باسل الخطيب: ما قدمه الأتراك عن غزة نقلة نوعية
لم يتأخر رد المخرج باسل الخطيب على بعض الأقلام المصرية التي انتقدت تجربته الثانية في الدراما المصرية وهي مسلسل (أدهم الشرقاوي) الذي تناول سيرة هذا البطل الشعبي في الموروث المصري وأكد أنه قدم اقتراحاً بصرياً ودرامياً مختلفاً من الدراما الريفية المصرية التي قُدمت في السنوات الفائتة ويؤكد الخطيب أن عمله حقق نجاحاً أثناء عرضه في مصر وقد تلقّاه المشاهدون هناك باهتمام كبير.
ويشير الخطيب إلى أن بعض الأصوات التي انتقدت عمله إنما هي مدفوعة من رغبة بمحاربة أي طاقة أو موهبة قادمة من خارج مصر «ولكنني لا أتوقف عند هذا الأمر كثيراً ولا ألتفت إلا للآراء الموضوعية التي تفتح باب النقاش والحوار» ويرى الخطيب أن موسم 2009 لم يشهد وجود مسلسل جماهيري بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى «لقد غاب المسلسل الطاغي الحضور ليس في مصر فحسب بل في العالم العربي كله» ويعزو الخطيب الأسباب إلى وجود ردة فعل لدى الجمهور العربي تجاه الدراما التلفزيونية وأنه بات بحالة انتظار للجديد وإلى ما هو أكثر قرباً منه وأكثر ملامسة لهمومه، ولا ينكر الخطيب أن الأمر أعمق من ذلك وأن هناك انخفاضاً بوتيرة اهتمام المشاهد العربي بالدراما العربية المقدمة له «ولا تنسى أن الأزمة المالية التي مرّت بالعالم كان لها تأثير واضح على الإنتاج الدرامي العربي وقد تأثر مستوى الإنتاج فأغلب المنتجين ضغطوا على ميزانيات أعمالهم وبالتالي غابت الأعمال الكبيرة التي تلفت أنظار المشاهدين».
وقد قدم باسل الخطيب في رمضان الفائت عملاً آخر هو مسلسل (بلقيس) الذي تناول سيرة هذه الملكة الأشهر في التاريخ العربي القديم ويرى أن عمله «توبع بشكل واضح في الأردن والخليج العربي وحتى في سورية رغم أن اهتمام المشاهد السوري ينحصر في رمضان عادة بالدراما السورية ولا ننسى أن العمل يتناول تاريخاً موغلاً بالقدم وبالتالي فإن (الحدوتة) قد لا تكون جاذبة وحاولنا أن نوفر للعمل كل عناصر التشويق والجذب».
ويخلص الخطيب إلى القول إنه راضٍ عن تجربة (أدهم الشرقاوي) و(بلقيس) ويستدرك: أنا على يقين أنهما تجربتان غير مكتملتين ولا يمكن في الفن أن تكون أي تجربة مكتملة من النواحي كافة ولكن ضمن الشروط والظروف التي عملت بها أعتقد أن ما قدمتم كان أفضل ما يمكن تقديمه.
ويرى نقاد أن تجربة المخرج باسل الخطيب في الدراما السورية هي أهم بكثير من تجربته في الدراما المصرية والأردنية ويؤكدون أن خياره بالذهاب إلى القاهرة وعمان قد يكون خياراً ليس في محله ولكن صاحب الشأن لا يتفق بالمطلق مع هذه الآراء ويؤكد أنه قدم أعمالاً مهمة في داخل سورية وخارجها ويضيف أنا أعتز كثيراً بمسلسل (ناصر) الذي قدمته في الدراما المصرية وكذلك (أدهم الشرقاوي) وقد أضاف هذان العملان الكثير لي كمخرج كما أني قدمت في الدراما الأردنية الكثير من الأعمال التي كان لها صدى كبير لدى المشاهدين لعل أهمها مسلسل (ذي قار) وكذلك هو الحال بالنسبة للدراما السورية ومن ثم لا أرى نفسي أهم هنا ولست كذلك هناك.
