سيناريو الصراع العراقي-العراقي والفراغ السياسي القادم
الجمل: تشير التوقعات إلى أن جولة الانتخابات العامة العراقية, المحدد لها شهر آذار (مارس) 2010م, القادم, سوف تمثل نقطة تحول فاصلة, على الأغلب أن تدخل بعدها العملية السياسية العراقية في مرحلة نوعية جديدة, تتميز بالمزيد من الخلافات العراقية-العراقية, المتزامنة مع ظهور أزمة الفراغ التشريعي-التنفيذي-الرئاسي: فما هي محفزات هذا السيناريو, وما هي طبيعته ومدى مصداقيته؟
تقول بعض التحليلات, بأن العراق, سوف يدخل "على الأغلب" في حالة فراغ سياسي بالغة الخطورة, وذلك بعد انتهاء انتخابات شهر آذار (مارس) العامة القادمة, وتوجد العديد من الأسباب, التي تؤدي إلى تفعيل حدوث الفراغ السياسي العراقي, ومن أبرزها:
• الخلافات العراقية-العراقية, والتي سوف تحدث بين أطراف العملية السياسية, على خلفية شكل الائتلاف الحكومي القادم, وهي خلافات وإن كانت سوف تبدو عراقية-عراقية من الناحية الشكلية, فإنها من الناحية الجوهرية سوف ترتبط بقدر كبير بتأثيرات العامل الأميركي.
• الضعف المؤسساتي: تعتبر المؤسسات السياسية العراقية الحالية, أكثر ضعفا وهشاشة لجهة تحمل مخاطر الصدمات وضغوط الأزمات السياسية, وذلك لأنها ما تزال مؤسسات ناشئة, وثانيا, لأنها ذات قابلية كبيرة للاختراق بواسطة الأطراف الخارجية وعلى وجه الخصوص سلطات الاحتلال الأميركي.
أداء العملية السياسية العراقية, في مرحلة ما بعد انتخابات الشهر القادم سوف لن يتميز بالخلافات والصراعات السياسية العراقية-العراقية, وإنما أيضا بظاهرة فراغ صنع واتخاذ القرار السياسي, وهو أمر سوف يؤدي بشكل مباشر, إلى تزايد عمليات العنف العراقي-العراقي, والعراقي-الأميركي, بما قد يؤدي بدوره إلى المزيد من التداعيات الأكثر خطورة على مستقبل العراق.
القوام المؤسسي للصراع العراقي-العراقي القادم:
يتكون السياق الخاص, بالقوام المؤسسي العراقي من جانبين يكملان بعضهما البعض, وهما:
• قمة الهرم السلطوي-الحكومي: وتتكون من مؤسسة السلطة الرئاسية العراقية, ممثلة في الرئيس العراقي ونوابه ومساعديه. ومؤسسة السلطة التنفيذية العراقية ممثلة في رئيس وأعضاء مجلس الوزراء العراقي.
• قاعدة الهرم السلطوي الحكومي: وتتكون من 18 محافظة عراقية, منها ثلاث محافظات (السليمانية-أربيل-الدهوك) تقع تحت الإشراف المباشر لسلطة حكومة إقليم كردستان العراقي, أما البقية (15 محافظة) فهي وإن كانت تخضع للحكومة المركزية العراقية, فإن خمسا منها تخضع بشكل كامل ومطلق لقبضة القوات الأميركية, وهي محافظات: بغداد-صلاح الدين-ديالا-نينوى-كركوك, وإضافة لذلك تجدر الإشارة إلى أنه حتى المحافظات التي تخضع لحكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية, هي محافظات تخضع لقبضة القوات الأميركية, وإن كان ذلك يتم بشكل مخفف نسبيا عن المحافظات الخمس المشار إليها.
بالنسبة لقمة الهرم السلطوي-الحكومي العراقي, نجد أن الصراع سوف يدور في بداية الأمر حول كيفية توزيع ومحاصصة الموارد السلطوية, بين القوى السياسية العراقية الناشطة في العملية السياسية, وما هو متوقع سوف يتمثل في أن كل طرف سوف يسعى إلى تقديم المزيد من التنازلات لسلطات الاحتلال الأميركي, بما يغري واشنطن على دعمه ومساندته في الحصول على نصيب أكبر.
بالنسبة لقاعدة الهرم السلطوي, نجد أن الصراع سوف يدور بشكل أكبر حول الملفات الأمنية المحلية, وعلى وجه الخصوص في المحافظات ذات الانسجام السكاني (العالي النقاء), قالمحافظات الجنوبية (الشيعية) والمحافظات الشمالية (الكردية), إضافة إلى بعض محافظات الوسط (السنية) سوف تدور الخلافات والصراعات بين نخبها المتنافسة, أما بالنسبة للمحافظات المختلطة, فإن الأمر سوف يأخذ شكلا مختلفا, وذلك لان سيناريو الصراع العراقي-العراقي, سوف يأخذ طابع العنف السياسي الإثنو-طائفي مرتفع الشدة.
سوف يكون هناك تلازم وتأثير متبادل بين مستويات الصراع العراقي-العراقي, فالصراع السلطوي في قمة الهرم سوف يتبادل التأثيرات مع الصراع السلطوي في قاعدة الهرم, وعلى هذه الخلفية الإشارة إلى النقاط الآتية:
خارطة توزيع النفوذ والنفوذ المضاد في المحافظات العراقية سوف تأخذ الشكل الآتي:
النفوذ الشيعي:
• محافظة المثنى 86% والنفوذ المضاد 14%
• محافظة البصرة 78% والنفوذ المضاد 22%
• محافظة ذي قار 87% والنفوذ المضاد 13%
• محافظة ميسان 87% والنفوذ المضاد 13%
• محافظة واسط 81% والنفوذ المضاد 19%
• محافظة بابل 76% والنفوذ المضاد 24%
• محافظة القادسية 81% والنفوذ المضاد 19%
• محافظة النجف 82% والنفوذ المضاد 18%
• محافظة كربلاء 76% والنفوذ المضاد 24%
النفوذ السني:
• محافظة الأنبار 74% والنفوذ المضاد 26%
• محافظة صلاح الدين 34% والنفوذ المضاد 66%
• محافظة الديالى 37% والنفوذ المضاد 63%
• محافظة كركوك 48% والنفوذ المضاد 52%
• محافظة بغداد 41% والنفوذ المضاد 59%
النفوذ الكردي:
• محافظة الدهوك 90% والنفوذ المضاد 10%
• محافظة أربيل 95% والنفوذ المضاد 5%
• محافظة السليمانية 87% والنفوذ المضاد 13%
وبالتالي, على خلفية هذه الأرقام, نتوقع اندلاع المزيد من أعمال العنف السياسي الإثنوطائفي, في المحافظات التي تقل فيها مستويات التفوذ, منها على سبيل المثال لا الحصر, فإن محافظات كركوك-ديالى-صلاح الدين-الأنبار-كربلاء-بابل, وأما محافظة بغداد العاصمة فسوف تكون الأكثر عنفا, وذلك بسبب قيمتها الرمزية السياسية كعاصمة, إضافة إلى محافظة كركوك, والتي يتزايد فيها التمركز الكردي, على حساب تمركز الأطراف العراقية الأخرى بفعل عمليات التطهير العرقي.
سيناريو الصراع العراقي-العراقي القادم: أبرز التداعيات المؤجلة
سوف تؤدي ظاهرة الفراغ في قمة الهرم السلطوي العراقي, إلى المزيد من التداعيات, والتي سوف يكون أبرزها:
• تحريك مفاعيل عمليات التطهير العرقي في المحافظات العراقية.
• تحريك مفاعيل انهيار الثقة في العملية السياسية العراقية.
وسوف يترتب على ذلك, رفع معدلات النزوح السكاني العراقي, داخل وخارج العراق, إضافة إلى إفساح المزيد من الفرص الجديدة أمام صقور الإدارة الأميركية, وعلى وجه الخصوص مجموعة السيناتور بايدن الناشطة داخل الإدارة الأميركية, ومجموعة السيناتور الجمهوري جون ماكين-السيناتور الديموقراطي جو ليبرمان, لجهة القيام بمطالبة إدارة أوباما بضرورة تأجيل تنفيذ جدول الانسحاب, إضافة إلى قيام أطراف اللوبي الإسرائيلي باستغلال مفاعيل الأزمة العراقية القادمة, لجهة بناء حملة الذرائع ضد سوريا وإيران, عن طريق الترويج لاتهام دمشق وطهران بأنهما تدعمان الفوضى وعدم الاستقرار في العراق.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد