اعتداءات إسرائيلية منظّمة على امتداد الأراضي الفلسطينية
صعّد الاحتلال الإسرائيلي، أمس، من وتيرة اعتداءاته وإجراءاته القمعية بحق الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية المحتلتين، والتي شملت إطلاق حملة ضرائب تعسفية بحق المقدسيين، ومصادرة عشرات الدونمات وتسليم أوامر هدم لمنازل في الضفة الغربية، وذلك تزامناً مع سلسلة هجمات نفذها المستوطنون على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، في وقت تعرّض الأسرى في سجن «ريمون» الصحراوي في النقب لهجوم اسرائيلي أسفر عن إصابة 17 معتقلاً بجروح وصف بعضها بالمتوسطة.
في هذا الوقت سعى وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى احتواء تداعيات مطالبته بأن تشمل مفاوضات التسوية مع السلطة الفلسطينية قضية فلسطينيي العام 1948، حيث زعم أن تصريحاته حول «تبادل السكان» تمثل موقفاً شخصياً وليس حكومياً، فيما حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أنه لن يفاوض إسرائيل «يوماً واحداً» في حال استئناف الاستيطان اليهودي في الأراضي المحتلة.
وشنّت سلطة الضرائب التابعة للاحتلال الإسرائيلي، أمس، حملات دهم واسعة النطاق على المحال التجارية في أسواق القدس المحتلة، وبخاصة تلك الموجودة داخل أسوار القدس القديمة. وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» أنّ «قوة معززة من جنود وشرطة الاحتلال صاحبت عناصر سلطات الضرائب في حملتها الواسعة»، مشيرة إلى أنّ «الحملة شملت محالاً تجارية في أسواق خان الزيت، والعطارين، والدباغة واللحامين».
وأضافت الوكالة أنّ «عشرات التجار المقدسيين اضطروا إلى إقفال محلاتهم، خشية دهمها». ونقلت عن عدد من التجار الذين تعرضهم متاجرهم للدهم إنّ هذه الحملة «أثارت الهلع والخوف بين صفوف المواطنين، خاصة أنّ أساليب عناصر سلطة الضرائب بدت أشبه بأسلوب العصابات».
كما شنت عناصر تابعة لبلدية الاحتلال في القدس حملة ضد بسطات الباعة في باحة باب العمود في وسط المدينة المحتلة، حيث صادرت محتوياتها، واقتادت أصحابها إلى مركز تابع للشرطة لتحرير مخالفات مالية عالية بحقهم.
وفي الضفة الغربية، وضع ضابط تنظيم إسرائيلي، مدعوماً بقوة عسكرية، إخطارات على صخرة في منطقة فزعة غرب بلدة دورا في جنوب الخليل تقضي بمصادرة 44 دونماً زراعياً، فيما أخطرت سلطات الاحتلال ثمانية مواطنين في بلدة دير بلوط غربي مدينة سلفيت بوقف البناء في منازلهم قيد الانشاء بحجة «عدم الترخيص»، فيما سلمت مواطناً فلسطينياً إنذاراً بهدم منشأة زراعية وحظائر للمواشي يملكها في بلدة الزبيدات في منطقة الأغوار.
وتزامنت هذه الإجراءات مع هجمات جديدة للمستوطنين استهدفت الفلسطينيين وأرزاقهم على امتداد الضفة الغربية. ففي مدينة الخليل، اقتلع مستوطنون حقلاً للعنب في منطقة البقعة شرق المدينة، كما سلبوا القضبان الحديدية التي يستخدمها المزارعون لرفع العرائش، فيما هاجم مستوطنون متطرفون حقول الزيتون في ريف نابلس الجنوبي حيث قاموا بسرقة الثمار، في حين شن مستوطنون من مستوطنة «يتسهار» هجوماً على ثلاثة حقول زراعية في قرية بورين جنوب مدينة نابلس، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع الأهالي أسفرت عن إصابة فلسطيني بجروح. وفي محافظة بيت لحم، قطع مستوطنون من مستوطنة «العازر» المقامة على أراضي بلدة الخضر 30 شجرة كرمة وعدد من أشجار اللوز في منطقة عين العصافير.
وفي موازاة ذلك، شنت قوات الاحتلال حملة مداهمات أسفرت عن اعتقال ثلاثة فلسطينيين من بلدتي جبع وسيلة الظهر، وثلاثة آخرين على مداخل محافظة الخليل.
يأتي ذلك، في وقت شنت قوات الاحتلال هجوماً جديداً على الأسرى الفلسطينيين في سجن «ريمون» الصحراوي في النقب أسفر عن إصابة 17 أسيراً بجروح وصفت بعضها بالمتوسطة. وقال مدير جمعية «واعد» للأسرى صابر أبو كرش أن «الهجوم البربري استهدف الأسرى ذوي المحكوميات العالية من حركتي فتح والجهاد الإسلامي»، مشيراً إلى أن «الأسرى دافعوا عن انفسهم، وتصدوا للاعتداء عليهم بأجسادهم، وقد ناصرهم في صمودهم أسرى حركة حماس المعزولين داخل السجن أيضا».
في هذه الأثناء، قال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أنّ اقتراحه بأن تجري مفاوضات السلام مع الفلسطينيين على أساس «تبادل الأراضي في مقابل السكان» هي مجرّد رأي شخصي، وليست موقفاً حكومياً. وأشار ليبرمان، بعد لقائه نظيره التشيكي كارل شوارزنبرغ في براغ، «أود أن أؤكد أن هذا هو موقفي الشخصي وليس موقفاً رسمياً لحكومتنا». وأضاف «لا اعتقد أن فكرة إقامة دولة فلسطينية متجانسة من دون وجود يهودي واحد فيها، في وقت تكون فيه إسرائــيل دولة ذات قوميتين يعيــش فيــها أكثر من 20 في المئة من الأقليات، يمكن أن تكون حلاً حقيقياً ثابتاً وطويل الأمد».
واعتبرت لجنة المتابعة العربية في أراضي العام 1948 أن تصريحات ليبرمان «تدل على حالة مرضية مستعصية، فيها خليط من أمراض الجهل والحقد والعنصرية والغباء»، مشيرة إلى أن «الصمت الإسرائيلي الرسمي على هذه التصريحات يدل على أن السكوت علامة الرضا».
عباس
إلى ذلك، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في حديث للصحافيين على متن الطائرة التي أقلته إلى نيويورك حيث سيشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، «سنواصل المفاوضات ما دام الاستيطان متوقفاً في الأراضي الفلسطينية، لكنني غير مستعد للتفاوض يوماً واحداً في ظل الاستيطان». وأضاف عباس إنه «لا يعارض تجميداً للاستيطان لمدة شهر أو شهرين» بعد انتهاء فترة التجميد الحالية في 26 أيلول الحالي، معرباً عن اعتقاده في إمكان «التوصل إلى اتفاق حول كافة قضايا الحل النهائي خلال فترة تجميد الاستيطان في حال تم تجديده».
وجدد عباس رفضه مطلب إسرائيل الاعتراف بها كـ«دولة يهودية»، قائلاً «إذا أرادوا تسميتها امبراطورية إسرائيل اليهودية الصهيونية العظمى فليطلقوا على أنفسهم تسمية كهذه، أما نحن فملتزمون بنص وثيقة أوسلو، الذي ينص على اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بحق إسرائيل في الوجود، في مقابل اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني».
من جهة ثانية، نقلت وكالة «معاً» المستقلة عن عباس أنه «قلق من المعلومات التي تفيد بأنّ إيران تدفع مليون دولار عن كل عملية تنفذ من أراضي السلطة الفلسطينية»، واصفاً العمليات الأخيرة للمقاومة بأنها «عمليات سياسية موجهة لأغراض سياسية، ولسرقة القرار السياسي الفلسطيني المستقل».
إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض عشية اجتماع للمانحين في نيويورك أن السلطة الفلسطينية بحاجة إلى نصف مليار دولار لتغطية العجز في الميزانية للعام 2010. وقال، إثر لقاء مع وزراء عرب وعدوا بتقديم مساعدات مالية، «نحن بحاجة إلى حوالى نصف مليار دولار حتى نهاية السنة لموازنة الحسابات»، مشيراً إلى أنه منذ قمة المانحين في باريس في العام 2007، تلقت السلطة الفلسطينية 3,8 مليارات دولار من المجتمع الدولي من أصل 5.7 مليارات دولار وعد المانحون بتقديمها.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد