غزة تواجه الموت البطيء
لم يترك الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة جانباً من جوانب الحياة إلا وأتى عليه تدميراً أو تعطيلاً حتى بات أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني ضحايا أكبر سجن في هذا العالم الذي يقف عاجزا -إن لن نقل متآمرا- في هذه المهزلة الإنسانية.
فمنذ فرض الحصار في مارس/آذار 2006 إثر فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية وتشديده بعد سيطرة الحركة على القطاع عام 2007 بقيت المعابر الخمسة بين غزة وإسرائيل أو الضفة الغربية مغلقة حتى الآن، إلا لإدخال بعض الحاجيات الأساسية بين الحين والآخر.
وينسحب الأمر نفسه على معبر رفح مع مصر الذي بقي مغلقاً في أغلب الأحيان، الأمر الذي يمنع إمكانية تنقل الفلسطينيين من غزة وإليها في جميع الظروف باستثناء فتحه في أوقات قليلة للحالات الإنسانية الاستثنائية، وكان آخرها قرار السلطات المصرية بفتح المعبر في الأول من الشهر الجاري حتى إشعار آخر إثر العدوان الإسرائيلي على سفن أسطول الحرية التي كانت متجهة إلى غزة.
ويوضح مسؤول العلاقات العامة في اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار علي النزلي أن إسرائيل تغلق المعابر المحيطة بغزة جميعا بشكل شبه كامل، لافتاً النظر إلى أن الاحتلال سمح مؤخرا بإدخال بعض المواد الاستهلاكية فقط، وأنه يسمح يوميا بإدخال ستين طناً فقط في حين يحتاج القطاع إلى أربعة آلاف طن.
وأشار النزلي إلى أن تأثيرات الحصار شملت الكهرباء في قطاع غزة، حيث يعاني السكان من انقطاع الطاقة الكهربائية لما بين ثماني ساعات و12 ساعة يومياً بسبب تقليص الاحتلال لكميات الوقود الواردة لمحطة غزة للكهرباء، فضلا عن النقص المتكرر في غاز الطبخ.
وحسب المسؤول الفلسطيني، أثر تقليص إمدادات الكهرباء بشكل سلبي على قدرة المستشفيات على تشغيل بعض الأجهزة الطبية، كما أدى لإعطاب العديد منها، وأثر سلبيا على عمل المخابز ومعالجة المياه في المخيمات وهذا يلقي بظلاله على كافة الأمور الحياتية في غزة. أما على صعيد مياه الشرب والصرف الصحي فقد أوقف الحصار كافة المشاريع التطويرية في هذا الإطار.
وألقى الحصار بظلاله على القطاع الصحي بشكل خاص في غزة حيث توفي أكثر من خمسمائة من جراء الحصار إما بسبب نقص الدواء أو لعدم تمكنهم من السفر للعلاج في الخارج خلال أربع سنوات من الحصار، فيما يعاني 50% من أطفال غزة من أمراض فقر دم وسوء تغذية خاصة من يقطنون في المخيمات والمناطق الحدودية.
يضاف إلى ذلك أن الحصار يتسبب بنقص حاد في إمدادات الغذاء والدواء والوقود والمعدات الطبية اللازمة والضرورية لتشغيل المستشفيات والمرافق الصحية، والمعدات والمواد اللازمة لتشغيل منشآت الصرف الصحي ومعالجة النفايات.
من جهته يؤكد مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية الفلسطينية تيسير الطباع أن الحصار يحظر معظم الصادرات ويقيد إدخال السلع الأساسية، بما فيها المواد الغذائية والوقود. أما المواد الغذائية المتوفرة فإن معظمها يأتي من وكالات الإغاثة، أو يتم تهريبها عبر الأنفاق بين مصر وغزة، ثم بيعها بأسعار باهظة إلى سكان غزة.
وأضاف الطباع قائلا "لقد أدى حصار إسرائيل الخانق على غزة إلى انهيار اقتصادي واضح في المنطقة، وانخفاض الدخل الحقيقي للفرد إلى أكثر من 50% عن ما كان عليه قبل الحصار، كما أدى لانهيار متواصل في البنية الاقتصادية للقطاع، سواء بالنسبة للموارد المادية الضعيفة تاريخيا، أو بالنسبة للمنشآت الصناعية التي توقف أكثر من 90% منها عن العمل، كما هو الحال بالنسبة لقطاع الزراعة الذي توقف عن التصدير بصورة شبه كلية، إلى جانب التدهور المريع في قطاع الإنشاءات والتجارة والخدمات في سياق التراجع الحاد للواردات والصادرات بصورة غير مسبوقة".
وتقدر إحصاءات رسمية الخسائر الاقتصادية المباشرة بسبب الحصار على قطاع غزة بحوالي 48 مليون دولار شهرياً، وتتوزع على قطاع الصناعة بمعدل 16 مليون دولار وعلى قطاع الزراعة بمعدل 12 مليون دولار وعلى القطاعات الأخرى التجارة والإنشاءات والخدمات والصيد بمعدل عشرين مليون دولار.
المصدر: قدس برس
إضافة تعليق جديد