دلالات التصعيد الدبلوماسي والعسكري الإسرائيلي ضد إيران
الجمل: حثت إسرائيل الإدارة الأمريكية على ضرورة القيام بإعداد الخطة (ب) المخصصة للتعامل مع ملف الأزمة الإيرانية في حال فشل الخطة (أ) الجاري تطبيقها حالياً، وتقول المعلومات أن إلحاح الإسرائيليين على ضرورة إعداد الخطة (ب) سببه الإدراك الإسرائيلي بأن فرصة نجاح الخطة (أ) ضعيفة إن لم تكن ضئيلة الاحتمال طالما أن الرئيس المحافظ أحمدي نجاد سيبقى في السلطة إضافة إلى فشل حركة الاحتجاجات المدنية وعدم قدرتها على إشعال الثورة الملونة المخملية الخضراء بشكلها المطلوب.
* التحركات الإسرائيلية الجارية ميدانياً:
تقول المعلومات والتقارير أن الوضع الميداني الجاري حالياً في الساحة السياسية الإسرائيلية يشهد تطورات هامة يمكن توضيحها على النحو الآتي:
• استخدام دبلوماسية الردع العسكري الرمزي وفي هذا الخصوص فقد تحركت غواصة نووية هجومية إسرائيلية من طراز "دلفين" من القاعدة البحرية الإسرائيلية في ميناء حيفا وعبرت قناة السويس ثم واصلت باتجاه ميناء إيلات الإسرائيلي المطل على خليج السويس الموجود في شمال البحر الأحمر.
• استخدام دبلوماسية المماطلة السياسية وفي هذا الخصوص فقد التقى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في العاصمة البريطانية لندن بالسيناتور جورج ميتشل المبعوث الأمريكي الخاص بالشرق الأوسط عرضاً إسرائيلياً لجهة إمكانية مقايضة ملف المستوطنات بقبول العرب للتطبيع والاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية.
وعلى الجانب الأمريكي فقد أحدثت التحركات الإسرائيلية ما يشبه حالة الانقسام داخل صفوف الإدارة الأمريكية وتقول المعلومات أن خطوط الانقسام السياسي الأمريكي تتمثل في الآتي:
• السيناتور جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي وبعض أعضاء الكونغرس المرتبطين بصقور الإدارة الأمريكية أصبحوا أكثر وضوحاً في تأكيدهم على ضرورة أن تتعامل الإدارة الأمريكية بمرونة أكبر مع إسرائيل.
• الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة خارجيته كلينتون ما زالا أكثر تمسكاً بضرورة أن تلتزم إسرائيل بوقف توسيع المستوطنات والعودة الغير مشروطة إلى طاولة مفاوضات عملية سلام الشرق الأوسط.
وتقول المعلومات والتسريبات أن إسرائيل ما تزال تراهن على إمكانية إقناع وحث الدول العربية بما يتيح لتل أبيب استخدام الاتحاد الأوروبي كقوة مضافة في الضغط على الإدارة الأمريكية.
* الورقة الإيرانية: إسرائيل ولعبة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن:
أعلن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى –امتنعت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عن ذكر اسمه- أن إسرائيل تقوم حالياً بوضع اللمسات الأخيرة التي تفيد لجهة "ضبط" موقفها النهائي من ملف الخطر النووي الإيراني وأكد المسؤول أن تل أبيب تابعت بدقة الاضطرابات الإيرانية الجارية حالياً وحددت تخمينها النهائي الذي أكد على أن الوضع الإيراني سيستمر على نفس ما كان عليه قبل الانتخابات وبالتالي فإن كل شيء أصبح واضحاً بجلاء للإسرائيليين وليس هناك ما يدعو للالتباس، وبشكل متزامن مع هذا التصريح جاء تصريح نائب الرئيس الأمريكي بايدن الذي قال فيه بوضوح أنه "إذا رغبت إسرائيل في قصف إيران فإنه ليس باستطاعة الولايات المتحدة منعها من ذلك".
وأشارت التحليلات السياسية الأمريكية أن تصريح بايدن يمثل سابقة أولى في الإدارة الأمريكية الجديدة حيث يتحدث مسؤول كبير عن ترك الأمريكيين للإسرائيليين يتصرفون بحرية ويطبقون الخيارات التي يرونها ملائمة لمصلحة إسرائيل دون الحاجة لاستئذان واشنطن. إضافة لذلك، فقد لاحظ المراقبون أن بايدن استخدم عبارة "دولة مستقلة السيادة" ستة مرات خلال حديثه عن إسرائيل.
أما بالنسبة لقيام الغواصة النووية الإسرائيلية برحلتها من ميناء حيفا وعبور قناة السويس وصولاً إلى ميناء إيلات فقد أكدت المصادر الإسرائيلية أن الهدف يتمثل في الآتي:
• التأكيد لمصر والسعودية أن القدرات النووية الإسرائيلية ستقف إلى جانبهم في مواجهة الخطر النووي الإيراني.
• إعطاء التفاهمات والروابط المصرية والسعودية مع إسرائيل قوة وزخماً أكبر بما يمكن أن يفسح المجال أمام تحولها إلى تحالف سياسي – عسكري – أمني حقيقي يتكون من مثلث تل أبيب – القاهرة – الرياض.
ومن الواضح جلياً أن حكومة نتينياهو الإسرائيلية ما زالت أكثر سعياً من أجل تحقيق حلم بناء تحالف إقليمي استراتيجي يضم إسرائيل مع مصر والسعودية.
وتشير التوقعات إلى إمكانية بناء تحالف قابل للتحقق يضم مصر إسرائيل، أما بالنسبة للسعودية فهو غير قابل للتحقق بسبب خصوصية المملكة وطبيعة توازناتها الداخلية وعلاقاتها الإقليمية مع بلدان العالم الإسلامي. لكن برغم ذلك فإن نظام مبارك سيظل ساعياً للتعاون مع إسرائيل وأمريكا للضغط على الرياض وتحويل الدبلوماسية السعودية إلى تابع للدبلوماسية المصرية، وهو الأمر الذي لا يجد قبولاً في الأوساط السعودية إضافة إلى أنه يقضي على إمكانية بروز السعودية كقائد إقليمي شرق أوسطي – خليجي وهو أمر لا ترغب به حكومة القاهرة التي ظلت تعمل لعرقلة النفوذ الجيوبوليتيكي السعودي بكل الوسائل مهما كلف الأمر من تنازلات للإسرائيليين والأمريكيين.
* ماذا وراء الغواصة النووية الإسرائيلية؟
تقول المعلومات أن عبور الغواصة الإسرائيلية سبقته مشاورات وتفاهمات مصرية – إسرائيلية وتبعاً لذلك تعاونت القاهرة في وضع الترتيبات التي سهلت عبور الغواصة لقناة السويس وتقول التسريبات بأن عبور الغواصات النووية للقناة يتم بعد أخذ الموافقة المسبقة بواسطة الرئيس المصري.
إضافة لذلك، تقول التسريبات أن تل أبيب حصلت على المزيد من الأذونات والموافقات بما يتيح عبور المزيد من الغواصات وأضافت المعلومات أن هناك غواصة نووية إسرائيلية أخرى تتجه للتمركز في بحر العرب المواجهة لشواطئ إيران الجنوبية، وغواصة نووية أخرى ستتمركز في المحيط الهندي، أما بالنسبة للغواصة النووية التي وصلت إلى إيلات فإن تحركاتها ستغطي المنطقة البحرية الممتدة على طول البحر الأحمر من خليج السويس إلى سواحل القرن الإفريقي عند جيبوتي ومضيق باب المندب.
برغم كل هذه التحركات الدبلوماسية المدعومة عسكرياً فإن لقاء وزير الدفاع الإسرائيلي باراك في العاصمة البريطانية مع السيناتور جورج ميتشل هو لقاء نظر إليه المراقبون باعتباره يشكل صفعة قاسية لرئيس الوزراء نتينياهو ووزير خارجيته ليبرمان، فقد رفضت واشنطن سفر ميتشل للقاء نتينياهو في باريس ولاحقاً وافقت على لقاء ميتشل مع باراك وما هو جدير بالملاحظة أن باراك كان في زيارة لواشنطن ثم تحرك إلى لندن وكان من الممكن لقاء ميتشل في واشنطن ولكن سفر ميتشل إلى بريطانيا لمقابلة باراك في لندن ينطوي على رسالة قاسية إذا قابلنا بينها وبين رفض واشنطن لسفر ميتشل لمقابلة نتينياهو في باريس!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد