إسرائيل تواجه أسوأ الأزمات مع واشنطن منذ 35 عاماً
اعترف السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل أورون بأن العلاقات الأميركية الإسرائيلية تعيش أزمة «تاريخية»، وأنها في مرحلة «هي الأخطر منذ عام 1975». وتشهد جهات إسرائيلية في الولايات المتحدة على أن الأزمة الحالية بين الإدارة الأميركية وحكومة بنيامين نتنياهو «خرجت عن السيطرة». وكان وزير رفيع المستوى قد أخبر صحيفة «معاريف» أن الإدارة الأميركية تريد الإطاحة بنتنياهو، في حين خرجت صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من الحكومة اليمينية بعنوان يشير إلى أن أوباما «يستغل» الأزمة لانتزاع تنازلات سياسية من رئيس الحكومة.
وأشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أن المبعوث الأميركي جورج ميتشل سيصل إلى المنطقة خلال الأيام المقبلة، وذلك قبل سفر نتنياهو إلى واشنطن، وأنه سيطلب من نتنياهو ردودا على الإنذار الذي وجهته الإدارة الأميركية لحكومته أمس الأول. ونقلت الصحيفة عن مصدر في وزارة الخارجية الأميركية تقديره باحتمال أن يعطي نتنياهو الإدارة الأميركية وعوداً، ولكنه لن ينشرها علناً كي لا يعرض ائتلافه للخطر.
تجدر الإشارة إلى أن الإنذار الأميركي يتضمن أربعة مطالب هي: أولا، تشكيل لجنة تحقيق في ظروف الإعلان عن المشروع الاستيطاني في مستهل زيارة بايدن وما إذا كان الإعلان مقصوداً. وثانياً، إلغاء قرار البناء في مستوطنة «رامات شلومو» في القدس المحتلة. وثالثاً، تقديم بادرات حسن نية للفلسطينيين كالإفراج عن مئات المعتقلين والانسحاب من مناطق أخرى في الضفة لتسهيل العودة للمفاوضات. وأخيرا، الإعلان رسمياً عن أن المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، حتى إذا كانت غير مباشرة، ستدور حول القضايا الجوهرية في الصراع.
من جهتها أوضحت صحيفة «هآرتس» أن السفير الإسرائيلي مايكل أورون طالب، في توجيه للقناصل الإسرائيليين في الولايات المتحدة، بشن حملة دعائية لشرح موقف إسرائيل بعد اتهام مستشار الرئيس ديفيد إكسلرود إسرائيل بمحاولة تقويض العملية السياسية وإعلان البيت الأبيض أن اعتذار نتنياهو غير كاف. واعتبر أورون أن العلاقات بين إسرائيل وأميركا تعيش حالياً أزمة هي الأخطر منذ 35 عاما. وكان بذلك يلمح إلى الأزمة التي نشبت قبل 35 سنة حول اتفاق فصل القوات مع مصر، وإعلان إدارة الرئيس فورد ووزير خارجيته هنري كيسنجر عقب ذلك عن «إعادة تقويم العلاقات مع إسرائيل»، والذي تضمن ضمن أمور أخرى تجميد إرساليات السلاح، وكذا تم التلميح الى ان الإدارة ستتخذ وسائل حادة أخرى ضد إسرائيل.
وطالب أورون القناصل بالتوجه إلى أعضاء الكونغرس ووسائل الإعلام لتوضيح موقف إسرائيل. وجرى التأكيد على وجوب الانطلاق من أنه لم تكن لإسرائيل نية البتة بالمساس بنائب الرئيس جو بايدن وأن الأمر مجرد خطأ من موظفين صغار في وزارة الداخلية. وأبلغ أورون القناصل عن التوبيخ الذي تلقاه في الخارجية الأميركية، قائلاً إنهم «قرأوا لي من رسالة احتجاج كان فحواها بالغ الشدة».
ويبدو أن نتائج الحملة الدعائية الإسرائيلية في واشنطن ظهرت سريعا للعيان. وبالإضافة إلى بيان اللوبي الصهيوني «إيباك»، كتب معلقون سياسيون يدينون سياسة إدارة أوباما ضد إسرائيل. وكتب بول ريختر في «لوس أنجلوس تايمز» أن «القرار استدعى انتقادا من واشنطن لم تسمع بمثله إيران ولا حتى كوريا الشمالية إلا في أوقات متباعدة جدا».
وكان «إيباك» نشر بيانا أعرب فيه عن قلقه من تصريحات كبار المسؤولين في إدارة أوباما ضد إسرائيل. وأشار البيان إلى أن «إيباك يدعو الإدارة لاتخاذ تدابير فورية لتبديد التوتر مع الدولة اليهودية».
ونقلت الصحف الإسرائيلية تقديرات مفادها أن الجهات العليا في الطائفة اليهودية في الولايات المتحدة ترى في تصريحات البيت الأبيض محاولة «للفصل بين رئيس الحكومة نتنياهو والشعب في إسرائيل». وأشارت إلى أن بعض القوى اليهودية اعترفت بأنها «ليست متفائلة البتة في ضوء هذه المحاولات». غير أن بعض القيادات اليهودية ترى أن «الأمر هنا ليس صداقة وتحالفات، بل يكمن في حقيقة أن إسرائيل أخجلت أميركا أمام العالم بأسره. أنه يشبه ما فعله (نائب وزير الخارجية الإسرائيلي) داني أيالون للأتراك، ولكن بحجم أكبر. وسوف نفاجأ إذا لم يستمر التدهور إلى أن يجد الأميركيون وسيلة لمعاقبة إسرائيل، أو إلى أن نجثو على ركبنا ونقبل جزءاً من مطالبهم. والواضح أن المسؤولين في الإدارة يقومون في هذه المرحلة بضرب إسرائيل بشدة لأنهم أهينوا، ولكنهم يستغلون الوضع لتحقيق تقدم في الميدان الفلسطيني».
ويرى قيادي ليكودي مقرب من نتنياهو أن أوباما يسعى في النهاية لإسقاط نتنياهو، فيما قال وزير آخر إن «أوباما يبدو وكأنه يطارد نتنياهو طالباً رأسه. فالمطالب التي يضعها الأميركيون الآن هي شبه مستحيلة من الناحية الائتلافية. وهي تحطم قواعد اللعب المقبولة«.
وكان كبير معلقي «يديعوت أحرونوت» ناحوم بارنيع قد كتب أمس أنه «إذا كان كاتب مثل توم فريدمان ـ الذي لا تحتاج محبته وصلته بإسرائيل إلى الأدلة ـ يصف رئيس وزراء إسرائيل كسائق سكير يحتاج إلى العلاج فإننا أمام مشكلة. فريدمان هو المتحدث الأكثر أصالة باسم أصدقاء إسرائيل في المعسكر الليبرالي في أميركا. فنتنياهو ليس سائقا سكيرا. الأصح انه أشبه بأحد السائقين العجائز الذين يسافرون على مسارين خشية أن يقعوا في خطأ، فيثيرون جنون السائقين الذين يمتدون وراءهم في الطابور ويقعون في حوادث طرق. عندما يضرب غمازه إلى اليسار يتجه يمينا. عندما يتجه غمازه إلى اليمين تجده يواصل سيره إلى الأمام في الطريق. وبدلا من أن يحظى بالتصفيق في واشنطن، لعل من المجدي له أن يخضع لدورة قيادة سيارات مانعة في القدس».
من جهة ثانية، اعتبر المسؤول الثاني في الحزب الجمهوري في مجلس النواب الأميركي اريك كانتور أن ردة فعل الإدارة الأميركية على مشاريع الاستيطان في القدس الشرقية «غير مسؤولة»، فيما قال السيناتور المحافظ سام براونباك إنه يستحسن أن تنقل الولايات المتحدة السفارة الأميركية إلى القدس وتعالج «التهديد النووي الإيراني المتنامي» بدلاً من الدخول في هذه الخلافات مع إسرائيل.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إقرأ أيضاً:
إضافة تعليق جديد