إسـرائيـل تخـادع اسـتيطانيـاً: قفـزة في ورش البـناء!
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أن أوامر تجميد البناء في المستوطنات ستصدر قريبا، فيما شدد قادة المستوطنين على أنهم يدرسون أبعاد القرار وسبل التصدي له. ومع ذلك فإن الكثير من القوى الاستيطانية أعلنت أنه في مقابل «التجميد» الذي لم يتقرر فإنها تؤكد أن المستوطنات غير قابلة للتجميد (NO FROST).
وغداة إعلان نتنياهو عن التجميد المؤقت في الاستيطان أصيب فلسطيني بجروح خطيرة، أمس، بعدما أطلق جندي من الاحتلال النار عليه، إثر طعنه مستوطنَين، رجل وامرأة، على مدخل مستوطنة كريات أربع اليهودية قرب الخليل في الضفة الغربية.
وذكرت سلطات الاحتلال أنّ المستوطنين أصيبا بجروح طفيفة ونقلا إلى مستشفى في القدس. أما الفلسطيني، الذي كان يحمل سكيناً وفأساً فأصيب برصاص جندي إسرائيلي وهو في حال خطرة بحسب متحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
وخلال نقاش جرى ليلة أمس في وزارة الدفاع الإسرائيلية بشأن تنفيذ قرار «التجميد» وافق باراك على إنشاء 28 مؤسسة تعليمية ومبنى عاما في مستوطنات الضفة الغربية معدة للسنة الدراسية 2009-2010. ويبدو أن مجلس المستوطنات سيحاول تحقيق قفزة في البناء الاستيطاني خلال الأشهر العشرة المقبلة عبر بناء الوحدات السكنية المقرة، وتسريع البناء في الوحدات التي بدأ البناء فيها. وهناك عشرات المشاريع الكبيرة الجاري العمل فيها في أرجاء المستوطنات في الضفة.
وتسابق الوزراء المصنفون على اليمين المتشدد مثل موشيه يعلون وبني بيغن لتأكيد أن القرار ليس تجميدا وإنما «إرجاء» وأنه في الواقع لا ينطوي على جديد، وتم فقط لإرضاء الأميركيين. بل أن أفيغدور ليبرمان الذي حاول جهد استطاعته إظهار أن القرار لا ينطوي على أي جديد، أعلن أن «الكرة في الملعب الفلسطيني... وأننا قدمنا لأبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) كل ما بالوسع فعله... وإذا أرادوا فليأتوا للمفاوضات وإذا لم يريدوا فليفعلوا ما يشاؤون».
وأضاف أن «القرار لا يوقف البناء في القدس، وهو يسمح ببناء المؤسسات العامة والمباني التي بدئ ببنائها، فيما أن البناء في الضفة الغربية متوقف منذ عام ونصف عام». وقال إن هذا ما ينبغي عرضه على الأسرة الدولية.
ومن المعروف أن الكثير من وزراء الليكود من خارج المجلس الوزاري المصغر يعارضون القرار لأسباب سياسية. وبين هؤلاء نائب رئيس الحكومة سيلفان شالوم والوزير يوسي بيلد. ولكن المعارضة في كتلة الليكود أقوى وأشد. وحملت وزيرة التعليم الليكودية ليمور ليفنات بشدة على الإدارة الأميركية وقالت إنها الإدارة الأسوأ. وأضافت أنه «بعد أسبوع سيبدأ بناء الوحدات السكنية المصادق عليها، وحينها سيهب العالم قائلا أننا مخادعون ونصابون ولن يبقى أي معنى للقرار. إنني أعلم أن رئيس الحكومة يعيش ضائقة. وليس من السهل الوقوف في وجه الرئيس الأميركي الذي دفع رئيس الحكومة للسير في درب الآلام. وأنا لا أشعر بالراحة من هذا القرار أحادي الجانب».
وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى الغضب القائم في الليكود وأحزاب اليمين. ونقلت عن زعيم الاتحاد الوطني الشريك في الائتلاف الحكومي النائب يعقوب كاتس قوله انه «لا يحتمل ان يبصق نتنياهو في وجه من وعدهم قبل اقل من سنة ان يشكل بديلا لطريق شارون العقيم».
المعارضــة داخل الليكود للخطوة تضمنت كــما كان متوقعا النواب تسيبي حوتبــيلي، داني دانون ويريف لافين الذين يعتبرون المتمردين الايديولوجيين في الليكود، الذين نشــروا بيان تنديد حادا للخــطوة. وقال النائب لافين ان «هذه خطوة مناهضة لليهودية ومناهضة للصهيونية يرفرف فوقها علم اسود».
ورغم إعلان باراك أن تنفيذ التجميد أو التعليق بات على الأبواب فإن المستشار القضائي للحكومة ميني مازوز يشدد على أن تنفيذ القرار إشكالي. وأوضح أن هناك عقبات مالية تقف أمام التنفيذ مما يستدعي تخصيص ميزانيات للمراقبة وتنفيذ أوامر الهدم.
وبدا واضحا أن القرار الإسرائيلي أعاد إلى الواجهة تعبير «الكرة في الملعب الفلسطيني». فإضافة لإعلان نتنياهو أن القرار أنهى كل الذرائع الفلسطينية وبالتالي باتت الكرة في ملعبهم، فإن أغلب الساسة والمعلقين الإسرائيليين استخدموا التعبير ذاته.
واعتبر المراسل السياسي لـ«يديعوت أحرونوت» شمعون شيفر أن البيت الابيض يتطلع الى الاعلان عن اختراق يسمح باستئناف المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية قبل العاشر من الشهر المقبل. وهو الموعد الذي يفترض بالرئيس باراك اوباما ان يتسلم فيه جائزة نوبل للسلام. وهذا هو السبب الذي جعل الولايات المتحدة وان كانت رحبت بتجميد البناء في المستوطنات الا انـها لا تكتفي بذلك. مسؤولون كبار في الادارة الاميركية حثوا في الآونة الاخيرة بنيامين نتنياهو على الإسراع إلى الإعلان عن تجميد البناء قبل استكمال صفقة تبادل الاسرى مع حماس. واتفق بين الطرفين على أن يعرب الأميركيون عن رضاهم من القرار مثلما فعلت حقا امس الأول وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والمبعوث الى المنطقة جورج ميتشل، ولكنهم سيؤكدون أن على إسرائيل ان تنفذ بادرات طيبة اخرى للفلسطينيين.
وطلب الأميركيون من نتنياهو النظر في نقل اراضي مناطق في الضفة الى السلطة الفلسطينية. ويدور الحديث عن مناطق (ج)، التي توجد تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة، الامنية والمدنية. مثل هذه المناطق توجد في منطقة الغور واماكن اخرى حيث لا توجد تجمعات سكانية فلسطينية. كما طولب نتنياهو ايضا بالسماح لقوات ابو مازن بالدخول الى مناطق اخرى تصنف كمنــاطق «ب»، والتــي توجد فيها سيطرة أمنيــة إسرائيلية، ولكن سيـطرة مدنــية فلسطينية.
ورد نتنياهو بالرفض على الطلب الأميركي وشرح بأن نقل أراض لن يتم الا بعد المفاوضات ولن ينفذ من دون مقابل من جانب الفلسطينيين. غير أن المطالبات الأميركية لا تنتهي هنا، ومع انهاء الصفقة مع حماس يتوقعون في الادارة من نتنياهو ان يحرر قرابة الف فلسطيني آخر معتقلين في إسرائيل وذلك لتعزيز مكانة عباس حيال مظاهرة النصر التي من المتوقع ان تجريها حماس بعد تنفيذ الصفقة.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد