4مليارات دولارعجز الميزان التجاري، فاين الحل؟
شهدت الأسواق السورية، في الألفية الثالثة، مراحلَ انتقالية متعددة، لاسيما خلال الأعوام الثلاثة الأولى، أهمها: اقتصاد السوق الحر، وانفتاح الأسواق السورية على الأسواق العربية والعالمية، وأيضاً اقتصاد السوق الاجتماعي، وتحرير الأسعار، والسماح بالاستيراد والتصدير، وتخفيض الرسوم الجمركية (بشكل عام) التي وصلت مع الدول العربية إلى صفر اعتباراً من مطلع العام 2005. كلُّ ذلك أصاب الميزان التجاري السوري بخسارة وصلت العام 2004 إلى مليار و600 مليون دولار، وارتفع الرقم في ثلثي العام 2005 إلى 3 مليارات دولار بعد أن كان رابحاً بين العامين 2000 و2003.
هذه التغيرات، كما يقول الصناعي والمستثمر عدنان دخاخني، قابَلها إغراقٌ لأسواقنا بالمنتجات المستوردة المثيلة للمنتجات المحلية وعجز الأخيرة عن منافسة المستوردة سعرياً، وإرهاقٌ للمنشآت الوطنية بالرسوم والضرائب وغياب الدعم والحماية من جانب الحكومة؛ ما دفع العديد من أصحاب المشاريع الصناعية والتجارية وعدداً من المصدرين إلى تأسيس رابطة المصدرين السوريين، ولكنها لم تستطع تحقيق النتائج المرادة منها؛ «فزهرة واحدة لا تشكل ربيعاً».
وهكذا بقي المصنّع السوري يترنّح تحت ضربات المنتجات المستوردة المثيلة التي أصابته في عقر أسواقه، ما أضعف قدرته التسويقية في الأسواق الخارجية والداخلية. وهو في هذه الحالة لم يطل «لا العنب ولا الناطور». لذا كانت جلّ طلبات مصدّرينا ومصنّعينا، في كلّ المحافل والمؤتمرات، موضوع تخفيض الرسوم والضرائب، لاسيما على المواد الأولية، ولكن دون نتيجة تُرجى.
ورغم أنَّ التصدير هو قاطرة الاقتصاد الوطني، كما يقول نائب اتحاد غرف التجارة (بهاء الدين حسن)، إلا أنَّ الحكومة لم تقدّم شيئاً للصناعي والمصدر، وبقي منتجنا المحلي يعاني تخبطاً في أسواق الغير.. إضافة إلى الكساد في أسواقنا؛ ما دفع بالمصنع إلى تخفيض تكاليف الإنتاج على حساب العامل بوسيلتي التسريح أو تدني الأجور، إلى أن تنبَّهت الحكومة إلى ذلك وخرجت وزارة الاقتصاد في شباط من العام الحالي بهيئة تنمية وترويج الصادرات السورية، تلاها مؤخراً، وبعد تأجيل الشراكة الأوروبية، إحداثُ اتحاد المصدرين السوريين المولود الجديد، الذي ألقي على كاهله، قبل أن يبزغ النور، العديد من المهام والمسؤوليات، ومنها دور هذا الاتحاد، حيث وصفه أحد الصناعيين بأنه «روتين مكتبي يضاف إلى الروتين الموجود»، وآخر قال: «لم يكن ينقصنا مؤسسة جديدة تفرض الرسوم والضرائب، فيكفي ما نعانيه من الضرائب»، ومصدر أضاف: النتيجة لن تكون أفضل مما هو عليه الحال الآن، ففي الوقت الذي تسرح وتمرح فيه منتجات الغير في أسواقنا، فإنَّ الجهات المعنية تفكر في منافذ جديدة لتحصيل المزيد والمزيد من الضرائب، بدليل رفع أسعار الطاقة والرسوم المترتبة عليها والتي بلغت 23 %، وهنا المضحك المبكي!..
- أين تكمن مشكلة المصدر السوري؟، وكيف خلصت الجهات المعنية إلى أنَّ الصناعي السوري يحتاج إلى نقابة لكي يستطيع إطلاق منتجه وإيجاد موطئ قدم لها بين زحمة المنتجات في الأسواق الإقليمية والعالمية؟.. هل هناك استبيان أو مرجعية أخرى استخلص منها المجلس الاقتصادي مشاكل المصدر السوري بحاجته إلى نقابة أو جمعية.. أو -كما هي العادة- الحكومة تعرف الوجع أكثر من صاحبه؟!..
يقول عضو مجلس الشعب عدنان دخاخني (صناعي مُصدّر): «عندما نفكّر في دعم المصدّر السوري لجعله قادراً على اختراق الأسواق، يجب أن ننظر إلى ما وصلت إليه أسواقنا المحلية اليوم. فالصناعي السوري بات اليوم بحاجة إلى دعم في أسواقه الوطنية المحلية قبل الدعم في الأسواق الخارجية من المنتجات المماثلة له المدعومة من بلاد إنتاجها.. لذلك ينافسنا في عقر دارنا. فالمنتج المحلي يعاني ضغطاً هائلاً. لذا الدعم لايعني دعم صاحب العمل إنما المنشأة الصناعية، وأن نهيئ لها أسباب الاستمرار والتطور». ويتابع دخاخني: «لسنا بحاجة إلى إيجاد لجان أو اتحادات أو جمعيات أو نقابات لا تقوم بالواجب الملقى على عاتقها، إنما بحاجة إلى دعم المصدر السوري ليستطيع دخول أسواق الغير من خلال المنافسة. وهذا الدعم سينعكس لاحقاً في موضوع استيعاب العمالة والقضاء على البطالة».
ويتابع دخاخني: «نحن مع الانفتاح على اقتصاد السوق الاجتماعي لأجل التطور، ولكن نحتاج إلى المساواة مع الطرف الآخر الذي أغدق أسواقنا بالبضاعة، فكيف نسمح بإدخال منتج من بلدان تكاليف إنتاجه فيها أقل من تكاليف إنتاجنا المرهق بالرسوم والضرائب، حتى غدا غير قادر على منافسة الغير رغم امتيازه بالجودة. وما زاد الطين بِلَّة رفعُ سعر المحروقات وفرض ضرائب على استهلاك الطاقة تصل إلى 23 %. فمثلاً فاتورة كهرباء بقيمة 100 ألف ليرة سورية تُضاف إليها ضرائب بقيمة 23 ألف ليرة!.. فهل هذا منطقي؟!.. هذه الأسباب وغيرها جعلت صناعتنا تترنّح، وجعلت المصنع يحمل الرسوم والضرائب على تكاليف المنتج؛ ما أدّى إلى تراجع الإنتاج والطاقة الانتاجية. ومن الجدير القول إنَّ أسواقنا المحلية لا تستوعب أكثر من 30 % من الإنتاج، ونسبة الـ65 % المتبقية تحتاج إلى أسواق خارجية».
وهنا يقول عضو مجلس الشعب بهاء الدين حسن (مستثمر وصناعي ومصدر أيضاً): «الاستهلاك المحلي ليس هو الغاية، إنما التصدير الذي يعتبر قاطرة الاقتصاد، والداعم الوحيد لعملية التنمية الوطنية».
وبناءً على ما تقدَّم، تتجلَّى الرسوم والضرائب بوصفها الشغل الشاغل للمنتجين المصدرين- وهي حاجة ومطلب. وقد لخَّصها الصناعي وائل الغبرة نائبُ رئيس رابطة المصدرين السوريين، التي احتضنت بين طياتها 240 صناعياً مصدراً تكتّلوا لمواجهة المنافسة السعرية القوية التي ضربت أسواق العالم وكان لها انعكاس سلبي على أسواقنا، بقوله: «اليوم موضوع البحث في الرسوم والضرائب، وخاصة على المواد الأولية، شغلنا الشاغل. فهناك بعض أنواع الألبسة المعدّة للتصدير حصرياً (قميص رجالي مثلاً)، قماشها الخام مستورد، والرسوم المفروضة عليها تضعف قدرتها التنافسية. لذا كان لنا اجتماعات مع السيد عبد الله الدردري (نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية) ووزارة المالية بخصوص ذلك، ولم نصل إلى نتيجة نهائية، على أنَّ المباحثات مازالت مستمرة».
- إذاً كما تبيَّن الرسوم والضرائب هي من أصابت المنتج الوطني بعجز تنافسي أمام المنتج الأجنبي المدلل المدعوم من قبل حكوماته. وبالتالي كيف ينظر المصدرون إلى المولود الجديد (اتحاد المصدرين)؟، وهل يملك الاتحاد سلطة مناقشة الضرائب والرسوم وتخفيضها بما يسهم في إطلاق العنان التنافسي للمنتج الوطني، أم سيتحوَّل الاتحاد إلى نقابة للعضوية وتشكيل المكاتب التنفيذية وحصد الرسوم من المصدرين (بصفة إلزامية لكل مصدر)، أم سيشكّل الاتحاد برمته واجهة اقتصادية حضارية للوفود الزائرة؟!..
مع التأكيد هنا على أنَّ كلمة (اتحاد ونقابة) باتت تلقى ردّة فعل سلبية نتيجة مراوحة الاتحادات الحالية وعجزها عن دعم قطاعاتها، وبات الحلّ في الاتحادات النوعية!..
يقول بهاء الدين حسن (نائب غرف التجارة): «نظراً إلى وجود اتحادات تصدير في أكثر بلدان العالم (اتحادات نوعية وعامة)، فقد حققت هذه التجارب نجاحات متميزة حال تركيا والهند. وهذا ما نريد حصوله في سورية. لذلك نأمل نجاح هذا القانون الجديد (اتحاد المصدرين)، الذي يمنح المُصدرين الميزات والصلاحيات الكاملة لأجل دعم المنتج المحلي، وبالتالي فتح أسواق تصديرية جديدة.. وبما أنَّ هذا الاتحاد سيتلقَّى رسماً على قيمة الصادرات السورية، فالمبالغ التي تعود إلى اتحاد المصدرين يمكن توجيهها باتجاه دعم بعض الصناعات والمنتجات الوطنية التي تلاقي تنافساً عالمياً». ويؤكد حسن أنَّ «الرسم سيوجه، إضافة إلى بقية العائدات التي ستأتي إلى الاتحاد، لدعم المنتجات التي تلاقي منافسة في السعر ولاتستطيع الصمود.. وانطلاقاً من ذلك، إذا ما نظرنا إلى الاتحاد كوحدة متكاملة، فإنه سيأخذ باليمين ويدفع باليسار. إذاً أمواله لن تخزن، إنما سيتمّ إنفاقها دعماً للصادرات والمنتجات الوطنية».
من جانبه يقول دخاخني: «لاشك نحن مع أيّ اتحاد أو نقابة أو أيّ تنظيم يجمع الناس على هدف مصلحة الأسواق والوطن، والاتحاد سيعمل على تكتل المصدرين لإيجاد طريق إلى الجهات الرسمية نية الحصول على الدعم اللازم والحماية لدخول أسواق الآخرين؛ لما للأمر من أهمية في استمرار العملية الإنتاجية والتصدي إلى عمالة تزداد سنوياً بمعدل 300 ألف فرصة».
لاشكَّ في أنَّ اتحاد المصدرين، وفق تصريح وائل الغبرة، مهمٌ للعمل التصديري؛ يقول الغبرة: «نحن نشجّع مثل هذا الاتحاد، وإذا ما تمَّ تطبيق الأهداف التي تتقاطع وتتطابق مع أهداف رابطة المصدرين سنحقق نجاحات مهمة. وشخصياً أؤكد أنه يتوجب على كلّ مصدر سوري الانتساب إلى الاتحاد والتنسيق معه ودعمه؛ لما للأمر من منعكسات إيجابية على العملية الصناعية والتصديرية كلها».
- حسب تصريح اليوسف، «في القانون، أيّ مُصدر يرغب التصديرَ عن طريق الاتحاد يجب أن يكون عضواً فيه؛ فالاتحاد يعتبر وعاءً للمصدرين كافة، يتبنى قضاياهم، ويدافع عنهم، ويقوم بإدارتهم بالطريقة المناسبة. وقانون الاتحاد، في حدّ ذاته، تمَّ وضعه من خلال إحداث خمس لجان قطاعية تمثل الصناعات السورية كافة، ولاسيما في المجالات الرئيسة (الغذائية، النسيجية، الدوائية، الهندسية). وضمَّت هذه اللجان 50 مصدراً سوريّاً اجتمعوا في 14 اجتماعاً وخرجوا بقانون الاتحاد الذي تمَّت صياغته وتمَّ رفعه إلى مجلس الشعب لإقراره. لذا، كتوصيف، الاتحاد مثل أيّ اتحاد آخر، وإمكانية الانتساب إليه متاحة بإجراءات أسهل وتكاليف أقلّ، وهناك رسوم بسيطة مقابل خدمات كبيرة».
يمكن القول إنَّ الاتحاد وعاء للشركات الصغيرة والمتوسطة، ومركز معلوماتها لتستطيع اختراق الأسواق بطريقة مناسبة؛ على اعتبار أنَّ الشركات الكبيرة تستطيع جمع المعلومات ومسح الأسواق ومعرفة الأذواق، وبالتالي تستطيع أن تصدر لوحدها.
يقول وائل الغبرة: «97 % من المنشآت الصناعية التصديرية في سورية تعتبر صغيرة ومتوسطة وتمثل التعددية الصناعية، كما تمثل بذلك حركة العمل الصناعي التصديري. وعندما أحدثنا رابطة المصدرين السوريين العام 2006، انتسب إليها أكثر من 240 شركة ومنشأة صناعية متوسطة وصغيرة، واستطعنا، رغم المنافسة السعرية القوية التي أصابت سوق النسيج العالمي، العودة إلى الأسواق التي افتقدناها، بفعل قيام الدول الموردة بإعطاء دعم لشركاتها المصدرة؛ ما أفقدنا العديد من الأسواق في البداية. ومن هنا أُحدثت هيئة تنمية وترويج الصادرات السورية لنتشارك معها في العمل التصديري».
والجدير ذكره أنَّ رابطة المصدرين السوريين تعتبر رابطة نوعية متخصصة في قطاع النسيج والألبسة بمختلف أنواعها، حيث تشكّل نسبة 37 % من الإنتاجي التحويلي في السوق السورية، وتشغل 40 % من الأيدي العاملة في القطاع الصناعي التحويلي، كما تشكل 55 % من الصادرات التحويلية السورية، و39 % من الاستثمارات الصناعية السورية.. فالقطن السوري يشكل 7 % من الإنتاج العالمي.
وعليه استطاعت هذه الرابطة، من خلال تكتل 240 شركة صغيرة ومتوسطة، وقبل إحداث هيئة تنمية وترويج الصادرات، فتحَ أسواق جديدة لها في إنكلترا وألمانيا -وهما سوقان عالميان مهمان- وأسواق في بلجيكا، وإسبانيا، والسويد. وعربياً في الخليج وليبيا والأردن ولبنان ومصر.
• تعزيز القدرة التنافسية
ينطوي قانون المولود الجديد على العديد من الأهداف، التي يأتي في مقدمتها تمثيل المصدرين وتبنّي قضاياهم محلياً وعربياً والدفاع عن مصالحهم، وتنظيم العمل التصديري وترويج الصادرات، والمساهمة في تطوير البنية التشريعية والإدارية والتنظيمية التي تمكن من تعزيز القدرة التنافسية للصادرات السورية. وهو مطلب جميع الصناعيين والمصدرين، فهل يتحقق هذا المطلب في ظلّ تمسّك وزارة المالية بالرسوم والضرائب وفرض الجديد منها على الصناعات والصناعيين وعلى كل المستلزمات التي لها علاقة بالعملية الإنتاجية ولاسيما المواد الأولية والطاقة؟!..
يقول وائل الغبرة (نائب رئيس رابطة المصدرين): «أعتقد أننا، من خلال تشاركية الرابطة مع الاتحاد وهيئة تنمية وترويج الصادرات بوصفها قطاعاً عاماً ممثلاً لوزارات وجهات رسمية مسؤولة، قد نصل إلى مرحلة مهمة فيما يتعلق بدعم المصدر والصادرات السورية». ويضيف اليوسف: «نعم، قمنا بإعداد خطة للعام 2010 تهدف إلى تخفيض التكاليف على المصدرين، وتقديم المساعدات لهم في مجال النقل والتأمينات الاجتماعية، ودعم الطاقة ليستطيع المنتج السوري المنافسة. وقد رفعت إلى المجلس الأعلى للتصدير، ونحن في انتظار أن يجتمع ويخرج بالنتائج».
إذاً وضعت الهيئة خطة تصدير للعام 2010. وبعد اجتماع المجلس الأعلى للتصدير، سيتمّ تنفيذها مباشرة. ويتوقع اليوسف أنَّ كل دولار سيصرف في هذه الخطة سيعود على سورية بعشرات الدولارات. وحالياً يبقى الجدول الزمني لعمل اتحاد المصدرين غير معلوم.
- يقول الخبير الاستشاري سعد بساطة: «مهما كانت التسمية (اتحاداً أم مجموعـة أم هيئة.. للمصدرين)؛ الموضوع ذو أهمية؛ لأنَّ هذا التجمـّع يقوّي كلّ الأطراف المنضمة إليه، ويوحـّد الجهود، لاسيما في حقبة فيها موضوع تنافسية التصدير حيوي.
وبالتالي، مادامت سلعـك تخطو في سوق غـريبة، فالتشخيص «الاقتصادي» أن ّعـمودك الفقري بحالة جيدة، وأنت قادر عـلى الوقوف عـلى رجليك، والسير إلى الأمام. وعليه هذا الاتحاد خطوة أخرى في الطريق الصحيح؛ فهو شكل من أشكال العـناقيد، التي يعـتبرها المفكر الاقتصادي المعـاصر (مايكل بورتر) خطوة مهمة لزياد تنافسية قطاع ما. وبالتالي قدرةُ الاتحاد على تحقيق مانعـلـّقه عـليه من آمال أمرٌ منوط بدعـم الدولة وجدية القائمين عـليه، والظروف المحلية والإقليمية والدولية.
ولكن الخطوات الأولى ستنبئ بوضعـه.
وأما لماذا لم يتمّ تشكيل هكذا اتحاد منذ زمن، فهذا لأننا نمارس حلولاً إنقاذية. فإذا لم يستشرِ داء ما لا نقوم بتجربة الدواء، في حين المصل أو اللقاح هو الشكل الأمثل للوقاية من الحدث قبل وقوعـه. فمعـالجة الجائحة تتمّ باتقائها قبيل وقوعـها».
- بموجب المرسوم التشريعي رقم 6 الصادر في شباط من العام 2009، تمَّ إحداث هيئة تنمية وترويج الصادرات السورية، التي استطاعت، حتى تاريخه، إقامة مجموعة من الأنشطة، أهمها الترويجية. صرح حسام اليوسف (مدير هيئة تنمية وترويج الصادرات السورية): «أداة إدارة التجارة الخارجية هي هيئة تنمية الصادارت التي تمثّل ذراع القطاع الحكومي. واتحاد المصدرين يمثّل كافة المستفيدين من الهيئة، ويمثّل كافة المصدرين السوريين من القطاع الخاص. هذان الجهازان سيعملان على تحسين جودة المنتج السوري والترويج له بطريقة لائقة عن طريق المعارض الداخلية والخارجية».
طبعاً الهيئة لم تخترع من فراغ، إنما جاءت بعد الاطلاع على تجارب البلدان المجاورة والمتقدمة؛ يقول اليوسف: «نحن لم نخترع، إنما اعتمدنا على التجربة التونسية- وهي من أنجح التجارب العربية التي تمكنت من تحقيق نهضة ضمن هذا المضمار. أيضاً التجربة التركيّة تعتبر أنموذجاً مهماً، وهي متقدمة، إلا أنَّ التجربة التونسية قريبة من خصوصيتنا نحن- البلد الصناعي».
وفيما يتعلق بعلاقة الهيئة مع المصدرين وعلاقتها مع اتحاد المصدرين، يقول اليوسف: «هناك أنظمة وتعليمات، والحديث عنها مازال مبكراً؛ فلم يتمّ وضع الأنظمة الخاصة بعمل الاتحاد. ولكن التصوّر أنَّ الهيئة ستقدّم خدمات للقطاع الخاص (اتحاد المصدرين السوريين). ففي الهيئة تمَّ إحداث مركز للمعلومات يضمُّ بيانات عن 6 آلاف تاجر سوري، كما نقف على معرض يحتوي على 150 شركة سورية تمثّل واجهة الصادرات السورية، وبالتالي من الممكن للزائر أن يتعرّف على منتجات 150 شركة، 60 منها غذائية في نفس المكان. ولايغيب عن أحد أهمية المعارض بوصفها أبواباً تسويقية ومجمعاً للمصدرين والزبائن. والهيئة وضعت نظاماً لدعم المشاركات السورية في هذه المعارض داخل وخارج سورية، لاسيما وأننا في المعرض الصناعي الدولي الأخير نجد أنَّ سورية بدأت تصنع أدوات ومستلزمات ومعدات الإنتاج الصناعي».
وقد أكَّد اليوسف أنَّ صناعاتنا اخترقت الأسواق العالمية، كما أكد دور الهيئة في نشر الثقافة التصديرية إلى الأسواق الأوروبية التي تضع شروطاً ومعايير تصديرية دقيقة لها علاقة بأذواق المستهلكين وإجراءات التصدير؛ يقول اليوسف: «هناك فن للتخاطب مع أسواق التصدير. ونحن -الهيئة- لنا دور كبير في هذا الموضوع بنشر ثقافة التصدير. فمثلاً عندما يصدر زيت الزيتون إلى دول آسيا، يجب أن يصدر بلون أبيض شفاف، وإلى أوروبا باللون الأصفر، وإلى الخليج باللون الأخضر. وهنا يتغيّر اللون دون أن تتغيّر المواصفات».
- وصل عجز الميزان التجاري السوري للعام 2008 إلى 184.550 مليار ليرة سورية (نحو 4.001 مليار دولار)، بصادرات بلغت 676.150 مليار ليرة، وواردات وصلت إلى 680.700 مليار ليرة. في حين كان عجز هذا الميزان العام 2007 نحو 105.523 مليار ليرة، بصادرات بلغت 579.034 مليار ليرة، فيما وصلت الصادرات إلى 684.557 مليار ليرة.. وبذلك كانت سورية الرابعة عربياً بالعجز التجاري.
ووفق دراسة لوزارة الاقتصاد والتجارة حول تطور التجارة الخارجية السورية خلال الفترة 2000-2004 إلى جانب الأشهر الثمانية الأولى من العام 2005، فإنَّ قيمة الصادرات السوريّة وصلت إلى أعلى مستوياتها كقيمة العام 2002 متجاوزة الـ300 مليار ليرة (6,5 مليارات دولار). ولكن هذا الرقم لم يلبث أن تراجع ووصل إلى نحو 250 مليار ليرة سورية العام 2004 (5,1 مليارات دولار). وقد حافظت هذه الصادرات على مستواها خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2005 مقارنة بذات الفترة من العام 2004. وفي المقابل فإنَّ المستوردات السوريّة استمرّت في الارتفاع منذ العام 2000 إلى العام 2004، وبلغت ذروتها في العام 2004، حيث تجاوزت الـ327 مليار ليرة (6,7 مليارات دولار). وعليه سجَّل الميزان التجاري عجزاً قدره 78 مليار ليرة (1,6 مليار دولار)، إلا أنَّ المستوردات المتحقّقة، خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2005، تجاوزت مجمل المستوردات في العام 2004 بكامله، حيث وصلت إلى 333 مليار ليرة، بنسبة نمو 50 %؛ الأمر الذي ضاعف عجز الميزان التجاري ثلاث مرات مقارنة مع العام 2004.
وبالنسبة إلى الواردات السورية، فقد جاء الحديد والصلب في المرتبة الأولى بـ12 %، تلته المركبات البرية بـ8 %، ثم المنتجات النفطية بـ7 %، واللدائن بـ5 %، والخيوط النسيجية بـ5 %، فآلات الصناعات المعدنية بـ5 %، فالحبوب بـ4 %، فالآلات المختلفة بـ4 %، فالستر بـ3 %، فالمصنوعات الفلزية والورق وأجهزة الاتصالات والفلزات غير الحديدية والمواد الكيماوية العضوية بـ2 % على التوالي. وهذا يؤكد أنَّ الواردات السورية في المقام الأول هي السلع الرأسمالية من الآلات ووسائل النقل والأدوات الكهربائية، بالإضافة إلى بعض المشتقات النفطية والورق وغيرها.
بعدما تقدّم، لدينا عجز في الميزان التجاري.. مستوردات متزايدة لا تتناسب مع الصادرات السورية، والأرقام لا تبشر بالخير. وهنا يكون الدور مضاعفاً على المصدرين لإعادة القوة التنافسية إلى الميزان التجاري السوري.
يقول حسام اليوسف: «هذا أمر طبيعي؛ فسورية كانت سوقاً مغلقة، والآن انفتحت على جميع الأسواق العالمية؛ الأمر الذي أدَّى إلى تدفق المنتجات إلى السوق بشكل مبالغ فيه. هذا العامل، إضافة إلى تزايد الفرص الاستثمارية التي تستلزم استيراد المعدات والتقانات الاستثمارية، أدَّى إلى غلبة المستوردات على الصادرات. وهنا دورنا في إعادة دور الصادرات السورية».
ومن الغريب جداً أنَّ غرف التجارة السورية تطالعنا كل يوم بزيارة وفود رجال الأعمال الأوروبية والآسيوية إلى سورية للقاء رجال الأعمال السوريين. وحسبنا هنا أنَّ 30 % من هذه الزيارات، على أقلّ تقدير، نية الاستيراد من سورية والعمل على فتح آفاق للمنتج السوري لنتبيّن فيما بعد أنَّ غالبية هذه الوفود تأتي نية إيجاد المزيد من الأسواق لها وتصدير منتجها، فماذا عنا وعن غرف تجارتنا؟!.. يقول نائب غرف التجارة (بهاء الدين حسن): «أغلب الوفود التجارية التي تزور سورية تأتي من أجل البيع والتصدير إلى سورية، وللحصول على طلبات شراء لمنتجاتها. ولكن نحن، في ذات الوقت، نقدّم لهم الصناعة الوطنية وإمكانية تصديرها إلى بلدانهم.. ولكن غالبية الوفود تأتي لبيع منتجاتها».
- أكد الدكتور عامر حسني لطفي (وزير الاقتصاد)، في معرض إجابته عن مداخلات أعضاء مجلس الشعب حول موارد الاتحاد وموازنته الخاصة وضرورة تخفيض نسبة الرسوم الواردة في مشروع القانون والتي تحدّد نسبة 1 بالألف من قيمة الصادرات، إضافة إلى ضرورة عدم السماح لعضو اللجنة القطاعية أو لعضو مجلس الاتحاد أن يتولى العضوية أكثر من دورتين متتاليتين بحيث يكون باب الترشح مفتوحاً وعدم تحديده بعدد من الدورات، أنَّ «جزءاً كبيراً من مهام الاتحاد له علاقة بنقل المعلومات المهمة والضرورية للمصدرين والمنتجين وتوضيح وضع الأسواق التصديرية للدول ونوعية الطلب، إضافة إلى إقامة دورات تدريبية للمنتجين المسجلين في الاتحاد كمصدرين لرفع مستوى أدائهم، وتوضيح المواصفات المطلوبة للسلع في الأسواق الخارجية».
وأشار إلى أهمية الدور الذي سيلعبه الاتحاد في تنظيم عملية التصدير ومعرفة الحجم الحقيقي للصادرات السورية وللتصدير في الاقتصاد الوطني؛ الأمر الذي «يساعد في دعم التصدير بشكل سليم، ورفع القدرة التنافسية للصادرات السورية في الأسواق الدولية».
واعتبر وزير الاقتصاد أنه «مع صدور هذا القانون تستكمل البنية التصديرية، التي تقوم على المجلس الأعلى للتصدير الذي يضع السياسات، واتحاد المصدرين، وهيئة تنمية وترويج الصادرات التي يعمل إلى جانبها صندوق دعم الصادرات ومكتب التدخل السريع القائم حالياً والذي نجح بدرجات متفاوتة حسب الحالة».
ولفت وزير الاقتصاد إلى أنَّ «اللجنة التي أعدَّت مشروع القانون اطلعت على تجارب العديد من الدول، لاسيما في مجال الموارد المالية»، موضحاً أنَّ «معظم دول العالم تأخذ رسماً طفيفاً على الصادرات لمساعدة الاتحاد على القيام بواجباته في تقديم الخدمات».
رياض إبراهيم أحمد
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد