آل ثاني، والعاهل المغربي الملك محمد السادس، وبهذا الخصوص تقول المعلومات والتسريبات بأن الملك المغربي محمد السادس، قد نفذ عملية دبلوماسية بالوكالة عن أمير البحرين الشيخ حمد آل ثاني، والذي انتقدت طهران شرعية وجوده في السلطة مؤخراً، وتشير المعلومات والتسريبات إلى أن وزير الخارجية البحريني كان في طهران من أجل احتواء توتر العلاقات البحرينية- الإيرانية، ولكنه بعد عودته مباشرة، أصدرت الرباط قرار قطع العلاقات مع إيران، وما كان لافتاً للنظر أن تصريحات وزير الخارجية المغربي تضمنت إشارة إلى الأزمة البحرينية الأخيرة بين السنة والشيعة.
- التفسير الثالث: وجاء هذا التفسير ضمن تعليق هاتفي أدلى به الخبير الإستراتيجي الأمريكي أنطوني كورديسمان، لوكالة الإسوشيتيد برس، حول قطع المغرب لعلاقاته الدبلوماسية من إيران، وأشار كورديسمان في تعليقه، إلى أن التحرك المغربي ضد إيران، هو علامة على أن بعض الدول العربية سوف تسعى لاتخاذ بعض المواقف الأكثر تشدداً ضد إيران، وقد بدأت المغرب التي تعتبر من دول المعتدلين العرب، هذا التحرك المتشدد، على أساس إعتبارات أنها بعيدة عن إيران، وأنها لا تواجه تهديداً إيرانياً، وذلك بما يجعل إيران تدرك وتلتقط الإشارة القائلة بأن إجراءات المعتدلين العرب المتشددة ضدها، قد بدأ من المغرب الأقل ضرراً لإيران، وهذه الإجراءات سوف تشمل لاحقاً الأكثر ضرراً وتأثيراً على إيران.
برغم قلة المعلومات حول الأبعاد غير المعلنة، فمن الواضح أن ماهو متوافر حالياً، يشير إلى أن التفسيرات الثلاث، يمكن أن تندرج ضمن تفسير واحد، فالعلاقات الإيرانية- المغربية ظلت أكثر توتراً، بسبب ارتباط النظام الملكي المغربي بأمريكا والغرب، إضافة إلى إسرائيل.. وبالتالي، فإن الأداء السلوكي الدبلوماسي الملكي المغربي الحافل بالكرم والترحيب لعناصر النظام الشاهنشاهي الإيراني السابق، نظرت إليه طهران باعبتاره عملاً استفزازياً ضدها، وإضافة لذلك، فإن الروابط الشخصية الوثيقة بين الأسرة الحاكمة المغربية والأسرة الحاكمة البحرينية، تفيد لجهة أن قطع الرباط لعلاقاتها مع طهران، هو من قبل التأكيد على قيم حماية "وحدة" آل البيت الحاكم المغربي مع آل البيت الحاكم البحريني.. لكن، وبرغم أن الدبلوماسية المغربية، لا تلتزم كثيراً بتغليب الروابط القومية العربية على روابط المصالح الملكية المغربية مع إسرائيل والجماعات اليهودية التي تغلغلت في المغرب، إضافة إلى الأحزاب السياسية الإسرائيلية التي تعمل جهاراً نهاراً في أوساط يهود المغرب، فإن ماهو أكثر احتمالاً يتمثل في التفسير الذي قدمه الخبير الإستراتيجي الأمريكي انطوني كورديسمان، ومن ثم فإن علينا أن نتوقع المزيد من تحركات "المعتدلين العرب" المعادية لإيران.
قطعت المغرب علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وبالنسبة لتونس فهي بالأساس ومنذ فترة طويلة ترفض إقامة أي علاقات دبلوماسية مع إيران، وعلى الأغلب أن يمتد الأمر إلى بعض دول المعتدلين العرب الأخرى مثل مصر.. حيث لن يتردد نظام حسني مبارك في قطع العلاقات مع إيران إن وجد سبيلاً لقبض الثمن من تجمع أثرياء الأعتدال العربي الذي مازال أكثر حرصاً على الإستمرار في تطبيق نهج ديك تشيني- إيليوت إبراهام.. ضد إيران.. برغم انتهاء إدارة بوش ومغادرتهم للبيت الأبيض الأمريكي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد