المبعوث الأمريكي الخاص: دبلوماسية وقائية أم دبلوماسية علاجية؟
الجمل: تضمنت أجندة جدول أعمال الدبلوماسية الوقائية الأمريكية في مرحلة صعود إدارة أوباما الديمغرافية للبيت الأبيض الأمريكي تعيين مجموعة من المبعوثين الخاصين وأشارت التقارير والتحليلات بأن تفعيل إدارة لدبلوماسية المبعوث الخاص الأمريكي هو أمر يفيد لجهة رغبة واشنطن في الدفع باتجاه التعامل مع جميع الأطراف ولكن هل يا ترى ستنجح دبلوماسية المبعوث الخاص الأمريكي أم أن لعبة المبعوث الخاص تخفي تحت عباءتها لعبة أخرى؟
* المبعوث الأمريكي الخاص: دبلوماسية وقائية أم دبلوماسية علاجية؟
تتصدى الدبلوماسية الأمريكية لمجموعة من ملفات الشرق الأوسط والأدنى العالقة التي تتمثل في:
• ملف الصراع العربي – الإسرائيلي وملفاته الفرعية الممثلة في الصراع السوري - الإسرائيلي حول الجولان، الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي حول الأراضي الفلسطينية، الصراع اللبناني – الإسرائيلي حول مقاومة لبنان للنفوذ الإسرائيلي.
• ملف أزمة البرنامج النووي الإيراني وملفاته الفرعية مثل فرض العقوبات الدولية وإعاقة القدرات الإيرانية وتعبئة القدرات العسكرية والدبلوماسية ضد إيران والإطاحة بالنظام الإيراني وتقويض العلاقات العربية – الإيرانية.
• ملف الصراع الأفغاني – الأمريكي وملفاته الفرعية مثل الصراع داخل باكستان والصراع الباكستاني – الهندي والأزمة الكشميرية.
• ملف الصراع الأمريكي – الروسي وملفاته الفرعية مثل الصراع في آسيا الوسطى والصراع في القوقاز وغيرها.
• ملف الصراع حول مستقبل تركيا وملفاته الفرعية مثل الصراع في القوقاز والصراع في كردستان والأزمة القبرصية والصراع التركي – الداخلي والعلاقات التركية – العربية.
• ملف الصراع حول مستقبل السودان وملفاته الفرعية مثل الصراع في دارفور والصراع في جنوب السودان وملف العلاقات العربية – الإفريقية والصراع في القرن الإفريقي وما شابه ذلك.
بادرت الإدارة الأمريكية إلى تعيين أربعة مبعوثين:
• جورج ميتشل مبعوثاً أمريكياً خاصاً للشرق الأوسط.
• دنيس روس مبعوثاً أمريكياً خاصاً لمنطقة الخليج وإيران.
• سكوت غراشيون مبعوثاً أمريكياً خاصاً إلى السودان.
راهنت إدارة بوش الجمهورية على استخدام ورقة المبعوث الأمريكي الخاص من أجل تحققي الردع الدبلوماسي الوقائي المطلوب لجهة تعزيز أجندة السياسة الخارجية الأمريكية والآن برغم حلول إدارة أوباما بدلاً عن إدارة بوش فعلى ماذا تراهن الإدارة الجديدة من خلال تعيينها لجملة من المبعوثين الخاصين إلى مناطق العالم الأكثر توتراً وحساسية ليس إلى المصالح الأمريكية وحدها وإنما بالنسبة لاستقرار وتثبيت النظام الدولي الذي أصبح أكثر اضطراباً وتوتراً؟ وبكلمات أخرى إذا كان رهان إدارة بوش يهدف إلى الترتيبات الدبلوماسية الوقائية فهل رهان إدارة أوباما يهدف إلى ترتيبات دبلوماسية علاجية؟ وما الذي تسعى إدارة أوباما إلى علاجه هل هو التشوهات التي حدثت بفعل أخطاء إدارة بوش الجمهورية أم محاولة الالتفاف على الواقع الميداني والتحايل عليه من أجل قبول وابتلاع هذه التشوهات بحيث تقبل الأطراف المعنية بالوسائل العلاجية ما سبق ورفضت قبوله بالوسائل الدبلوماسية الوقائية؟
* ماذا وراء كواليس دبلوماسية المبعوث الأمريكي الخاص: ماذا تقول آخر المعلومات؟
المعلومات الواردة في الصحف الأمريكية والمواقع الإلكترونية التابعة لمراكز الدراسات الأمريكية يفيد لجهة الآتي:
• السفير الأمريكي السابق في لبنان فيلتمان هو المسؤول عن أجندة جدول أعمال سياسة الشرق الأوسط في الخارجية الأمريكية.
• اليهودي الأمريكي شابيرو هو المسؤول عن أجندة جدول أعمال سياسة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي.
تقول المعلومات بأن دنيس روس الذي كان يتولى مهام المبعوث الأمريكي الخاص في الشرق الأوسط يقوم حالياً بمهام عراب سياسة الشرق الأوسط الكبير، إضافة لذلك، تشير المعلومات إلى الآتي:
• قيام روس باستخدام الملف النووي الإيراني كنقطة ارتكاز لجهة توجيه وإعادة توجيه ملفات السياسة الخارجية الأمريكية الأخرى.
• قيام روس بدور الحلقة التي تربط بين خمسة أطراف هي: مجلس الأمن القومي الأمريكي – وزارة الخارجية – اللوبي الإسرائيلي – لجان العلاقات الخارجية التابعة للكونغرس.
الجهود التي استطاع روس أن يقوم بها خلال الشهر الماضي بدأت تداعياتها الميدانية تتضح أكثر فأكثر.:
• تفادياً لحدوث الخلافات بين إدارة أوباما وحكومة نتينياهو فقد دفع روس باتجاه أن تعطي الإدارة الأمريكية المكانة الرئيسية لأولوية معالجة أزمة الملف الإيراني.
• اعتبار أن هذا الملف يمثل البؤرة التي تتفرع عنها الأزمات الشرق أوسطية الأخرى، وبكلمات أخرى فإن أزمات الشرق الأوسط الحالية هي أزمات متفرعة من أزمة الملف النووي الإيراني.
تقول المعلومات والتحليلات أن جهود دنيس روس ما زالت تسعى حثيثاً للقيام بعملية انقلاب مفهومي في الإدراك الأمريكي الشرق أوسطي بما يترتب عليه تحويل مسار قاطرة السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية باتجاه استهداف إيران، طالما أن استهدافها سوف لن يترتب عليه اصطدام إدارة أوباما بحكومة نتينياهو.
تشير المعطيات الجارية إلى أن مذهبية دنيس روس الجديدة ترتبط بمذهبية إسرائيلية موازية لها بدأ نتينياهو تنفيذها خلال الأيام الماضية، ومن خلال تصريحاته القائلة أن القضاء على الخطر الإيراني هو الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل طالما أن إيران هي مصدر التهديد الرئيس لأمن إسرائيل بسبب الدعم الإيراني لحزب الله وحركة حماس، وأوضحت التسريبات أن سيناريو مذهبية روس – نتينياهو الهادف إلى تغيير قواعد الاشتباك الدبلوماسي – العسكري بحيث تصبح إيران هي العدو الرئيس وحزب الله هما العدو الثانوي، هو سيناريو بدأت عملية تمهيد المسرح لتنفيذه من خلال المشاهد التالية:
• قصف قافلة الشاحنات التي في شمال السودان والتي كانت تتحرك باتجاه الحدود المصرية تحت مزاعم أنها أسلحة قادمة من إيران عبر السودان.
• قيام نظام حسني مبارك باعتقال العشرات من المصريين بتهمة التعامل مع حزب مع حزب الله.
هذا، ونلاحظ أن آخر أكبر حدثين يرتبطان بمفهوم الدور الإيراني وبالتالي فإن إثارة الضجة الإعلامية حول هذين الحدثين تتضمن في حد ذاتها عملية تهدف إلى نقل الإشارات الخاطئة للرأي العام الأمريكي، ودوائر صنع واتخاذ القرار في إدارة أوباما ودول الاتحاد الأوروبي، بأن إيران هي المسؤول الأول عن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وبالتالي فإنه يتوجب على السياسية الأمريكية تغيير أولوياتها بحيث تتفرغ لمعالجة أزمة الملف النووي الإيراني، أولاً، ثم بعد ذلك يمكن لواشنطن أن تنظر في الملفات الأخرى المتعلقة بالشرق الأوسط.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد