توتر بين الليكود و«إسرائيل بيتنا»: خلافات بسيطة أم أزمة ثقة عميقة؟

20-07-2010

توتر بين الليكود و«إسرائيل بيتنا»: خلافات بسيطة أم أزمة ثقة عميقة؟

بلغ الائتلاف الحكومي في إسرائيل، يوم أمس، الدرك الأسفل في علاقات الحليفين الأكبرين، الليكود و«إسرائيل بيتنا»، على خلفية قانوني الميزانية والتهويد. وبالرغم من سعي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو (الليكود) ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان («إسرائيل بيتنا) إلى الإيحاء بأنّ أياً من الشريكين الرئيسيين ليس في وارد فك هذه الشراكة، فإن الأزمة بينهما في تصاعد. وثمة من يعتقد أن الدافع الأساس للأزمة هو الانتخابات التي يطمح ليبرمان بأن يكسب فيها موقع الريادة في اليمين بدلاً من نتنياهو.
وتشكل العلاقة بين نتنياهو وليبرمان نموذجاً لأغرب أنماط العلاقات في الحياة السياسية الإسرائيلية. فقد تحالف الرجلان في منتصف التسعينيات من أجل تمكين نتنياهو من السيطرة على الليكود، تمهيداً للسيطرة على الحكومة. وخدم ليبرمان نتنياهو على أفضل وجه في نطاق ما عرف بـ«الغواصة» التي حملتهما - نتنياهو زعيماً، وليبرمان مدير أعمال - إلى سدة القيادة. وما إن فاز نتنياهو في العام 1996 على الرئيس الحالي شمعون بيريز في انتخابات رئاسة الحكومة، حتى غدا ليبرمان المدير العام الأقوى لرئاسة الحكومة.
بعدها تورط ليبرمان، الذي عرف بلقب «إيفيت الرهيب»، في الكثير من التحقيقات حول قضايا الفساد. وعلى الأغلب لم يجد من نتنياهو الرعاية الكاملة، ما أشعره بنوع من الخيانة من جانب رئيسه السابق. وحينها بدأ ليبرمان حياته السياسية الخاصة في حزب «إسرائيل بيتنا»، الذي سرعان ما تحول من حزب قطاعي للروس إلى حزب لليمين الإسرائيلي.
وفي كل الأحوال تعاظمت المنافسة المستترة بين الرجلين، ثم بين الحزبين، رغم كل ما ظهر من تحالف بينهما. وهذا ما دفع كثيرين للإشارة إلى أن طموح ليبرمان لزعامة اليمين وإلحاق الهزيمة بنتنياهو، ينبعان من الرغبة في الإثبات بأنه كان الصانع الحقيقي لرئيس الحكومة. كما أن القوة التي تمتع بها ليبرمان في حكومة نتنياهو الحالية نبعت أساساً من عجز نتنياهو عن ضبط مشاعره تجاه المنشقين عن الليكود في زعامة حزب كديما المعارض، ما جعله يتحالف مع «إسرائيل بيتنا».
وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن أزمة الثقة الحادة بين نتنياهو وليبرمان بدأت حول مسألة التعيينات في السلك الدبلوماسي، حين اكتشف نتنياهو في نهاية الاسبوع أن ليبرمان عيّن ميرون روبين في منصب مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة من دون إبلاغه، في مقابل غضب ليبرمان من أن اللقاء الذي جمع وزير الصناعة والتجارة بنيامين بن أليعزر بوزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو قد عقد من خلف ظهره. وقد انتقد وزير بارز في الليكود أمس نتنياهو بشدة، قائلاً إن «بيبي (نتنياهو) مذنب في هذه الأزمة، لأنه مس بليبرمان، ولم يرَ فيه وزير خارجية حقاً. وجعل باراك وزير خارجية عملياً، تجاهل ليبرمان وجعله وزير خارجية لدول العالم الثالث. وهو لم يدس له على اصبع واحد بل على الأصابع الخمسة. دفعه نحو الزاوية ولهذا فقد ردّ ليبرمان مثل رد».
وفي الأيام الأخيرة تصاعد الخلاف واحتدم بين نتنياهو وليبرمان على أرضية إقرار الميزانية العامة. وليس صدفة أن المعارضة الوحيدة للميزانية في الحكومة جاءت من جانب وزراء إسرائيل بيتنا الخمسة. وتفاقم الخلاف في ضوء قانون التهويد الذي توصل إليه أنصار ليبرمان مع قطاعات متدينة، والذي استاءت منه الأوساط اليهودية الأميركية خصوصاً الإصلاحية والمحافظة. فالقانون يمنح نوعاً من الاحتكار للمتدينين الأرثوذكس، وهو ما اعتبره يهود أميركا، وغالبيتهم من غير الأرثوذكس، تقسيماً للشعب اليهودي.
وسعى نتنياهو وليبرمان، أمس، إلى التقليل من أهمية الاختلاف بينهما، مشيرين الى أنه مجرد «خلافات بسيطة». وقال ليبرمان، خلال مؤتمر صحافي، إنه «ليست هناك أزمة. على كل حال ليست الأزمة التي تريدونها، بل اختلافات بين الأكثرية (الحكومية). وليست لدينا أي نية بقطيعة» مع الائتلاف الحاكم، فيما شدّد نتنياهو، في بيان، على أنّ «إسرائيل بيتنا» يشكل «شريكاً أساسياً في الحكومة»، معرباً عن قناعته بأن «معظم الخلافات» يمكن أن «تحلّ بالحوار».
ورغم كل ما يُقال فإن هناك عجزاً كبيراً عن تفسير مواقف نتنياهو المتقلبة من ليبرمان. فالبعض من أنصار الأول يقولون إنه يحاول الإشارة لليبرمان للخروج من الحكومة في ظل رغبته في توسيع الحكومة بضمّ كديما إليها. ويرى هؤلاء بأن نتنياهو يريد من ليبرمان الخروج أو القبول بالتطويع قبل شهر تشرين الأول، موعد عرض الميزانية على الكنيست لإقرارها. ويقول هؤلاء إن هذا التحليل ينبع من محاولة قراءة اللقاءات الأخيرة بين وزير الدفاع إيهود باراك وزعيمة كديما تسيبي ليفني. غير أن هذا التفسير ليس كاملاً لإقناع لآخرين، لأن نتنياهو في الواقع لا يثق بقسم من كديما، وفي مقدمتهم ليفني.
وفي كل الأحوال فإن الأزمة الحالية لا تقتصر على إسرائيل بيتنا بل تتعداها إلى حزب «شاس». فعندما بدا نتنياهو يرفض القبول بمشروع قانون التهويد، شرع «شاس» بمهاجمته. ودعا الحاخام السفارادي الأكبر لإسرائيل، شلومو عمار الأحزاب الحريدية إلى ترك الحكومة إذا لم يقرّ مشروع قانون التهويد المقترح. وأشار عمار إلى أن «الإصلاحيين يستخدمون الوضع السياسي لتهديد رئيس الحكومة. فهم يقيمون هناك ويريدون أن يملوا علينا نمط حياتنا».
كما أن زعيم «شاس» إيلي يشاي، أعلن وقوفه الصريح إلى جانب مشروع قانون التهويد، لكنه لم يهدّد نتنياهو. وأشار إلى أنه من دون «قانون التهويد فإن شرخاً سيقع في صفوف الشعب. فغياب قانون التهويد خطر روحاني على الشعب اليهودي».
عموماً يرى كثير من المسؤولين الإسرائيليين أن نتنياهو يحتاج ليبرمان مثلما يحتاجه ليبرمان. وهما يعرفان بأن عليهما أن يتوصلا الى تفاهم حول سبل العمل الملائمة والمرتبة منعاً للأزمات في المستقبل.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...