ومنذ أكثر من عامين والمخرج الخطيب يسعى لتحقيق حلمه بعمل درامي كبير عن القدس وقد اصطدم العمل بعقبات إنتاجية يفسرها بالقول: أي عمل فني مضمونه عن فلسطين هو مغامرة إنتاجية غير مضمونة النتائج لأن أغلب الفضائيات العربية لا تريد شيئاً يتمحور على هذه القضية وقد تحولت فلسطين والقدس إلى خط أحمر لا يريد أحد الاقتراب منه لذا يتردد المنتجون عن الدخول فيه ويؤكد أنه لا يريد لعمله أن يرتبط بمناسبة عابرة كاحتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية عام 2009 «لأن القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية وليس عاصمة لها لعام واحد فقط» وكشف أن هناك أكثر من شركة إنتاج مصرية اهتمت بالنص الذي كتبه مع شقيقه تليد الخطيب وبات في حكم المؤكد أن يرى العمل النور في عام 2010 وسوف يكون مشروعه الوحيد للعام القادم ويؤكد الخطيب أنه سيقدم للمشاهد العربي من خلال هذا العمل تفاصيل ضياع فلسطين ولا ينكر أنه سيخوض بهذه الحالة حقل الألغام ويضيف: لابد أن نسمي الأشياء بمسمياتها ويجب أن تظهر الحقائق للناس ولن نأتي بشيء من عندنا فكل شيء موثق في المراجع.
ويلفت الخطيب إلى أنه لن يوجه اتهامات لأحد «ولكن سنعرض الحقائق كما جرت، ونقدم عملاً جريئاً على مستوى الفكر الدرامي وتوثيق الأحداث وإضاءة جوانب معتمة بالقضية الفلسطينية. ورداً على سؤال يتعلق بشخصيات العمل وهل هي درامية متخيلة أم شخصيات تاريخية معروفة قال الخطيب: لدينا مجموعة من الشخصيات الحقيقية التي تعتبر من أعلام مدينة القدس أمثال الحاج أمين الحسيني وخليل السكاكيني وعبد القادر الحسيني، وشخصيات أخرى وهناك محور درامي رديف يتناول الشارع الفلسطيني الشعبي في تلك الفترة.
ومن ضمن مشاريع الخطيب القادمة فيلم سينمائي يتناول القضية الفلسطينية أيضاً «لأن ذاكرة السينما أهم وأقوى من ذاكرة الدراما التلفزيونية»، وكان من المفترض أن يُقدِمَ على إخراج مسلسل تلفزيوني يتناول تجربة المقاومة اللبنانية ولكن الخطيب يؤكد أنه تحفظ على النص المكتوب لأن اتجاهه كان إيديولوجياً إلى حد كبير ويضيف: أي مقاربة درامية لتجربة المقاومة في لبنان خالية من البعد الإنساني قد تكون غير مؤثرة لذا طلبت من الكاتب، إشباع هذا الجانب لإبراز جانب المعاناة التي عاشها اللبناني مع الاحتلال والنص مازال قيد الإنجاز وحول مشروع المسلسل الذي سيتناول حياة المجاهد الشهير عمر المختار وأكد الخطيب أنه مؤجل «على الأقل بالنسبة لي» ورحب بالمسلسل التركي الذي يعرض على الفضائيات التركية ويتناول ما جرى في غزة أثناء العدوان الإسرائيلي عليها في العام الفائت واعتبره نقلة مهمة في طريقة التعاطي مع الموضوع الفلسطيني الذي «بدأ يأخذ حقه على المستوى الإعلامي العالمي» ويجزم الخطيب «أننا كعرب مقصرون بخدمة الموضوع الفلسطيني وأن يأتي عمل تركي عنه فهذا أمر إيجابي للغاية وخاصة أن تاريخاً مشتركاً وديناً واحداً وتقاليد تجمعنا مع الأتراك وأعتقد أن العلاقة مع تركيا مفتوحة على آفاق تعاون مشترك على صعيد الإنتاج الدرامي».
ويعوّل الخطيب كثيراً على مسألة التغيير الحاصل على صعيد الإنتاج الدرامي العربي لجهة التعاون المشترك بين عدة جهات إنتاجية عربية ويرى أن هذا الأمر «سوف يخلق فرصة للتجديد داخل الإنتاج العربي على صعيد الشكل والمضمون والخطاب وأعتقد أن السنوات القادمة سوف تشهد مزيداً من التعاون العربي العربي على هذا الصعيد وهذا ما كنا نطلبه ونسعى وراءه لأنه أمر ملح وضروري».
الخطيب لم يستطع متابعة الأعمال السورية التي عُرضت في رمضان بسبب انشغاله في التصوير «لذا لا أستطيع أن أكوّن رأياً نقدياً ولكن ما وصلني أن هناك تشابهاً بين الأعمال واستسهالاً واستخفافاً وهذا أمر غير مرضٍ».
محمد أمين
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد